حتى الذين شاركوا في الانتخابات العراقية، لم يسلموا من مساءلة أنفسهم لماذا يكبدون أنفسهم عناء المجيء للتصويت؟
هيمن نوع من اليأس الممزوج بالإرهاق على يوم الانتخابات. فمن مؤيدي التيار الصدري الذي يعد أكبر حزب عراقي (والذي يبدو في نهاية المطاف أنه الفائز في الانتخابات)، إلى أولئك الذين يدعمون الأحزاب الجديدة التي يقودها ناشطون، لم يؤمن أي من الذين قابلتهم بأن تغييرات كبيرة يعتد بها ستُجرى في البلاد، حيث لا تزال البطالة مستشرية، والبنى التحتية تتهاوى بعد سنوات من الصراع والفساد والتدخل الدولي.
وانعكس ذلك في نسبة اقتراع متدنية قياسياً بلغت 41 في المئة فحسب، وهو أمر صب في مصلحة رجل الدين الشيعي المؤثر والمستقل [المنشق] في بعض الأحيان، مقتدى الصدر. فقد حشدت قاعدة مناصريه الأوفياء، وساهمت في منحه 73 مقعداً من أصل 329 مقعداً في المجلس التشريعي، متقدماً بأشواط على تحالف سني أتى، بحسب النتائج المؤقتة، في المركز الثاني، مع تسجيل نحو نصف العدد الذي حققه الصدر.
وانعكس الغضب على الأحزاب الحاكمة من خلال دعم بعض الأحزاب الجديدة بقيادة ناشطين، وأيضاً في رفض الأحزاب التي اعتبرت في المعسكر الموالي لإيران، التي اتهمت الفصائل المسلحة التابعة لها بقمع الاحتجاجات عام 2019، ما استدعى إجراء هذه الانتخابات المبكرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشارت المعلومات إلى أن حزباً جديداً، يقول الخبراء إنه يشير إلى أول غزو رسمي للسياسة المدنية العراقية من خلال "كتائب حزب الله"، التي تعد المجموعة البرلمانية الشيعية الأكثر تشدداً في البلاد، حصد مقعداً واحداً فحسب. فحتى مؤسس الحزب، وهو الرئيس الأمني السابق لـ"كتائب حزب الله"، لم ينتخب.
وفي غضون ذلك، خسر تحالف "فتح" الذي لعب دور المظلة السياسية للميليشيات الشيعية في قوات الحشد الشعبي عشرات المقاعد، بحسب النتائج الأولية [غير الرسمية].
وعلى الرغم من بعض التغيير الحاصل، لا تزال الطريق وعرة [مليئة بالأفخاخ]. فبحسب وسائل الإعلام العراقية، سبق أن أعلن تحالف "فتح" أنه سيطعن في نتائج الانتخابات إلى جانب أحزاب أخرى لم تحقق نتائج جيدة، وألقى باللوم على مشاكل في نظام الاقتراع البيومتري الجديد. ونظراً إلى أن بعضاً من هذه الأحزاب تضم أجنحة مسلحة، فإن طيف الاضطرابات يلوح في الأفق.
ولا شك أن نسبة الاقتراع المنخفضة لن تأتي بالدعم الهائل الذي يحتاج إليه مجلس النواب لخوض المهمة الجبارة التي تنتظره في الدفع بالإصلاحات الطارئة قدماً. وفي هذا السياق، اعتبر كثير من الشباب العراقي الذين يتحملون وزر المصائب والويلات العراقية، بأن النظام انكسر، وهو لم يعد قابلاً للإصلاح. لا أمل للعراق سوى أن يكون هؤلاء على خطأ.
مع فائق الاحترام
بيل ترو، مراسلة الشرق الأوسط