بينما تغرق الخطابات والبرامج الانتخابية التي يعرضها مرشحو الانتخابات العراقية بالقضايا والتفاصيل المحلية، فإن ملفات ضخمة تشغل بال القواعد الاجتماعية العراقية، وتنتظر الحلول التي يمكن أن يشرعها البرلمان أو تنفذها الحكومة في مرحلة ما بعد الانتخابات، التي ستجري بعد أقل من 3 أسابيع.
ويبدو ملف المياه أكبر مشاغل الناخبين العراقيين، فخلال العامين الماضيين تزايدت مستويات شح المياه في العراق، سواء المستخدمة في القطاع الزراعي، أو تلك التي يستخدم منها في الحياة المدنية.
وتقدر حاجة العراق بأكثر من 70 مليار متر مكعب من المياه، بينما لا يحصل فعليا حتى على نصف تلك الكمية. الأمر الذي أدى لحدوث حالات عطش وجفاف وتصحر في مختلف مناطق العراق، بالذات في جنوب وشرق البلاد.
الناخبون العراقيون على وسائل التواصل الاجتماعي، ركزوا طوال الأسابيع الماضية على مسألة المياه بشكل استثنائي، معتبرين إن معيار التغيير بالنسبة لهم هو قدرة أي سلطة تشريعية أو تنفيذية عراقية على اجتراح حلول بعيدة المدى في هذا الملف.
الناشط والباحث العراقي شاكر العكيلي، شرح في حديث مع "سكاي نيوز عربية" أهمية هذا القطاع بالنسبة للناخبين والسياسات الحكومية في المرحلة الكاملة: "المياه هي نقطة التقاء أهم مؤثرين في الحياة العامة العراقية، فمن طرف تؤثر على كافة اشكال الحياة اليومية بالنسبة للقواعد الاجتماعية الأوسع في البلاد، حتى أنها صارت تهدد استقرار حياة الملايين منهم. لكنه أيضا ملف سياسي بكل تفصيل فيه، فالحكومة العراقية عبر شحذ إمكانياتها ومؤسساتها للضغط على إيران وتركيا للالتزام بالحقوق الشرعية للعراق بمياه الأنهار المتدفقة منهما إلى العراق، والبرلمان عبر ما قد يفرضه قوانين وتشريعات تنظم مسألة المياه في البلاد".
ويتابع العكيلي حديثه، قائلا: "تشعر القواعد الاجتماعية إن الحكومات العراقية السابقة خضعت للنفوذين الإيراني والتركي في العراق، وعلى حساب حقوق العراقيين الشرعية. كذلك يتهمون البرلمانيين العراقيين في الدورات السابقة بالدخول في صراعاتهم التفصيلية ومصالحهم المحلية، دون الالتفات إلى هذا الملف الذي يهز جوهر حياة العراقيين".
إلى جانب مرشحي الانتخابات، لم تعبر التشكيلات السياسية الرئيسية في البلاد عن تفاصيل خططها وتوجهاتها في ذلك الإطار، سواء فيما ستتخذه تدابير في مواجهة إيران وتركيا، أو تؤيده من قوانين وتشريعات لترتيب المسألة المائية في البلاد.
الأحوال الاقتصادية
إلى جانب المياه، فإن العراقيين يشعرون بقلق بالغ إلى الأحوال الاقتصادية في البلاد، بما في ذلك عجز الحكومة القادمة عن دفع مرتبات أكثر من 6 ملايين عراقي يحصلون على رواتب من الوظائف الحكومية، في ظلال غياب أي بديل آخر.
الجداول التفصيلي للشهور الأخيرة من هذا العام، والتي دلت على إن العراق حصل على أكثر من 25 مليار دولار من الإيرادات النفطية، حتى نهاية شهر يوليو الفائت، فأنها أيضاً وضحت أيضاً إن العائدات غير النفطية العراقية لم تتجاوز 2.3 مليار دولار.
الباحث العراقي شفان رسول شرح في حديث مع "سكاي نيوز عربية" الآليات التي يُمكن للبرلمان أو الحكومة الجديدين أن تعملا عليه لتجاوز هذه العقبة: "معظم التشكيلات البرلمانية أو الحكومية العراقية السابقة كانت ذات نزعة شعبوية. والملف الاقتصادي يحتاج فعليا لاتخاذ إجراءات قانونية وسياسات حكومية غير شعبوية بتاتا، تخفف من كاهل المدفوعات الحكومية، وتحول جزء كبيرا من الخزينة العامة إلى الاستثمار في البنية التحتية وتشجيع الاستثمار والقطاعات الصناعية والزراعية، وهو ما لم يتوفر في أي برلمان سابق مع الأسف".
تملك الحكومة العراقية الحالية بعض التوجهات في ذلك الاتجاه، لكن "عمرها القصير"، وعدم تحليها بكتلة برلمانية مساندة بقوة لها، منع عنها تنفيذ تلك التوجهات فعليا.
N.A