أفاد تقرير لصحيفة نيويورك تايمز بأن عددا من الأيزيديين المفقودين، الذين يقدر عددهم بحوالي ثلاثة آلاف شخص، على اتصال بذويهم، الذين يتفاوضون مع خاطفيهم من أجل استعادتهم لكنهم لا يجدون "الدعم المالي من الحكومات والجهات المانحة الخاصة" لتأمين عودتهم.
وكان "داعش" قد شن حملة إبادة على الأقلية الأيزيدية في منطقة سنجار شمال العراق، لدى استيلائه على أجزاء كبيرة من العراق وسوريا، في عام 2014.
وفي سنجار، قتل مسلحو التنظيم أكثر من ثلاثة آلاف شخص وأسروا نحو ستة آلاف، واستعبدوا جنسيا العديد من النساء والفتيات، قبل تحرير المنطقة في عام 2017.
ويطلب أيزيديون من الحكومة العراقية تسريع الخطى للبحث عن المفقودين واسترجاعهم مع وجود مؤشرات على استمرار تواجدهم في المناطق التي ينشط فيها التنظيم.
ويقول تقرير نيويورك تايمز إنه من المرجح مقتل معظم المفقودين، فيما لايزال المئات منهم على قيد الحياة وهم محتجزون في سوريا أو تركيا.
ويعتقد أن العديد من الناجين يعيشون مع عائلات مقاتلي "داعش" المتوفين، إما في المخابئ أو في معسكرات الاعتقال. ويعتقد أن البعض الآخر محتجز لدى جماعات متشددة مختلفة في سوريا أو تركيا.
ومن بين هؤلاء، نجل أيزيدي ينحدر من سنجار، يدعى عباس حسين، الذي يقوم بالتفاوض منذ أكثر من عام مع مقاتل سابق في "داعش" يعيش في المنطقة الخاضعة للسيطرة التركية في شمال سوريا، من أجل إطلاق سراح نجله الصبي وخمسة من أقاربه الآخرين.
ويقول إن نجله مجبر على العمل في قطاع البناء مقابل دولار واحد في اليوم، وأن الخاطفين يطلبون 9 آلاف دولار عن الستة المحتجزين، لكنه لا يمتلك هذا المبلغ.
ويقول حسين إنه أرسل 600 دولار و1200 دولار على دفعتين للخاطف، لكن هذا لم يكن كافيا لتحريره أو حتى لتمكين ابنه من الاستمرار في إرسال الرسائل إليه.
وقال حسين، وهو عامل عاطل عن العمل، إن الخاطف اتصل به مرة أخرى في الآونة الأخيرة، وقال له: "إذا كنت تريد التحدث إليهم، فعليك أن تدفع لي 300 دولار عن كل مرة"، ورد حسين: "لا أستطيع تحمل ذلك، ولكن دعونا نبقى على اتصال".
ويلفت التقرير إلى رسائل صوتية "مفجعة" أرسلها نجله المختطف منذ سبع سنوات، وهو يسأل عن والدته ويتساءل لماذا لم يكن والده على اتصال به.
وفي الرسائل التي بعث بها في الصيف الماضي إلى والده، يقول الابن إن خاطفه لن يسمح له بإرسال المزيد من الرسائل لأن عائلته لم تدفع المبلغ المطلوب. ويقول: "أبي، إذا لم يكن لديك المال، فلا بأس بذلك. فقط دعني أعرف... سأعمل وأوفر المال وأعطيه له ليتيح لي التحدث معك".
ويشير التقرير إلى فشل الحكومة العراقية في تحرير الأيزيديين، في حين يبذل عبد الله شريم، المنقذ الأيزيدي الذي أعاد ما يقرب من 400 مختطف من الأيزيديين، في الفترة من 2014 إلى 2019، جهودا كبيرة.
وتقول الصحيفة: "على الرغم من أن الأيزيديين مواطنون عراقيون، إلا أن الحكومة العراقية في بغداد لم تشارك أبدا في إنقاذهم، مدعية أنها لا تملك الأموال ولا القدرة".
وتضيف أن الحكومة العراقية "لم تبذل أي جهد منهجي لمحاولة العثور على الأيزيديين المستعبدين داخل المعسكرات في العراق".
ويشير التقرير إلى أن منظمة إغاثة أميركية أعطت الناشط الأيزيدي، عبد الله شريم، خرائط تفصيلية للمدن السورية لمساعدته في البحث عن الناجين الأيزيديين. وخلال خمس سنوات من إدارته لشبكة تهريب، استخدم شريم دعما ماليا من حكومة إقليم كردستان، وتبرعات خاصة وأموالا اقترضها أقارب الأيزيديين المفقودين، من أجل تحريرهم.
وكان رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، قد التقى ناجيات أيزيديات خلال زيارته الموصل، في أغسطس الماضي، ووعدهن بعدم تكرار جرائم "داعش" وضمان حقوقهن التي كفلها "قانون الناجيات" الذي وافق عليه البرلمان وصادق عليه رئيس الجمهورية، برهم صالح، في مارس الماضي.
كان رئيس الجمهورية العراقية قد صادق على قانون "الناجيات الأيزيديات"، بعد أن أقره البرلمان، ويهدف إلى تعويض الناجيات "ماديا ومعنويا، وتأهيلهن ورعايتهن، وتأمين الحياة الكريمة لهن"، فضلا عن اتخاذ تدابير لإعادة تأهيلهن وإعادة دمجهن في المجتمع ومنع مثل هذه الجرائم في المستقبل.
ووعد صالح الأيزيديين، في أبريل الماضي، بمناسبة السنة الأيزيدية الجديدة، بـ"تأمين حقوقهم وعودة النازحين وتحرير المختطفين والمختطفات، وأن نحتفل معهم في العام المقبل وهم في منازلهم آمنين مكرمين".
وأكد الكاظمي، بهذه المناسبة "حرص الحكومة وجديتها على تأمين عودة جميع النازحين ومن ضمنهم أبناء الطائفة الأيزيدية إلى مناطقهم بعد طرد عصابات "داعش" الإرهابية وعودة الاستقرار فيها، ودعم الناجيات والناجين الأيزيديين وتحقيق مطالبهم".
وتابع أن "الحكومة تؤكد مواصلة جهودها لإعادة المخطوفين من النساء والأطفال وأنها لن تدخر جهدا لتحقيق ذلك".