هل تتمكن القوات العراقية من ضبط الحدود مع تركيا؟

آخر تحديث 2021-08-12 00:00:00 - المصدر: NRT عربية

اثار قيام مجموعات من قوات حرس الحدود العراقي بإستحداث نقاط عسكرية حدودية جديدة مؤخرا ورفعها للعلم العراقي الذي بات يرفرف في الجبال التي لم تنعم بالهدوء طيلة السنوات السابقة بسبب المعارك بين القوات التركية وعناصر حزب العمال الكوردستاني "بي كا كا" ، تساؤلات بشأن امكانية القوات العراقية من ضبط الحدود مع تركيا.

وقد اقامت قوات حرس الحدود العراقية في الرابع من الشهر الجاري 4 نقاط عسكرية جديدة على الشريط الحدودي مع تركيا شمالي محافظة دهوك، في خطوة تأتي بعد أشهر من المعارك المستمرة بين القوات التركية ومسلحي العمال الكردستاني.

وقال المتحدث باسم قوات حرس الحدود إياد برواري في حديث صحفي، إن "قوات من حرس الحدود التابعة للحكومة الاتحادية تمركزت في منطقة (ملاجبرا) الإستراتيجية المطلة على قريتي هرور وكيستة بناحية كاني ماسي التابعة لقضاء العمادية بمحافظة دهوك".

وتشهد قرى عديدة في منطقة كاني ماسي في محافظة دهوك ومن بينها قريتا هرور وجلكي قصفا تركيا متواصلا ضد مجاميع لمقاتلين من حزب العمال الكردستاني، في الوقت الذي تحاول فيه قوات حرس الحدود العراقية السيطرة على مواقع إستراتيجية في هذه المنطقة لإعادة الأمن والاستقرار وطمأنة السكان المحليين.

ويتخذ حزب العمال الكردستاني منذ سنوات طويلة من سلسلة الجبال الفاصلة بين العراق وتركيا منطلقا لشن هجمات تستهدف الجيش التركي، ورغم العديد من العمليات العسكرية التي شنتها تركيا في المنطقة غير أن الوضع الأمني فيها ما يزال متذبذبا.

تعداد القوات

من جانبه قال جبار ياور الأمين العام لوزارة البيشمركة الكردية التابعة لإقليم كردستان، أن جميع قوات حرس الحدود المنتشرة على طول الحدود بين إقليم كردستان وبين تركيا وإيران تتبع لقيادة قوات حرس الحدود التابعة لوزارة الداخلية الاتحادية.

وتابع ياور، أن "قوات البيشمركة التابعة لإقليم كردستان ليس لديها انتشار عسكري على طول حدود الإقليم مع تركيا وان قوات حرس الحدود في الإقليم تتبع الحكومة الاتحادية وتتبع المنطقة الأولى في قوات حرس الحدود"، لافتا إلى أن "هناك 3 ألوية حرس حدود في الإقليم في كل من محافظات دهوك وأربيل والسليمانية ومقرها الرئيسي في محافظة أربيل مركز الإقليم."

واوضح، أن "عديد هذه القوات في الإقليم يربو على 9 آلاف عسكري ويرتبطون بالحكومة الاتحادية من حيث القيادة والتسليح والإدارة والرواتب"، مبينا أنه "لم يحدث قتال مباشر بين قوات حرس الحدود ومسلحي حزب العمال الكردستاني باستثناء بعض الاشتباكات المحدودة".

أما عن القوات التي انتشرت مؤخرا في أعالي دهوك، فأكد ياور أن "انتشار هذه القوات يأتي في إطار استحداث نقاط جديدة في مناطق لم يكن فيها انتشار لقوات البيشمركة أو حرس الحدود الاتحادي".

دلالات الانتشار

وفي تفاصيل أخرى، يقول كفاح محمود المحلل السياسي الكردي والمقرب من دوائر صنع القرار الكردي، إن "القوات العراقية المتمثلة بحرس الحدود بدأت انتشارها في المنطقة منذ أبريل/نيسان الماضي بعد تصاعد الصراع بين القوات التركية وحزب العمال الكردستاني".

