مع إعلان النتائج الأولية للانتخابات العراقية، وعدم حصول فصيل على أغلبية تمكنه من تشكيل الحكومة بشكل منفرد، بدأت التساؤلات حول التحالفات المحتملة، وأسماء الشخصيات المرشحة لرئاسة الحكومة، وبينها رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي.
وبحسب النتائج الأولية للانتخابات، لا يملك أي طرف أغلبية واضحة في البرلمان حتى الآن، لكن التيار الصدري، حصل على أعلى عدد من المقاعد بواقع 73 مقعدا.
وحل حزب "تقدم" بزعامة رئيس البرلمان، محمد الحلبوسي، في المركز الثاني بعد أن حصد 37 مقعدا، ليقصي تحالف الفتح التابع للحشد الشعبي، الذي كان القوة الثانية في البرلمان المنتهية ولايته بـ48 مقعدا، لينخفض نصيبه في هذه الدورة إلى نحو 17 مقعدا.
وحلت كتلة دولة القانون، برئاسة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، في المرتبة الثالثة بحصولها على 34 مقعدا، ثم الحزب الديمقراطي الكردستاني بـ 32 مقعدا، وجاء حراك الجيل الجديد بـ9 مقاعد.
ويرى رئيس مركز التفكير السياسي في العراق، إحسان الشمري، أن اختيار رئيس الحكومة القادم سيعتمد بشكل كبير على الضغوط التي يتعرض لها مقتدى الصدر للعودة البيت السياسي الشيعي.
ويضيف الشمري، في تصريح صحفي، أن من الممكن أن يشكل الصدر تحالفا يشارك فيه نحو 80 بالمئة من القوى السياسية الشيعية، مشيرا إلى أنه قد ينجح في التفاهم مع تحالف "قوى الدولة" بقيادة رجل الدين عمار الحكيم، ورئيس الوزراء الأسبق، حيدر العبادي، ومع رئيس تحالف الفتح، هادي العامري.
لكنه أكد أنه من المستعبد أن يحدث توافق بين الصدر والعصائب أو كتائب حزب الله، المواليين لإيران، متوقعا إمكانية تحالف هذه القوى مع المالكي.
سيناريوهان محتملان
من جانبه، يتحدث الباحث في مركز "كارنيغي" للأبحاث حارث حسن، في تصريحات لوكالة فرانس برس، عن سيناريوهين محتملين.
السيناريو الأول يتمثل في "إحياء (التحالف الشيعي)، إذا بذلت جهود لإقناع أو إرغام الصدر على القبول بصيغة جديدة لتقاسم السلطة، مع مرشح تسوية كرئيس للوزراء، واتفاق على بعض (المبادئ الإصلاحية)، مثل مستقبل وهيكلية الحشد الشعبي"، بحسب قوله.
ويشير مصدر، في تحالف "الفتح" لفرانس برس، إلى أن "قادة بارزين في الفتح اقترحوا على ممثل للتيار الصدري الدخول في تحالف مع كيانات شيعية بينها الفتح في البرلمان بغية تشكيل الحكومة المقبلة"، لكن ممثل التيار لم يرد على الاقتراح.
والسيناريو الثاني هو تحالف الغالبية. وفي هذا السياق، يقول حسن إن "هذا السيناريو محتمل ما لم يخضع الصدر لضغوط من منافسيه الشيعة". وبالتالي، قد "يتجه إلى التحالف مع زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني وزعيم تحالف (تقدّم) السني محمد الحلبوسي وأحزاب صغرى". ومثل هذا السيناريو سيؤدي الى تشكيل حكومة بسهولة.
وذكر مصدر في التيار الصدري شريطة عدم الكشف عن هويته ، استبعد أن يتحالف التيار الصدري مع القوى الشيعية، مؤكدا أن التيار لا يتعرض لأي ضغوط للعودة إلى البيت الشيعي، وأرجع ذلك إلى فوز التيار بأعلى عدد من المقاعد، مما يجعله في موقف قوي، حسب قوله.
وأضاف المصدر، "من الواضح أن التيار سيتحالف مع القوى السنية والمستقلين والحزب الديمقراطي الكردستاني". وأشار إلى أن بعض المستقلين انضموا إلى الكتلة الصدرية بالفعل، وهو ما يعطي التيار الأغلبية التي يحتاجها لتشكيل الحكومة.
لكن الباحثة في "مجموعة الأزمات الدولية"، لهيب هيغل، تقول في تصريحات لفرانس برس، إن التيار الصدري "لا يستطيع أخذ الدعم فقط من الأحزاب السنية والكردية، بل ينبغي أن يبدأ التوافق من البيت الشيعي أولاً".
ويرى حسن أن هذين السيناريوهين لا يلغيان احتمال حصول "تصعيد نحو نزاع مسلح وفوضى" في بلد تمتلك فيه غالبية الأحزاب أجنحة عسكرية.
من هو رئيس الحكومة القادم؟
أما عن رئيس الحكومة القادم، فيقول الشمري إن الكاظمي هو الأوفر حظا حتى الآن. وأوضح أنه يمكن أن يستمر في منصبه من خلال تحالف الصدر مع الحلبوسي والبارزاني.
ولفت إلى أن الميليشيات الموالية لإيران هي من تحاول إبعاد الكاظمي. لكنه أكد أنه في ظل هذا الاستقطاب من الصعب التوافق على رئيس للحكومة.
ويتفق حسن مع الشمري، قائلا: "لا يزال مصطفى الكاظمي يملك حظوظاً قوية للبقاء في المنصب".
بدوره، أكد المصدر في تيار الصدر لموقع "الحرة" أن اسم رئيس الوزراء القادم ليس واضحا حتى الآن، لأن الطعون على الانتخابات لم يتم البت فيها، بالإضافة إلى أن عملية الاختيار تحتاج إلى استقرار تحالفات وتوافقات.
رغم ذلك، استبعد المصدر أن يكون الكاظمي رئيس الوزراء لفترة ثانية دون أن يوضح الأسباب، مضيفا: "نعم، الكاظمي شخصية توافقية، جاءت بعد سقوط الحكومة السابقة، لكني استبعد أن يكون رئيسا للحكومة في دورة ثانية".
ولا يملك الكاظمي حزبا، وهو ليس نائبا منتخبا. وترى هيغل أن هذه صفات "ملائمة"، لأن ذلك لا يضع الأحزاب في الواجهة مباشرة. وتضيف "ربما قد يقع الاختيار على شخص معروف في الوسط السياسي العراقي لكن لا يملك انتماء سياسيا واضحا".
ورغم تراجعها، لا تزال القوى الموالية لإيران قادرة على تعزيز موقعها من خلال تحالفات أو انضمام مستقلين إليها، بالإضافة إلى نفوذها الناتج عن دعم طهران والسلاح، إذ يمكن أن تتحالف مع كتلة "دولة القانون" بزعامة المالكي، بحسب فرانس برس.
ورغم أن مقتدى الصدر كرر مرارا رغبته في تعيين رئيس وزراء من تياره، فإن هيغل من "مجموعة الأزمات الدولية" ترجح أنه سيرضى بغير ذلك في نهاية المطاف، لأن رئيس الحكومة القادم "لا بد أن يكون مرشح توافق"، بحسب تعبيرها.