الخلاف حول نتائج الانتخابات في العراق ينذر بأزمة اقتصادية كبيرة

آخر تحديث 2021-11-05 00:00:00 - المصدر: اندبندنت عربية

تتزايد المخاوف يوماً بعد آخر من حدوث أزمة اقتصادية كبيرة في العراق نتيجة التأخير في إقرار الموازنة لعام 2022، وذلك بسبب الصراع السياسي الدائر حول نتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة التي جرت أخيراً. وتتجه البلاد نحو انسداد سياسي سينتج عن التأخر في تشكيل الحكومة الجديدة وتسمية الرئاسات الثلاث.

ملامح موازنة 2022

وكشفت وزارة التخطيط العراقية، الاثنين الماضي، عن ملامح موازنة عام 2022، وحددت الفئات التي ستتضرر رواتبها في حال تأخر إقرارها. وقال وكيل الوزارة، ماهر حماد، إن "الرواتب المستمرة للموظفين على الملاك الثابت لن تتأثر في حال تأخر إقرار الموازنة المقبلة، أو حتى في حال عدم إقرارها، لكون نسبة 1 على 12 ستغطي المبالغ"، موضحاً أن "قانون الإدارة المالية نص على أنه في حال عدم إقرار الموازنة يكون الصرف للنفقات الحالية بنسبة 1 على 12 من الموازنة السابقة، أما النفقات الاستثمارية فتتعامل وفق نسبة الإنجاز لكل مشروع على حدة، وهذا يسمى موازنة مسودة تخصيص المقترح"، مبيناً أن "سعر النفط حدد في الموازنة المقبلة بـ60 دولاراً للبرميل". وأضاف حماد أن "تأخير إقرار الموازنة قد يؤثر على التخصيصات الإضافية في نهاية السنة لأغراض العلاوة أو الترقيات، وكذلك الدرجات الوظيفية الجديدة".
وأكد أن "الموازنة في اللجنة المصغرة حالياً لصياغة إطار تحضيري للحكومة، إلا أن مجلس الوزراء الحالي غير مخول بإقرارها، لكنها ستكون مهيأة للحكومة المقبلة بعد تشكيلها"، لافتاً إلى أن "الموازنة فيها نقاط ايجابية، منها توحيد رسوم الجمارك والعمل على إعداد موازنة استثمارية لـ3 سنوات وليس لسنة واحدة لضمان استمرار المشاريع".
وتابع، أن "الموازنة تضمنت أيضاً معالجة للعجز الذي قد يحصل في حال إقرارها، من خلال إعداد موازنة تكون غير معتمدة بالقدر الكبير على النفط كون أن أسعاره متغيرة عادة".
وكان وزير المالية العراقي، علي عبدالأمير علاوي، أعلن في 26 أغسطس (آب) الماضي، إنجاز مشروع موازنة عام 2022، وقرب عرضه على مجلس الوزراء، مؤكداً أن "السياسة المالية للعراق مرت بصعوبات كبيرة".

قانون الإدارة المالية

في السياق، قال مظهر محمد صالح، المستشار المالي لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، إن "الموازنة العامة السنوية هي ثمرة خطة متكاملة لسنة مالية، وتحمل بين طياتها أهدافاً​ اجتماعية واقتصادية، تنموية وتوزيعية عادلة"، لافتاً إلى أن "غياب الموازنة عن توقيتاتها الدستورية يعني غياب رؤية المجتمع الاقتصادي كله في توجيه بوصلة قراراته". وأضاف أن "الإنفاق أو الطلب الحكومي من خلال الموازنة العامة وتوجهاتها تشكل في بلادنا قرابة 40 إلى 45 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ومن ثم ​فإن اتجاهات الطلب الكلي، لا سيما الخاص منه وميوله الاستثمارية والاستهلاكية، تتأثر كثيراً بحركة الموازنة، وتحديداً بعد معرفة أهدافها​​ وثوابتها ومتغيراتها". وزاد المستشار المالي أنه "كلما طال انتظار تشريع قانون الموازنة، زادت درجة اللا يقين لدى متخذي القرار في القطاع الخاص، ما ينعكس على حركة النشاط الاقتصادي عموماً، والاستثماري خصوصاً. وعلى الرغم مما تقدم، فإن النظام المالي قد تحوط لمثل هذه الحالات من خلال تطبيقات قانون الإدارة المالية النافذ ودوره في تنظيم آليات المالية العامة عند تأخر إقرار الموازنة العامة والدخول في السنة المالية الجديدة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح أنه "يطبق في هذه الحالة قانون الإدارة المالية الذي يقوم على مبدأ صرف 1 على 12 من النفقات الفعلية الحالية التي تمت في أشهر السنة المالية السابقة لتصرف على أبواب الانفاق نفسها في السنة المالية اللاحقة، إلى حين تشريع قانون الموازنة العامة الجديدة، وهذا الأمر هو صمام الأمان لضبط الشؤون المالية للبلاد إلى حين إقرار قانون الموازنة".

