كتب مهدي البناي:
((نصف المعرفة أخطر من الجهل))
نتخيل أن الارقام أصدق اللغات، لكنها تكذب أحياناً , أو تُوهِم اذا جاءت منقوصة ، او ليست ضمن سياق متكامل ، او لم تُقرأ بعين تحليلية.
تناول الكثيرون مؤخراً تقريراً لتوقعات النمو العالمي صادراً عن صندوق النقد الدولي ، وجاءت نسبة النمو المتوقع في الناتج المحلي العراقي بحدود 10.5 % ، وتمت مقارنتها بمعدلات النمو المتوقعة لدول الخليج وفاقتها جميعاً !! وسُوقت هذه القراءة على انها نصرٌ وتفوقٌ اقتصادي باهر للعراق!!
وفات على الكثيرين امران:
1- ان النفط يشكل حوالي 40% من الناتج المحلي الاجمالي العراقي ، وهذا يعني انه المكون الاساس للناتج المحلي ، وأنه تعرض لضربة كبيرة عام 2020 اذ انخفض بنسبة 46.8% عن ايراداته عام 2019 ، وقاد الى انخفاض بنسبة 24.6% بالناتج الاجمالي . فمن البديهي ان أي تحسن في اسعار النفط سيقود الى تعافي نسب النمو في الناتج المحلي، بعيدا عن اي جهد او نبوغ ، أو كفاءة اقتصادية.
2- ان سنة 2020 لا تصلح اساساً للمقارنة والقياس عليها ، كون النموفيها لم يكن موجباً اصلاً ، وكونها الاسوء اقتصادياً منذ خمسين عاما . حسب التقرير ان النمو سيرتفع بنسبة 3.5% عام 2021، وبنسبة 10.5% عام 2022، وهو الاعلى في دول الخليج ، لكنهم نسوا ان التقرير نفسه ذكر ان الناتج الاجمالي العراقي قد انخفض بنسبة 15.7% وكان الاسوء في دول المنطقة عدا لبنان. ان المعدلات المتوقعة للنمو لو صدقت تكاد لا تُجبر الضرر الذي تعرض له الاقتصاد في سنة الجائحة.
تحليل هذه النسب ، ووضعها في سياقها التأريخي فقط منذ 2019 اذا ما اعتبرناها سنة أساس (السنة التي سبقت الجائحة) وبالمقارنة مع المملكة السعودية مثلا ، نرى انه حتى لوصدقت التوقعات ، وان النمو في الناتج المحلي الاجمالي العراقي سيبلغ 10.5% عام 2020 فانه سيبقى منخفضا عن اجمالي الناتج عام 2019 بنسبة 13.9% (اي لن نستعيد مستوى انتاجنا سنة 2019).
اما في السعودية ، واذا صدقت توقعات صندوق النقد ، فان ناتجها المحلي الاجمالي سينمو فقط بنسبة 4.8% عام 2022 ، لكنه سيبقى منخفضاً بنسبة 4.9% عنه سنة 2019 …
فأي الاداء متفوقاً عن الاخر ؟؟؟
شارك هذا الموضوع: