لا يزال الشارع العراقي مذهولا أمام هول الحادثة التي شهدتها منطقة جبلة في محافظة بابل وسط العراق قبل أيام، والتي أودت بحياة 20 شخصا من عائلة واحدة بينهم 12 طفلا، إثر مداهمة القوات الأمنية لمنزل ريفي، بعد ورود معلومات حول وجود أحد المطلوبين.
وفيما بدأت السلطات المعنية التحقيق في تلك المجزرة التي صعقت قرية الرشايد بجبلة، وتضاربت المعلومات بشأنها بين ملاحقة متهم بالإرهاب أو المخدرات، وبين ملاحقة "بريء"، فجر أحد المسؤولين الأمنيين مفاجأة.
مادة اعلانية
مسؤول يفجر مفاجأة
فقد أوضح مسؤول أمني في بغداد للعربية.نت أن التحقيقات الأولية التي يشرف عليها حاليا وزير الداخلية عثمان الغانمي، ووكيل وزير الداخلية لشؤون الاستخبارات الفريق أحمد أبو رغيف، أظهرت تورط القوة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية بالوقوف وراء سقوط ضحايا.
كما أشار إلى أن بعض الضباط ضللوا وسائل إعلام بزعمهم أن رجلا واجه القوات الأمنية بالسلاح وأصاب عددا منهم، ثم قتل أفراد أسرته وبعدها انتحر!
من موقع الحادث في بابل (أرشيفية- فرانس برس)
شقيق القتيل يروي
إلى ذلك، أكد مصدر أمني في وزارة الداخلية أن ضباط الأدلة الجنائية أكدوا استخدام أسلحة متوسطة وقذائف، فضلا عن قنابل يدوية بالهجوم على المنزل المأهول بالسكان، ما أدى إلى مقتل من فيه.
أما شقيق رحيم كاظم الغريري، رب الأسرة التي قضت، حاتم الغريري، فروى للعربية.نت تفاصيل ما حدث، مؤكدا أن شقيقه فلاح بسيط جدا ولديه عائلة كبيرة.
كما اتهم شقيق زوجة أخيه بتدبير القصة كاملة، قائلا: "إنه اتهم أخاه بالإرهاب إثر خلافات عائلية". وقال: "اتصل بي أخي قبل عشر دقائق من قتله مستنجدا، ومؤكدا عبر الهاتف أن قوة كبيرة مدججة بالأسلحة تطلق عليه وعلى عائلته النار وقد قُتل أربعة منهم".
ومتأسفا متحسرا، أشار إلى أنه لم يستطع نجدته، لبعد منزله عنه حوالي 8 كيلومترات.
قنابل من النوافذ
إلى ذلك، لفت إلى أن أخاه أخبره بأن الأمن ألقى قنابل يدوية من النوافذ ومن سقف المنزل المبني بطريقة بدائية لفقر الحال.
وتساءل: "لماذا لم يتم اعتبار أفراد العائلة رهائن والتعامل معهم على أنهم أبرياء إذا كانت الرواية الحكومية تتحدث عن مذكرة قبض ضد شخص مطلوب قاوم قوة أمنية.. ولماذا لم يتم تخليص النساء والأطفال؟!".
تهديد سابق من ضابط
هذا وناشد شقيق القتيل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بالتدخل وإحقاق الحق ومعاقبة الأشخاص الذين أفرطوا في استخدام القوة. كما أوضح أن العائلة لم تستلم بعد الجثث من دائرة الطب العدلي في المسيب بانتظار نتائج التحقيق.
من جانبه، قال الشيخ محمد أكرم الغريري، وهو ابن شيخ عشيرة الغريري، إن خلافات عائلية بين رحيم وزوجته، أدت إلى تدخل شقيق زوجته الضابط في أحد الأجهزة الأمنية، مستخدما نفوذه بما أدى إلى وقوع تلك المجزرة.
كما أضاف أن الضابط المذكور هدد القتيل قبل حوالي 10 أيام، ثم داهمت مجموعة مسلحة ترتدي الزي المدني منزل رحيم، مطالبة بتسليم نفسه، إلا أن الرعب دب في الأخير، فأطلق رصاصة أو اثنتين في الهواء محاولا إبعاد العناصر، إلا أنهم ذهبوا برهة، ثم عادوا ومعهم قوة أمنية كبيرة.
إلى ذلك، أكد أن "العشيرة مع تطبيق القانون، ولكن إذا كان هناك خطأ أو خلل فلا يجب التعامل معه هكذا، عبر قتل أطفال بعمر ثلاث سنوات وعشر سنوات ورضيع يبلغ من العمر 15 يوما".
عنصر من القوات العراقية (أرشيفية- فرانس برس)
إقالة قائد شرطة بابل
يذكر أن وزارة الداخلية كانت أعلنت يوم الجمعة إقالة قائد شرطة محافظة بابل، فيما أوقفت القوات الأمنية عدداً "من الضباط" على خلفية المجزرة التي انتهت بمصرع 20 شخصاً من عائلة واحدة.
وكانت خلية الإعلام الأمني التابعة لرئاسة الوزراء قالت في بيان ليل الخميس، إن القوات الأمنية كانت تلاحق "متهمين اثنين بالإرهاب في منطقة جبلة شمالي محافظة بابل"، مضيفة أنه "بعد تضييق الخناق عليهما قاما بفتح النار العشوائي على القوات الأمنية".
كما تحدث البيان حينها عن "فتح تحقيق على خلفية العثور على عدد من جثث لمواطنين في منزل بالمنطقة".
فيما نقلت وكالة الأنباء العراقية عن السلطات الأمنية المحلية في بابل قولها في بيان، إن "قوة أمنية من قوات سوات وبموافقات قضائية حاصرت المنزل الذي امتنع صاحبه عن تسليم نفسه، وبعد تمكن القوة الأمنية من دخول المنزل وجدت أن جميع أفراد عائلته والبالغ عددهم 20 مدنياً قد استشهدوا وهم داخل المنزل".
لكن ملابسات ما حصل بالفعل لم تتضح رسميا بعد، إلا أن وزير الداخلية عثمان الغانمي الذي تفقد مكان الواقعة قبل أيام قرر "إقالة قائد شرطة محافظة بابل على خلفية الحادث".