الخلاف السياسي ثقيل على الملف الاقتصادي

بدوره، رأى الكاتب المتخصص في الشأن الاقتصادي، صالح لفتة، أن "الصراع السياسي والخلاف على نتائج الانتخابات سيترك أثره على العراق ككل، وسيكون ثقيلاً على الملف الاقتصادي بالتحديد، فكما هو معروف، يعتمد اقتصاد العراق على الإنفاق الحكومي بشكل كبير". وأوضح أن "الصراع السياسي سيؤدي إلى تأخير انعقاد البرلمان المسؤول عن إقرار قانون الموازنة العامة للدولة، وما دامت هناك تجاذبات واختلافات فسيكون من الصعوبة التوافق على إقرار الموازنة بسهولة والتفاهم على بنودها والسعر المقرر لبرميل النفط الذي على أساسه تحسب الواردات ومقدار تخصيصات المشاريع والوظائف الحكومية وحصص المحافظات والأقاليم وبالنتيجة تأخير إطلاق موازنة المشاريع الاستثمارية التي بدورها تحرك السوق وتخلق فرص عمل جديدة، وسيترك آثاراً سلبية على الاقتصاد الوطني" .
كما أشار الكاتب الاقتصادي إلى أن "موازنة العراق السنوية تتأخر دائماً ولا يتم إقرارها إلا بعض مضي الشهور الأولى من السنة، لكن هذه المرة الأمر مختلف لأن الاعتراض على النتائج وموعد انعقاد البرلمان الجديد ربما يطول وتنتهي السنة المالية دون إقرار الموازنة، ما سيتسبب بمشاكل وأزمات على المؤسسات الحكومية والأسواق التي ستنعكس بدورها على المواطن البسيط، بالتالي ستزيد نسبة البطالة والفقر وتتوقف عجلة التنمية بالكامل".

الموازنة أداة رئيسة لتنفيذ أولويات الاقتصاد

في الأثناء، اعتبر الباحث الاقتصادي، بسام رعد، أن "الموازنة العامة أداة رئيسة لتنفيذ أوليات الاقتصاد على المدى القريب وتساعد في تحقيق معدلات النمو وتقليل البطالة ورفع المستوى المعاشي. وحددت المادة 11 من قانون الإدارة المالية الاتحادية رقم 6 لعام 2019 – المعدل - منتصف أكتوبر (تشرين الأول) من كل سنة، موعداً لتقديم مشروع قانون الموازنة من قبل مجلس الوزراء إلى البرلمان لمناقشتها وإقرارها، إلا أنه بسبب عدم حسم نتائج الانتخابات الحالية وشكل الحكومة المقبلة بات واضحاً أن موازنة عام 2022 ستتأخر عن التوقيتات الرسمية، وسنذهب مع نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، إلى تطبيق المادة 13 من قانون الإدارة المالية الاتحادية بإصدار وزارة المالية تعميماً بالصرف بنسبة 1/12 فما دون من إجمالي المصروفات الفعلية للنفقات الحالية للسنة المالية السابقة وإلى حين المصادقة على الموازنة العامة".
وقال إن "اعتماد نسبة الصرف 1/12 يترتب عليها أثر سلبي على المستوى الكلي للاقتصاد العراقي والنشاط الاقتصادي وارتفاع نسبة البطالة وعدم إمكانية تنفيذ الموازنة الاستثمارية، ما يؤثر مباشرةً على حالة السوق العراقية والقطاع الخاص بشكل كبير، كون أن القطاع الخاص العراقي ما زال شديد الارتباط بالقطاع العام والإنفاق العام بشقيه الحالي والاستثماري، وهو ما يعني الدخول بمرحلة ركود في الأسواق العراقية".