يس عراق: بغداد
أكد ممثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في العراق (الفاو)، صلاح الحاج، أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت على مستوى العالم بنسب تتراوح بين 5 إلى 20% “وهذه المشكلة لا تقتصر على العراق فقط”، عازياً ذلك إلى عدة أسباب منها التغيير المناخي والجفاف وتدهور قيمة العملات المحلية وانتشار جائحة كورونا وارتفاع أسعار النفط وما رافق ذلك من زيادة تكاليف الشحن.
وقال الحاج في تصريحات صحفية، إنه “لا بد من الإشارة إلى أن هنالك مشكلة جفاف على مستوى العالم ككل، ومنها جزء من الولايات المتحدة والبرازيل والأرجنتين وهذا أدى إلى عدم تحقيق مستويات الإنتاج المتوقعة خاصة إذا ما تحدثنا عن الذرة والقمح والشعير والصويا، وهذه المحاصيل العالمية”.
وأشار إلى وجود “طلب أكثر من بعض الدول مثل الصين، وبالتالي قلة الإنتاج وزيادة الطلب بحدود 5 أو 6% أدى إلى زيادة الأسعار المنتجات الأساسية ومنها الحبوب، وهذا سبب أساسي يرتبط بالتغيير المناخي ليس على مستوى العراق فقط بل هو عالمي وهذا انعكاس مباشر لهذه المتغيرات، وتأثيرها على الإنتاجية”.
وتابع أن “السبب الثاني يتعلق بزيادة تكاليف الشحن وهذا عنصر أساسي في الطاقة حيث ارتفعت أسعار النفط خلال الأشهر الماضية، ففي شهر أيار الماضي وجدنا ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية تراوحت بين 5 إلى 20%، ورافق ذلك استعمالات أخرى لبعض المنتجات مثل الزيوت النباتية التي تستخدم كمصدر للطاقة في جزء اساسي من العالم وأوروبا بشكل خاص”.
وقالت وزارة التخطيط العراقية، في 20 حزيران الماضي، إنها رصدت انخفاضاً بأسعار المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية بنسبة (0.3%) وارتفاعاً بمعدل التضخم خلال أيار المنصرم، بنسبة بلغت (0.04%)”، بعدما شهدت الأسعار ارتفاعاً ملحوظاً في شهر آذار الماضي، ما دفع رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، لإصدار العديد من القرارات بهدف إيقاف ارتفاع أسعار المواد الغذائية المنتجة محلياً وكف جشع التجار ومتابعة الأسواق، مبيناً أن “ارتفاع بعض أسعار المواد الغذائية التي تصنّع وتنتج محلياً، محاولة من أصحاب النفوس الضعيفة وبعض الجشعين من التجّار لإرباك الوضع الاجتماعي واستغلال لاقبال المواطنين على المواد الغذائية”.
ولفت ممثل منظمة الفاو في العراق، إلى أنه “في بعض الدول كان هنالك تدني في قيمة العملات ومنها الأرجنتين وهي إحدى الدول المصدرة، حيث تدنت القيمة بنسبة 47% وأدى ذلك إلى التضخم وانعكس ذلك على الأسعار”.
وفي شهر كانون الأول الماضي، قرر البنك المركزي العراقي تغيير سعر صرف الدينار العراقي أمام الدولار ليكون 1470 دينار مقابل الدولار الواحد بعدما كان السعر يقارب الـ1200 دينار، وعلل قراره حينذاك بأن الأزمة المالية التي تعرض لها العراق بسبب جائحة كورونا، وما أسفرت عنه من تدهور أسعار النفط وتراجع الإيرادات النفطية، أدت إلى حدوث عجز كبير في الموازنة العامة واضطرار وزارة المالية إلى الاقتراض من المصارف وإعادة خصمها لدى البنك المركزي وبمبالغ كبيرة، لغرض دفع الرواتب، وتلبية الاحتياجات الإنفاقية الأخرى المتعلقة بالخدمات المقدمة للمواطنين.
وأوضح أن “بعض الدول مثل الهند والبرازيل عانت خلال الأشهر الماضية من الموجة الثالثة من كوفيد 19 وهذا أدى إلى مشاكل كبيرة لها علاقة بلوجستيات الشحن والتصدير وارتباطها بتوريد الغذاء مثل الرز واللحوم وغيرها، فالعراق يستورد الرز من الهند وباكستان وبعدما حصل في الهند توجه أكثر إلى الاستيراد من باكستان لهذا فإن زيادة الطلب انعكس على الأسعار”.
