بغداد - ناس
ملفات عديدة وقضايا متنوعة نتجت عن القمة الثلاثية التي احتضنتها العاصمة بغداد يوم 27 حزيران 2021، وجمعت رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والملك الأردني عبد الله الثاني.
قناة "ناس" على تلكرام.. آخر تحديثاتنا أولاً بأول
وجاءت القمة لتؤكد قدرة العراق على استعادة دوره المحوري في المنطقة، وكسب ثقة الدول العربية والعالمية في تنظيم مؤتمرات ولقاءات عالية المستوى بعد سنوات عجاف.
اقرأ/ي أيضا: ’المشرق الجديد’ ينطلق من العراق: بغداد بانتظار الرئيس السيسي والملك عبدالله
فيما يعبر الوجود العربي ممثلا في مصر والأردن داخل العاصمة بغداد عن رغبة عربية قوية للالتئام مع العراق، فضلا عن كونه جزءا من سياق العمل الناضج لمواجهة تحديات المنطقة السياسية والاقتصادية والصحية وتذليل عقباتها.
مشروع "الشام الجديد"
تركزت القمة الثلاثية حول مشروع "الشام الجديد" الذي جاء ليؤكد سعي العراق لدور محوري في العالم العربي، من خلال وضع مظلات تعاون عربية متعددة تبعا للقرب الجغرافي.
ويهدف المشروع للتعاون بين البلدان الثلاثة في مجالات عدة، أبرزها تزويد العراق لمصر والأردن بالنفط، مقابل مشاركة الشركات المصرية والأردنية في عملية إعادة إعمار العراق، وتزويد العراق بالكهرباء، فيما يعرف بالنفط مقابل الاعمار، إضافة إلى استفادة مصر من فائض قدرات التكرير لديها، لتكرير النفط العراقي وتصديره لأوروبا، فيما ستلعب الأردن دور الممر في أغلب هذه المشروعات.
وتعود جذور المشروع لدراسة أعدها البنك الدولي في آذار 2014، لكن بخريطة جغرافية أوسع.
وطرح المشروع في زمن حكومة حيدر العبادي، ولاحقاً أطلقت الدول الثلاث آلية للتعاون بدأت من القاهرة في آذار 2019، تلتها قمة ثانية في نيويورك في أيلول 2019.
لكن زخم المشروع برز عقب تبنيه من قبل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في زيارته لواشنطن أيلول 2020، ثم خلال الاجتماع الثالث بين قادة الأطراف الثلاثة، والذي جمعه بالعاهل الأردني عبدالله الثاني والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في العاصمة الأردنية عمان بنفس الشهر.
وبحسب مراقبين فان بغداد تحاول تأسيس شراكات عربية متعددة، تعتمد على تكاتف وتشارك مختلف الأقاليم والمناطق العربية، وجعلها منصة للعمل العربي المشترك الواسع.
ومع مشروع الشام الجديد وهذا التعاون الثلاثي مع مصر والأردن، ثمة توجه عراقي لتوسيع شراكاته مع المنظومة الخليجية في سعي لتشكيل جملة منظومات تكامل عربية بين مجموعات قليلة العدد من الدول في كل منظومة، وبما يسهم في التأسيس لمنظومة تعاون عربية شاملة وجامعة.
أقرأ/ي أيضا: الرئاسة المصرية تصدر بياناً على هامش القمة الثلاثية في بغداد
ربط كهربائي
اتفق قادة الدولة الثلاث على ضرورة تعزيز مشروع الربط الكهربائي وتبادل الطاقة الكهربائية بين الدول الثلاث وربط شبكات نقل الغاز بين العراق ومصر عبر الأردن وإتاحة منفذ لتصدير النفط العراقي عبر الأردن ومصر من خلال المضي باستكمال خط الغاز العربي وإنشاء خط نقل النفط الخام (البصرة-العقبة)، والتعاون في مختلف مجالات مشروعات الطاقة الكهربائية والطاقة المتجددة والبتروكيماويات وبناء القدرات وتبادل الخبرات، والعمل على تهيئة مناخ الاستثمار لدعم شركات القطاع الخاص لتنفيذ المشروعات في الدول الثلاث.
تعاون اقتصادي
يمثل الملف الاقتصادي ملفا رئيسا في مقررات قمة بغداد لما تتمتع به الدول الثلاث من ثقل سكاني كبير، يصل لحدود 40% من عدد سكان الوطن العربي، مما يجعل منها سوقاً واسعة وكبيرة.
ويتطلع العراق أن تكون له نافذة على البحر الأحمر ومن ثم البحر الأبيض المتوسط لتصدير النفط ليكون قريباً من الأسواق الأوروبية، فضلاً عن إمكانية أن يكون هناك تعاون مع مصر في قطاع الإسكان لتخفيض كلف الوحدات السكنية من خلال نقل الخبرات المصرية في التعامل مع العشوائيات وتطوير المدن وإنشاء مدن جديدة.
