كتب احمد سعداوي:
يعرف الأصدقاء المقرّبون محنتي مع الأسماء المتشابهة.
بسبب الاسم الثلاثي المتشابه تشابكت الدرجات في الوثائق الدراسية عدّة مرّات.
وبسبب التشابه مع أسماء عشرة مجنّدين تأخر تسريحي من الجيش شهراً كاملاً. [ أحدهم له إسمي الرباعي! ]
.
أما أكثرها إزعاجاً هو ذلك الارهابي الذي فجّر سيارة مفخخة في سوق شعبي في مدينة الديوانية عام 2005 والذي عرّضني للتوقيف أكثر من مرّة أمام السيطرات الأمنية في بغداد. بل إنني صرت أحمل في حقيبتي بعض الصحف والمجلات التي تنشر صوري كي أعرّف الجندي في السيطرة أنني لست المطلوب.
حتى إني، وبسبب نصيحة من أحد الضبّاط، اضطررت للذهاب الى الديوانية مع صديقي علي السومري، وتقديم طلب هناك في مديرية جرائم الإرهاب، ثم صعدت محكمة وجرى تزويدي بكتاب يثبت أنني لست المطلوب.
ولكن هذا الكتاب كان يثير ارباك رجال الأمن أكثر، كلما عرضته عليهم، ويستغرقون في قراءته، ما يجعلهم أكثر تركيزاً وتدقيقاً.
لذلك توقّفت لاحقاً عن إظهاره، وعوّدت نفسي على تحمّل دقائق التأخير والأخذ والردّ قبل “إطلاق سراحي”.
.
حلّ معضلة الأسماء المتشابهة يكون في تعميم الإسم الرباعي واللقب وإسم الأم في كل المعلومات الأمنية، وتوحيد مراجع المعلومات لدى الأجهزة الأمنية والمؤسسات الحكومية المختلفة.
وأيضاً التحديث المستمر للوقائع التي تخصّ المطلوبين، فيتم حذف من يلقى القبض عليه أو يحصل تحديث قضائي على إسمه.
البطاقة الموحّدة الحالية لا تحوي سوى الإسم الثلاثي. ولهذا حتى في مطار بغداد كنت أتأخر دائماً بسبب القيد في الحاسبة على إسمي، وصرت أحمل نسخة من البطاقة الموحّدة لوالدي لأنها تحوي إسم والد جدّي “سعد”. الذي ينقذني غالباً من تشابه الأسماء.
.
في كل المجتمعات هناك محنة تشابه الأسماء بسبب التفضيلات الاجتماعية لأسماء معيّنة ولتركيبة معيّنة من أسماء الأبناء والآباء والأجداد.
لكن هذه المجتمعات، الحديثة منها تحديداً، لا تقتل المشتبه بهم بسبب تشابه الأسماء. ولا تقوم بتعذيبهم قبل التأكد من هوياتهم. ولا تقوم بأي إجراء، حتى ولو إهانة لفظية، قبل أن يقرّر القضاء موقف القانون منه.
.
في المجتمعات الحديثة هناك إدارة للمعلومات الخاصّة بالأفراد بحيث يكون إسمك في الوثائق الرسمية مثل بصمة إبهامك، لا يشبهها شيء، ويتقلّص هامش الاشتباه الى حدود ضيّقة جداً.
.
في المجتمعات الحديثة هناك احترام للإنسان، والحكومة وأجهزتها تعمل في خدمة المواطن ومن أجله.
شارك هذا الموضوع: