خطا العراق أولى خطواته لتحويل عقود التراخيص الخاصة باستثمار حقوله النفطية إلى شركات تنظم العمل فيها بهدف زيادة إيرادات العراق وجلب مزيد من الاستثمارات إلى هذا القطاع الحيوي الذي يُعد الحجر الأساس للاقتصاد العراقي.
وتمثلت الخطوة الأولى بموافقة الحكومة العراقية على تأسيس "شركة البصرة للطاقة" التي ستدير حقل الرميلة النفطي القريب من الحدود العراقية - الكويتية والذي اكتُشف لأول مرة في عام 1955 ويُعّد الأكبر على مستوى العراق وينتج حوالي ثلث النفط العراقي ويقع على بعد 50 كيلومتر غرب مدينة البصرة.
وتمكنت جولات التراخيص من رفع انتاج النفط العراقي الذي بلغ أدنى مراحله في عام 2007 بمليون ونصف المليون برميل يومياً ليصل إلى أكثر من 4 ملايين برميل يومياً، بعد قيام هذه الشركات بعملية تطوير شاملة لحقول النفط العراقية في جنوب البلاد في مختلف نواحي هذا القطاع، انتاجاً وتصديراً واستخراجاً.
تمويل مشاريع الحقل
وقال وزير النفط العراقي إحسان عبد الجبار إن شركة طاقة البصرة تضم شركتَي "بي بي" البريطانية و"بتروجاينا"، إلى جانب شركة نفط البصرة وشركة تسويق النفط العراقية "سومو"، مبيناً أن "هذا المشروع هو تأسيس جديد ستتولى فيه الشركة دور المقاول الرئيس في الرميلة، بموجب عقد الخدمة الفنية". وأضاف عبد الجبار في حفل الإعلان عن تأسيس الشركة أن "الهدف من تأسيس هذه الشركة هو تأمين التمويل المستدام لمشاريع تطوير حقل الرميلة النفطي الذي يُعد أحد أهم الحقول النفطية في العراق والعالم بتمويل نشاطاتها"، لافتاً إلى أن "الشركة ستنهض من أرباح ومساهمات الشركات المؤسسة".
مليون و700 الف برميل
من جانبه، قال ممثل شركة البصرة للطاقة زيد الياسري إن "إعلان تأسيس شركة البصرة للطاقة يأتي لتطوير العمل في حقل الرميلة وصولاً إلى انتاج الذروة البالغ مليون و700 ألف برميل". وأوضح أن "تأسيس شركة البصرة للطاقة يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز تمويل تنفيذ خطط الشركة لتطوير الحقل".
الحقل الرابع عالمياً
بدوره، قال مدير عام شركة نفط البصرة خالد حمزة إن "حقل الرميلة يُصنَّف من الحقول الكبيرة في العالم حيث يُعدّ الرابع عالمياً ويبلغ معدل الانتاج الحالي للحقل مليون و450 ألف برميل باليوم"، مبيناً أن "انتاج الحقل يمثل 39 في المئة من الانتاج الوطني لذلك فإن تطوير الحقل له مردودات اقتصادية". وأضاف حمزة أن "شركة البصرة للطاقة ستتمتع بمرونة عالية لتمويل مشاريع تطوير حقل الرميلة وصولاً إلى انتاج الذروة".
ووقّع العراق منذ عام 2009 سلسلة عقود مع شركات النفط العالمية لتطوير حقوله في مناطق جنوب ووسط البلاد لتركز على محافظات البصرة وميسان وواسط وذي قار، ثم توسعت نحو الاستكشاف عن احتياطات نفطية جديدة في محافظات المثنى والنجف والأنبار.
وأشاد خبراء النفط بانشاء الشركة، معتبرين أنها ستعمل على تطوير الحقل وإدخال تقنيات حديثة إليه، وأن الشركة الجديدة ستقوم باستثمارات في كل مجالات الطاقة مستقبلاً.