من الممكن للقاهرة أن تلعب دوراً بان تكون بوابة من القارة الأفريقية إلى آسيا عبر منظومة الأردن والعراق، لا سيما أن طريق الحرير سيكون هو النافذة لربط آسيا بأوروبا بحكم الموقع الجغرافي الذي تلعبه كل من بغداد وعمان، مما سيؤدي إلى تحويل مسار التجارة العالمية باتجاه العراق من خلال بوابة الأردن.
اقرأ/ي: أيضا: كلمة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في القمة الثلاثية
تعاون زراعي
عبر مذكرة تفاهم اقترحها الأردن، وفي المجال الزارعي عبر استكمال مشروع إنشاء شركة إقليمية لتسويق المنتجات الزراعية وتوقيع بروتوكول التعاون في المجالات الزراعية.
في مجال النقل
اتفق القادة على التعاون في مجال النقل من خلال ما تم الاتفاق عليه مسبقاً حول نقل المسافرين بين الدول الثلاث بتذكرة شاملة موحدة وتسهيل إجراءات منح تأشيرة الدخول فيما بينها، كما اتفقوا على توأمة الأكاديميات البحرية بين الدول الثلاث.
الأمن المشترك
لا يزال تنظيم داعش يمثل تهديدا لكل من العراق ومصر على حد سواء، فضلاً عن وجود جماعات متشددة ومتطرفة إلى حد ما في الأردن، مما يتطلب تنسيقاً أمنياً بين الدول الثلاث.
حيث اتفق القادة الثلاث على التنسيق الأمني والاستخباري بين الدول الثلاث لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والمخدرات، وتبادل الخبرات في مجال الأدلة الجنائية ومكافحة الجريمة الإلكترونية والتسلل، ومواجهة كل من يدعم الإرهاب بالتمويل أو التسليح أو توفير الملاذات الآمنة والمنابر الإعلامية".
قضايا إقليمية
ما يتعلق بالقضية الفلسطينية: تضمن البيان الختامي للقمة الثلاثية التشديد على ضرورة وقف إسرائيل جميع الإجراءات التي تقوض فرص تحقيق السلام، بما فيها تلك التي تستهدف تغيير الوضع التاريخي والقانوني في القدس.
مؤكدين أن "حل الصراع على أساس قرارات الشرعية الدولية هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والشامل والدائم في المنطقة".
وتوقفت مفاوضات السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي منذ 2014، جراء رفض إسرائيل وقف الاستيطان وعدم قبولها حدود ما قبل حرب حزيران 1967 أساسا لحل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية).
وشددوا على "ضرورة وقف إسرائيل جميع الإجراءات التي تقوض فرص تحقيق السلام العادل، بما فيها تلك التي تستهدف تغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية".
وأشادوا "بالدور المصري في إنهاء جولة التصعيد الأخيرة في غزة، ووقف العمليات العسكرية الإسرائيلية، وأعربوا عن تقديرهم للجهود المصرية الحثيثة لتثبيت وقف إطلاق النار".
كما رحب القادة "بالإعلان المصري عن مبادرة إعادة إعمار غزة لرفع المعاناة عن سكان قطاع غزة، في إطار الجهود الدولية المبذولة في هذا الصدد".
أزمة المياه مع شمال أفريقيا: أكد القادة على ضرورة الامتناع عن القيام بأي إجراءات أحادية، بما في ذلك الاستمرار في ملء سد النهضة، دون التوصل لاتفاق عادل وشامل وملزم قانونا حول قواعد ملء وتشغيل السد، وبما يحقق مصالح الدول الثلاث ويحفظ الحقوق المائية لمصر والسودان.
وتصر اثيوبيا على تنفيذ ملء ثانٍ للسد بالمياه، في تموز و آب المقبلين، في حين تتمسك مصر والسودان بالتوصل أولا إلى اتفاق ثلاثي، للحفاظ على سلامة مشآتهما المائية، ولضمان استمرار تدفق حصتهما السنوية من مياه نهر النيل.
الأزمة الليبية: رحب الزعماء الثلاثة بتشكيل الحكومة الليبية الجديدة المؤقتة وبالتقدم المحرز، وأكدوا على ضرورة خروج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، وبما يساهم في استعادة سيادتها ووحدة أراضيها واستقرارها".
ويشار إلى أن القمة الثلاثية حظيت بترحيب عربي كبير، حيث أكد رئيس البرلمان العربي عبد الرحمن العسومي أنها قمة استثنائية من حيث توقيتها وأهميتها، لاسيما وأنها جاءت في وقت تحتاج فيه الدول العربية بشدة إلى دعم وترسيخ آلية التشاور والتنسيق تجاه القضايا محل الاهتمام المشترك، على نحو يخدم مصالح الشعوب العربية، ويحقق تطلعاتها في الأمن والتنمية والاستقرار، وانها تساهم في تعزيز وترسيخ الحاضنة العربية للعراق.