واضاف محمود، أن "الانتشار جاء بعد التفاهمات بين بغداد وأربيل على اعتبار أن مسألة الحدود تتبع الحكومة الاتحادية لفرض سيادتها على الحدود المشتركة مع تركيا، بعد أن أجبر سكان نحو 500 قرية كردية في أعالي محافظة دهوك على ترك قراهم بسبب المعارك والقصف.

استعراض عسكري

وعن دلالات هذا الانتشار وفيما إذا كان سيفضي لنوع من استعادة الأمن أو الهدوء، يعلق محمود "لا أعتقد أن هذا الانتشار سيعزز الأمن في المنطقة، وهو لا يخرج عن كونه استعراضا عسكريا، إذ إن مشكلة المنطقة أكبر من قدرات حرس الحدود، وبالتالي، هناك حاجة لتدخل دولي من الأمم المتحدة وحلف الناتو" بحسب تعبيره.

واستبعد محمود إمكانية حل مشكلة الحدود العراقية التركية بالطرق العسكرية، خاصة أن السنوات الماضية من الحرب بين الأتراك والعمال الكردستاني لم تسفر عن وضع حد للصراع بين الجانبين الذي بدأ منذ أكثر من 3 عقود، معتبرا أن طريقة حزب العمال الكردستاني وانتهاجه حرب العصابات يجعل من الصعوبة على قوات حرس الحدود طمأنة الأهالي أو تشجيعهم على العودة لمناطقهم.

ويتفق مع هذا الطرح مدير برنامج الأمن والدفاع في مركز صنع السياسات للدراسات الدولية والإستراتيجية، ماجد القيسي، الذي يرى أن انتشار هذه القوة يأتي مكملا لانتشار سابق في بعض الربايا العسكرية والنقاط في أعالي مناطق محافظة دهوك من أجل مراقبة الحدود.

وأكد القيسي أن هذا الانتشار -لا يتعدى العشرات من الجنود- سيحد من الاستهداف التركي لمناطق وجود القوات الاتحادية العراقية، لكنه في الوقت ذاته لن يوقف التحركات التركية العسكرية في الشريط الحدودي مع تركيا الذي يربو طوله على 331 كيلومترا، وبالتالي وبسبب تباعد نقاط حرس الحدود، فإن هذا الانتشار سيكون محدود التأثير.

أما عن تسليح قوات حرس الحدود المنتشرة على الحدود التركية، يؤكد القيسي أن تسليح هذه القوات ليس كبيرا ولا تملك أسلحة ثقيلة كالجيش، وبالتالي تكمن مهامها في إعطاء إنذار مبكر لأي اختراق حدودي، فضلا عن دورها في مكافحة التهريب، بحسبه.

بدوره، يرى الباحث السياسي غانم العابد أن الانتشار الجديد لقوات حرس الحدود التابع للحكومة الاتحادية يأتي بعد الاتفاقيات بين حكومتي بغداد وأربيل والتي تضمنت قيادة عمليات مشتركة من ألوية تتبع حكومتي بغداد وأربيل.

وأضاف العابد أن هذا الانتشار جاء مكملا لتشكيل قيادة العمليات المشتركة مع الأكراد، وأن الانتشار الأخير جاء بعد إدراك حكومة أربيل أن هناك محاولات إيرانية للوصول للحدود العراقية التركية من خلال وجود حزب العمال الكردستاني ومحاولة الحزب ربط وجوده في الجبال مع وجود قواته في منطقة سنجار (شمال غرب الموصل) على الحدود العراقية السورية.

وكشف العابد أن الانتشار الجديد لقوات حرس الحدود جاء بعد جهود الولايات المتحدة في تشكيل قيادة العمليات المشتركة الكردية الاتحادية التي ضمت كبار الضباط من الجانبين.