تحديث الصناعة النفطية
ووصف الخبير النفطي حمزة الجواهر الشراكة التي تقوم بها الشركات الوطنية العراقية مع الشركات العالمية بـ "الضرورية" لتحديث الصناعة النفطية المحلية، متوقعاً أن يكون عمل الشركات الأجنبية "استشاري". وأضاف الجواهري أن "هذه الشراكة ضرورية جداً كون الشركات المحلية بحاجة إلى التكنولوجيا ودراسات معقمة"، لافتاً إلى أن "عمل الشركات العراقية النفطية صعب من دون شراكة مع الشركات العالمية المختصة بهذه الأمور".
الشركات العالمية ضرورة
وأشار الجواهري إلى "حاجة العراق إلى الشركات العالمية المتخصصة كونها تمتلك الخبرة وهدفها المنفعة. وعند جلب هذه الشركات سنستفيد من خبرتها في هذا المجال". وتابع أن "حقل الرميلة النفطي بحاجة إلى دراسات معمقة وإعادة النظر بكل برامج التطوير لنخرج بنتيجة، لزيادة معاملات الاستخلاص في الحقل من 15 إلى 20 في المئة"، لافتاً إلى أن "تطبيق هذا الأمر سيعني أن هناك أرباحاً بمليارات الدولارات".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
شركات أخرى في الجنوب
من جهته، قال الباحث في مجال الطاقة، كوفند شيراوني، أن "الشركة الجديدة ستعمل على الاستثمار في مجال الطاقة"، متوقعاً "إنشاء شركات مشابهة في محافظات جنوبية أخرى بالتعاون مع شركات عالمية". وأضاف شيرواني أن "هذا الأمر سيدعم عمل شركة النفط الوطنية التي ستدخل ضمن هيكليتها كل الشركات الوطنية العاملة بالعراق، سواء شركة نفط الجنوب وشركة نفط الشمال والشركات الأخرى التي لا يزال قانونها غير مفعّل"، لافتاً الى أن "حقول نفط البصرة قديمة ولديها احتياطات ضخمة وتحتاج إلى عملية تطوير لزيادة انتاجيتها".
استثمار الغاز
وبيّن شيراوني أن "الشركة الجديدة ستعمل على استثمار الغاز الحر والمصاحب"، مؤكداً أن "الشراكة مع الشركات الأجنبية سيوفر الفرصة للحصول على التقنيات الحديثة وتطوير الانتاجية". وتابع أن "الجانب العراقي سيستفيد من خبرة تلك الشركات في إدارة تلك المشاريع والشركة الأجنبية ستستفيد لتجاوز عقبات روتينية عدة"، مبيناً أن "الشركات ستحصل على إعفاءات ضريبية أكثر من عملها بشكل مستقل".
ورجّح أن يتم "تأسيس شركات جديدة مشابهة للشركة التي تم إنشاءها حديثاً في المحافظات النفطية بهدف الاستفادة من العائدات لتطوير البنى التحتية لتلك المحافظات"، لافتاً إلى أن "تسمية الطاقة جديدة، ما يدل على أن عملها لا يقتصر بالشأن النفطي وإنما في مجال الطاقة ومنها استثمار الغاز الطبيعي والمصاحب".
شراكة مهمة
ورأى نائب رئيس لجنة النفط والطاقة الأسبق في البرلمان العراقي عبد الهادي الحساني أن "عمل الشركة الجديدة سيهتم بكل مجالات الطاقة"، معتبراً أن "الشراكة ستود بالفائدة للشركات المحلية والأجنبية". وأضاف الحساني الذي ينتمي إلى محافظة البصرة أن "هذه الشراكة ضرورية لتدريب أبناء الشعب العراقي حتى يُصار إلى مواكبة التقدم العلمي الذي يحصل بكل المجالات ويشكل دفعة لبعدها المالي والفني والاندماج وهو ضروري من أجل زيادة الطاقة في كل المجالات".
واعتبر الحساني أن "تخصص الشركة بكل مجالات الطاقة هدفه الاستعداد للاستثمار في كل مجالات الطاقة بحال نضوب النفط والاستفادة من الطاقات المتجددة"، لافتاً إلى أن "الشركات ستستفيد في الحصول على الأولوية في بعض المشاريع الاستثمارية الجديدة".