ووصل إجمالي الإصابات بفيروس كورونا في الهند إلى 30545433 حالة، بينها 29658078 حالة شفاء و3987407 وفاة، فيما بلغ عدد الإصابات في العراق 1365211 حالة بينها 1260297 حالة شفاء و17281 وفاة.
وشدد الحاج على أن “هذا التطور العالمي يلقي بظلاله على العراق وعلى كل العالم لأن تغيير الأسعار يكون عالمياً وهذا يؤثر مباشرة على العراق الذي يستورد العديد من المنتجات”.
ومضى بالقول: “في العراق شهدنا جفافاً وقلة أمطار اذا ما قارنا الأمر فإن كمية الأمطار المتساقطة هي الأقل منذ 40 عاماً، وهذا انعكس على الإنتاج المحلي”، مبيناً أن “المشكلة الأساسية انعكست على الأسعار، فلو قارنا الوضع في أيار 2021 مقارنة أيار 2020، فإن هناك زيادات في بعض المنتوجات بالعالم تصل إلى 20% وهذا انعكس على السوق المحلية”.
كما لفت إلى أزمة المياه، بالقول: “موضوع المياه مهم جداً ويجب أن نمارس مسؤولية في استعمال المياه سواء منزلياً أم في الري لنتمكن من تمرير هذه الفترة بأقل أضرار ممكنة”.
وفي 30 أيار الماضي، وصف وزير الزراعة العراقي، محمد كريم الخفاجي، في حديثه لرووداو السنة الحالية بأنها “الأسوأ” من حيث تساقط الأمطار، وفيما أشار إلى أن المشكلة ستقتصر على محافظة ديالى بسبب وفرة الخزين الاحتياطي للمياه، أوضح وجود عدة آليات لمعالجة شحة المياه، ومنها استعمال التقنية الحديثة في نظام الري بالرش والثابت والمحوري.
وحول الفئات الأكثر تأثراً بالغلاء، أوضح الحاج أن “المشكلة تعود إلى أصحاب الدخل المحدود والذين ليست لديهم وظائف، فهم الأكثر تأثراً بشكل مباشر على هذه الشرائح المجتمعية”.
وذكر أن “الأمر الحاصل والذي يرتبط بالسلوك العالمي هو زيادة الأسعار وهو يختلف من مادة لأخرى لكنها مرتبطة ببعضها فعندما ترتفع أسعار الحبوب تلقائياً ترتفع معها كلفة إنتاج اللحوم البيضاء والحمراء في العالم وهذا ينعكس بارتفاع أسعار هذه المواد التي يستورد جزء أساسي منها”.
واختتم قائلاً: “المشكلة تكون على مستوى الأسعار وهذه الزيادات هي التي ستؤثر على إمكانية الفرد الشرائية وتغيير العادات الغذائية في بعض الأحيان يكون سبباً لذلك من خلال استهلاك الكثير من المنتوجات المخصصة مثل الرز واللحم وغيرها ولا بد أن نعيد النظر ببعض استهلاكاتنا المرتبطة سواء بالمياه أو بالمواد الأخرى لتمرير هذه الفترة بأقل ضرر، والموضوع غير مرتبط بالعراق فقط إنما هو موضوع عالمي”.
وفي وقت سابق، قال وزير الموارد المائية في الحكومة الاتحادية، مهدي رشيد الحمداني لرووداو إنه “في كل سنة تنخفض المياه، لأن هناك انتقالة مابين الزراعة الشتوية والصيفية، في هذه الفترة نعمل على تخزين أكبر كمية في خزاناتنا لغرض إطلاقها في موسم الزراعة الصيفية في بداية شهر حزيران”، مبيناً أنه “لا توجد لدينا مشكلة سوى في ديالى بسبب قلة الإيرادات والانقطاع من إيران وتغيير المناخ وقلة الامطار وهذه الحالة استشعرتها الوزارة منذ أكثر 6 أشهر وعملنا على اتخاذ عدة إجراءات، ونفذنا مشاريع ستراتيجية مهمة في وقت قياسي لاسعاف المواطنين، منها تأمين الاسالات لاكثر من 450 الف نسمة، أما بقية محافظات العراق لاتوجد فيها مشكلة، بسبب السياسة التي اعتمدتها الحكومة من تأمين خزين في الخزانات والسدود. ولن نجعل المواطن أن يشعر أن هناك مشكلة في هذا الصيف أو الشتاء القادم”.
شارك هذا الموضوع: