ألترا عراق ـ فريق التحرير
مر نحو 40 يومًا على آخر وعد أطلقته الحكومة العراقية بالكشف عن قتلة الباحث والخبير الأمني هشام الهاشمي، بالتزامن مع مرور عام كامل على اغتياله.
شهد ملف اغتيال هشام الهاشمي الكثير من التفاصيل الغامضة والتصريحات المتضاربة والوعود المتكررة بالكشف عن القتلة
وجاء هذا الوعد في 24 أيار/مايو الماضي على لسان الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول، بالتزامن مع انطلاق حملة شعبية وتظاهرات مطالبة بالكشف عن قتلة المتظاهرين والناشطين، ليكون ضمن أطول سلسلة وعود أطلقتها الحكومة العراقية دون تنفيذ.
اقرأ/ي أيضًا: فيديو من تحقيق أمريكي: ضابط في المخابرات يكشف عن قتلة هشام الهاشمي
الهاشمي والذي كان صديقًا مقربًا للكاظمي وداعمًا للدولة العراقية والحكومة برئاسة الكاظمي، وكان يعقد عليه الرهان في بناء الدولة واستعادتها بحسب ما يروي مقربون وشخصيات مطلعة، تلقى الخذلان الأول من حكومة الكاظمي على شكل رصاصات نارية أودت بحياته، حيث يتمثل الخذلان بعدم أخذ الكاظمي الاحتياطات لحماية مستشاره الأهم، فضلًا عن عدم اتخاذ إجراءات استباقية لمنع الاغتيالات وملاحقة المسلحين، فيما لا يزال الخذلان الآخر مستمرًا والمتمثل بعدم الكشف عن القتلة ومحاسبتهم، وقُتل الهاشمي وهو لم يصب بالإحباط ولم يلحق أن يدرك الخذلان، حيث اغتيل وهو "يحدوه الأمل في إمكانية بناء عراق آخر"، كما وصفته المستشارة السياسية السابقة للقيادة العسكرية الأمريكية في العراق إيما سكاي.
وعلى خلاف قضايا الاغتيال الأخرى، شهد ملف اغتيال الهاشمي الكثير من التفاصيل الغامضة والتصريحات المتضاربة والوعود المتكرّرة بالكشف عن القتلة، ابتدأت منذ اغتيال الهاشمي في 6 تموز/يوليو 2020 وحتى 24 أيار/مايو كآخر تصريح ووعد حكومي بهذا الصدد، حيث قال رسول حينها إن "التحقيقات مستمرة وهناك جهد استخباري كبير لمعرفة تفاصيل قتلة هاشم الهاشمي وإيهاب الوزني وجميع قتلة المتظاهرين، ويجب إعطاء وقت للجهد الاستخباري لإجراء التحقيقات والانتهاء منها".
ومن بين التفاصيل البارزة التي تخللت هذا الملف، أطلق الكاظمي وعدًا بأنه "لن ننام قبل أن يخضع قتلة الهاشمي للقضاء"، العبارة التي ما زال العراقيون يذكرون الكاظمي بها منذ نحو عام كامل، واستمرت التصريحات المشابهة والتفاصيل الغامضة في هذا الملف دون غيره، قبل أن تنشر صحيفة الواشنطن بوست عن أحد مستشاري الكاظمي، في 25 تموز/يوليو 2020، أي بعد نحو 18 يومًا على اغتيال الهاشمي، قوله، إن "تحديد الجهة التي أعطت أوامر اغتيال الهاشمي ربما تفجر الوضع السياسي في البلاد بشكل كبير".
وأضاف مستشار الكاظمي الذي لم تذكر الصحيفة اسمه، أن "الكاظمي يريد إحقاق العدالة لكن يديه مكبلتين""، مشيرًا إلى أن "فتح تحقيق شامل في سبب حدوث ذلك، هو ببساطة أمر خطير للغاية على أي رئيس وزراء هنا".
هل أُحرجت الحكومة من قبل متحدثها؟
وفي 14 أيلول/سبتمبر 2020، أي بعد نحو 50 يومًا على تقرير الواشنطن بوست، قال الناطق باسم حكومة الكاظمي أحمد ملا طلال، في مؤتمر صحفي، إن "الحكومة توصلت لبعض الخيوط لتحديد أشخاص في قضية اغتيال الهاشمي"، قبل أن يخرج الكاظمي في مقابلة متلفزة في 3 تشرين الأول/أكتوبر 2020، مؤكدًا التوصل لبعض الخيوط في قضية اغتيال الهاشمي، قائلًا: "سنختار الوقت المناسب لإعلان النتائج".
وفي 25 تشرين الأول/أكتوبر 2020، عاد المتحدث باسم الحكومي أحمد ملا طلال، لينشر تدوينة مفاجئة على حسابه الرسمي قائلًا: "توصلنا إلى معلومات تخص قتلة هشام الهاشمي، ولا يجوز التصريح بها حفاظًا على سير وسرية التحقيقات"، وهو الأمر الذي شكل صدمة في حينها لكون التدوينة جاءت مفاجئة ودون أن يسبقها أي شيء، ما يوحي إلى أن تطورًا جديدًا وعاجلًا وقع فيما يخص القضية، قبل أن يعود ملا طلال بعد نحو 20 يومًا وفي 16 تشرين الثاني/نوفمبر ليعلن في مقابلة بثتها قناة العراقية الرسمية، عن التعرف على "اثنين من المشاركين باغتيال الهاشمي، وأن هناك جهات قامت بتهريب القتلة إلى خارج العراق، والحكومة تعمل على جلبهم من الخارج".
وبعد هذا التصريح المريب، لم يلبث ملا طلال في وظيفته طويلًا، حيث أعلن بعد 10 أيام من هذه المقابلة وتحديدًا في 26 تشرين الثاني/نوفمبر عن استقالته من منصب المتحدث باسم حكومة الكاظمي.
كان هشام الهاشمي يعمل على ملف ضخم لتصنيف ألوية وأعداد أفراد الحشد الشعبي وولاءات كل لواء أو فصيل عسكري داخل جسد هيئة الحشد الشعبي
وبعد مرور نحو 5 أشهر، ظهر الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول في تصريح متلفز أثار الجدل والتساؤلات حول ما إذا كانت تصريحات الملا طلال من "اجتهاداته الشخصية"، عندما أجاب رسول على سؤال وجه له حول ملف قتلة الهاشمي ومرور فترة زمنية طويلة على آخر مرة تحدث فيها المتحدث السابق للحكومة أحمد ملا طلال عن التوصل لـ"خيوط"، قبل أن يجيب رسول متسائلًا: "لماذا لم يكشف ملال طلال الأسماء إذن؟"، الإجابة التي أوحت للجميع احتمالين، الأول هو أن ما تحدث به ملا طلال لا يمثل الموقف الرسمي للدولة حينها، أو أن الحكومة وبعد استقالة ملا طلال بعدة أشهر، حاولت أن تهدم التطورات والمعلومات التي تحدث بها ملا طلال في حينها، لتبقى القضية مفتوحة ومجهولة التفاصيل كغيرها من قضايا الاغتيال والقتل.
اقرأ/ي أيضًا: لماذا حذف المتحدث باسم الكاظمي تدوينة عن قتلة هشام الهاشمي؟
وأجرى "ألترا عراق" اتصالات بالإعلامي أحمد ملا طلال والمتحدث السابق باسم الحكومة، حول ردوده على محاولة التقليل من أهمية المعلومات التي كشفها عندما كان متحدثًا باسم الحكومة، إلا أن محاولات الاتصال باءت بالفشل، خصوصًا وأن ملا طلال يعيش لحظات الاستشفاء من حادث سير وقع أثناء قيادته عجلته على الطريق بين محافظة واسط وبغداد قبل نحو أسبوعين.
كتائب حزب الله المتهم الأول
قتل الهاشمي بعد جولة من التصريحات والظهور الإعلامي كباحث في الشان الأمني للحديث في ملف استهداف المنشآت وأماكن تواجد القوات الأجنبية في البلاد، فضلًا عن أنه كان يعمل على ملف ضخم لتصنيف ألوية وأعداد أفراد الحشد الشعبي وولاءات كل لواء أو فصيل عسكري داخل جسد هيئة الحشد الشعبي، وعن ازدواجية التعامل بين كونها قوات رسمية تتبع القائد العام للقوات المسلحة، وبين سلوكها بادعاء أنها "فصائل مقاومة"، والتي عدّ عملها فوق شرعية الدولة، وهو "السلوك المزدوج" الذي ما زالت هذه الفصائل تمارسه حتى الآن، كان آخرها ـ وفقًا لمتابعين ـ في الاستعراض المسلح على أبواب المنطقة الخضراء على خلفية اعتقال آمر لواء الطفوف قاسم مصلح وفق مذكرة 4 إرهاب، إلا أنه تم إطلاق سراحه فيما بعد من قبل القضاء لـ"عدم كفاية الأدلة".
وعقب مقتل الهاشمي، نشر القيادي المعمم المنشق من التيار الصدري والناشط السياسي البارز غيث التميمي، محادثات سابقة بينه وبين الهاشمي، كشف فيها الهاشمي عن تعرضه لتهديدات بالتصفية من قبل كتائب حزب الله، فيما طلب حينها مساعدة التميمي حول كيفية التعامل مع هذا التهديد.
وتعد كتائب حزب الله الجناح العسكري الأول المتهم بنشاطات قصف المنشآت الحكومية التي تتواجد فيها قوات أجنبية، واستخدام الصواريخ داخل المدن والتي تسببت في أكثر من مرة من السقوط على منازل وشقق سكنية وأسقطت عددًا من الضحايا المدنيين العراقيين.
اقرأ/ي أيضًا:
المتحدث باسم الكاظمي: قتلة هشام الهاشمي هربوا إلى خارج العراق
الحكومة العراقية تعلن تحديد أشخاص على صلة باغتيال هشام الهاشمي