الترا عراق - فريق التحرير
مع قرب موعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق المقرر نهاية هذا العام، تصاعدت تهديدات المليشيات الموالية لإيران باستهداف مصالح الولايات المتحدة، فيما لو لم ينفذ قرار إجلاء قواتها من البلاد، وكان أخرها ما أعلنته حركة "كتائب سيد الشهداء" بتحشيد لـ "المنازلة الكبرى" بعد منتصف ليلة رأس السنة الجديدة.
تعيش الفصائل مرحلة عصيبة في ظل نتائج الانتخابات والاتهامات الموجهة إليها في قضية الهجوم على منزل الكاظمي
وأعلنت ميليشيا "كتائب سيد الشهداء"، في بيان لها، "تسجيل نحو 49 ألف متطوع لقتال الأمريكيين"، في وقت لم يصدر فيه أي تعليق حكومي على هذه الخطوة بالتحديد، لكن قيادة العمليات المشتركة نفت تمديد موعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق، مؤكدة أنّ الموعد "ثابت".
وقال الخفاجي، إنّ "العلاقة بين الطرفين بعد خروج القوات القتالية ستكون علاقة استشارية في مجالات التدريب والتسليح والمعلومات الاستخبارية والأمنية ضد تنظيم داعش".
"الفصائل تختنق"!
وتعيش الفصائل المسلحة مرحلة عصيبة في ظل خسارتها المدوية في الانتخابات والتصعيد ضدها من قبل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ما دفعها إلى زج جمهورها في تظاهرات على مشارف المنطقة الخضراء مستمرة منذ أسابيع، قبل أن تواجه أزمة الاتهامات بالمسؤولية عن محاولة اغتيال رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي.
وتقول مصادر سياسية إنّ زعماء الفصائل قد يضطرون للقبول بالنتائج المعلنة للانتخابات مقابل تسوية من نوع ما تجنبهم إعلان أدلة واضحة عن صلتهم بالمحاولة الفاشلة التي استهدفت منزل الكاظمي في السابع من تشرين الثاني/نوفمبر، والتي قد تكون إعلانًا صريحًا للحرب ضدهم باعتبارهم "جهات إرهابية".
من جهته، يشير الكاتب العراقي والأكاديمي المختص بالعلاقات الدولية، دياري صالح، إلى التصريحات الأمريكية الأخيرة التي أكّدت أنّ واشنطن لا تنوي الانسحاب من العراق على الرغم من الحديث الواضح عن إنهاء ملف القوات الأمريكية في العراق خلال الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي جو بايدن.
ويقول صالح، في حديث لـ "الترا عراق"، "حتى هذه اللحظة، وبالنظر لإمكانية انسحاب القوات الأمريكية، فالعراق أمام سيناريو مشابه لما حدث في أفغانستان، بل أمام فرصة لنهوض راديكالية جديدة لملء الفراغ الذي سيتركه الوجود الأمريكي"، مبينًا أنّ "بعض الأطراف تعتقد أنّ الوقت الآن هو الأمثل لفرض وجودها في مشهد الأحداث في العراق لإنتاج مقاربة مماثلة لما ذهبت اليه الأوضاع في كابل، وعلى هذا الأساس قد نعيش مشهدًا معقدًا في المرحلة المقبلة".
"فوضى.. أو صيغة جديدة"
ويثير الحديث عن توقيت الانسحاب مخاوف من اندلاع الصراع "شيعي - شيعي"، كما تلوح الفصائل المسلحة في ظل التصعيد المستمر، في حين يمثل وجودها بالشكل الحالي ذريعة لمواصلة الهجمات و"خطاب التخوين" ضد حكومة الكاظمي، على حد تعبير المختص بالعلاقات الدولية دياري صالح.
يؤكد مراقبون وباحثون إنّ واشنطن لن تخرج من العراق بالنظر إلى نتائج الانتخابات وموقف مقتدى الصدر
ويؤكد صالح، أهمية "تكييف الوضع الأمريكي العسكري قانونيًا ودستوريًا في المرحلة المقبلة، لسحب البساط من تحت أقدام الفصائل بما يتعلق بتوفر الذرائع والمبررات لمواصلة الهجمات"، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أنّ "الآراء داخل الإدارة الأمريكية بشأن الانسحاب ما تزال متباينة، بالنظر إلى القلق من تكرار سيناريو عام 2011 حين ملأت إيران الفراغ الجيوسياسي".
كما يشير، إلى أنّ أهمية التوصل إلى صيغة "لبقاء نوع من التواجد الأمريكي، لتجنب الفوضى في ظل الانسداد السياسي والتشنج المتعلق بشكل المرحلة والحكومة المقبلة"، موضحًا أنّ "الحكومة بوضعها المربك حاليًا لا تستطيع اتخاذ خطوات للتهدئة، فهي بموقف ضعيف ورئيسها مستهدف ومهدد".
رغبة مقتدى الصدر..
وسبق أن أكّد التحالف الدولي أنّ دور التحالف في العراق لن يتغير بالتزامن مع قرب انسحاب القوات القتالية نهاية كانون الأول/ديسمبر من العام الجاري، مبينًا على لسان المتحدث باسم قوة المهام المشتركة ومدير الشؤون العامة في التحالف الدولي، جويل هاربر، أنّ "دور التحالف الدولي سينتقل من العمليات القتالية إلى الاستشارة والتمكين والمساعدة".
اقرأ/ي أيضًا: وضيح من التحالف الدولي حول معلومات نقل قوات قتالية إلى العراق
فيما قال كبير الباحثين في معهد واشنطن ديفيد بولوك، أثناء مقابلة متلفزة، أنّ القوات الأمريكية "لن تنسحب من العراق، وفق اتفاق بين واشنطن وبغداد"، مؤكدًا أنّ زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر "يرحب ببقاء القوات الأمريكية".
ومع المعطيات المشار إليها فإن الفصائل المسلحة قد لا تمتلك أكثر من الأساليب التي نفذتها للرد على بقاء القوات الأمريكية، كما يرى الكاتب والمحلل السياسي، نظير الكندوري.
"حرب كلامية فقط"
ويقول الكندوري لـ "الترا عراق"، إنّ "الفصائل المسلحة لا تملك القدرة على شن حرب معلنة بتحشيد عسكري ظاهر للعيان، وستستمر في استهداف المصالح الأمريكية سواء كانت عسكرية أو دبلوماسية مثل سفارتها في بغداد أو قنصليتها في أربيل، مع مواصلة الهجمات على أرتال الدعم اللوجستي هنا وهناك".
ويضيف الكندوري، أنّ "المتضرر الأكبر من هذا النوع من العمليات هم المدنيون العراقيون، الذين غالبًا ما يقعون ضحايا الهجمات الصاروخية وتفجيرات العبوات الناسفة"، مبينًا أنّ التهديدات التي يطلقها زعماء الفصائل بشأن الوجود الأمريكي "تندرج في سياق الحرب الإعلامية فقط، بهدف تحسين موقفهم داخل الساحة السياسية العراقية مقابل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وتحسين مواقف الحكومة الإيرانية في مفاوضاتها على ملفها النووي".
يستبعد مراقبون قدرة الفصائل المسلحة على شن حرب حقيقة ضد القوات الأمريكية
ويرى الكاتب، أنّ "القوات الأمريكية سوف تنزع لباسها الحربي وترتدي بِدل المدربين والمستشارين العسكريين، ولن يؤثر ذلك على حقيقة أنّ القوات الأمريكية باقية في العراق، كما لن ينخفض عدد تلك القوات"، موضحًا أنّ "الولايات المتحدة لا تستطيع المغامرة بانسحاب كلي من العراق وهي في حالة صراع مع إيران، كما أنّها لا تريد إفشال التجربة في العراق وتسليمها بشكل كامل للفصائل الموالية لإيران، ما يعني الإخلال بتوازنات المنطقة".
سيناريو بقاء القوات الأمريكية
كما يعتقد الكندوري، أنّ "النتائج الراهنة للانتخابات تشجع الإدارة الأمريكية على الاستمرار إلى حد ما في العراق"، لافتًا إلى أنّ "الاتفاق بين بغداد وواشنطن يحمل أوجه تفسير عدة، يمكن تسخيرها وفق مصالح الطرفين".
ويؤكد الكاتب، أنّ "إعلان الاتفاق على الانسحاب من قبل الإدارة الأمريكية في حينه، كان إجراءً لكسب الوقت في وجه الفصائل الولائية لحين تشكيل الحكومة الجديدة التي يتوقع أن تكون بعيدة أكثر عن هيمنة الأطراف الموالية لإيران، وقد تتخذ خطوات حقيقية لتفكيك الفصائل المسلحة بمساعدة أمريكية".
اقرأ/ي أيضًا:
نفي عراقي رسمي حول تمديد موعد انسحاب القوات الأمريكية
الناطق العسكري: القوات الأمريكية ستغادر العراق في ظرف أسبوعين