توتر في سنجار بعد انتشار جديد للجيش العراقي

آخر تحديث 2022-01-20 00:00:00 - المصدر: اندبندنت عربية

عاد التوتر إلى منطقة قضاء سنجار غرب محافظة نينوى، في ظل أنباء عن نشر الجيش العراقي الاتحادي تعزيزات عسكرية واعتقال موالين لحزب "العمال الكردستاني" المعارض لأنقرة، فيما أعلن قائمقام القضاء أن الأخير يُعدّ المعرقل الرئيس في تطبيق اتفاقية أربيل وبغداد لتحسين الأوضاع في المنطقة.

يأتي ذلك عقب أسبوع من نشوب توتر بين الجيش وعناصر تابعة لـ"قوات حماية سنجار" عند حاجز أمني، بعد أن أصرّت الأخيرة على إدخال نصب يجسد قيادياً إيزيدياً يعرف بـ"زردشت شنكالي" كان قُتل مع شقيقه بغارة جوية تركية مطلع عام 2020، إلى سنجار، وقامت بنصبه داخل مركز القضاء، قبل أن يتدخل الجيش لاحقاً لإزاحته.

وكان بيان منسوب لجماعة تطلق على نفسها "شباب إيزيدخان" أمهل الجيش ثماني ساعات لإعادة التمثال "بعد تقديم اعتذار للرأي العام"، وهددت "بتحويل سنجار إلى جحيم لكل من شارك في إزالة التمثال".

تعزيزات عسكرية

الناطق باسم تنظيمات حزب "الاتحاد الوطني الكردستاني" في نينوى غياث سورجي، أكد لـ"اندبندنت عربية" أن "الجيش ومنذ نحو أسبوع استقدم تعزيزات عسكرية من خارج سنجار ونشرها في مناطق واسعة، للحد من وجود مسلحي وحدات حماية سنجار، تنفيذاً لبنود اتفاقية سنجار التي تقضي بإخراج المظاهر المسلحة من المدينة"، مبيّناً أن "حزب الاتحاد الديمقراطي (الكردي السوري) يمتلك جناحين، أحدهما سياسي والآخر عسكري، والجيش اعتقل في الأغلب الكوادر المدنية لا المسلحين، لكنه أبلغ المسلحين بالمغادرة والانسحاب إلى خارج المدن، وحالياً فإنهم موجودون في جبل سنجار مع بقاء عناصرهم من المدنيين في مراكز المدن التي تنتشر فيها قوات من الجيش والشرطة المحلية والاتحادية".

ويعود انتشار مسلحين موالين لحزب "العمال" إلى عام 2014، عندما تدخلت قوات تابعة لحزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي السوري لفك الحصار عن الآلاف من الإيزيديين في جبل سنجار عقب سيطرة تنظيم "داعش" على مناطقهم، وتشكّلت في ما بعد قوة باسم "وحدات مقاومة سنجار" مؤلفة من 3500 عنصر من متطوعين إيزيديين للدفاع عن المدينة، قبل أن يتم إلحاقها رسمياً بقوات "الحشد الشعبي" الشيعية والمعترف بها رسمياً ضمن منظومة الدفاع العراقية.

اعتقالات

واتهمت وسائل إعلام موالية لحزب "العمال الكردستاني" قيادة "عمليات غرب نينوى (تابعة للجيش العراقي) بتهديد قائد عمليات غرب نينوى لقوات أمن إيزيدخان (قوة من المتطوعين الإيزيديين)، وطالبتهم بإخلاء موقعهم في ناحية سنونة وأمهلتهم نصف ساعة لإخلاء نقطة لهم في دوار الناحية، وإلا سيتم إخراجهم بالقوة". وأكدت أن "الجيش اعتقل ثلاثة صحافيين في أثناء تغطيتهم للتحركات العسكرية، وتمت مصادرة معداتهم، ثم أفرج عنهم لاحقاً بعدما تعرّضوا لاعتداء".

وذكرت مصادر مقربة من حزب بارزاني أن "الجيش اعتقل عدداً كبيراً من المسلحين الموالين لحزب العمال، وصادر أسلحتهم ومركباتهم في مركز ناحية الشمال، في محاولة للحد من المظاهر المسلحة في مراكز المدن في المنطقة".

وأفاد سكان ومسؤولون محليون بأن وحدات من الجيش الاتحادي خلال نشره تعزيزات عسكرية في المنطقة اعتقل مسلحين موالين لحزب "العمال"، في وقت أكدت قوات أمن إيزيدخان عبر بيان أن "هذا التصعيد يخلق أرضية للاستفزازات، وحمّلت رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني مسؤولية التبعات".

دعوات لاحتواء الموقف

وأكد المسؤول المحلي الموالي لقوات "إيزيدخان" خوديدا جوكي أن "الجيش العراقي نشر تعزيزات كبيرة في سنجار بذريعة وجود قوات غير شرعية في المنطقة، وهذا الكم من القوات يوحي بأنه يخوض حرباً ضد دولة ما، بينما الأمن في سنجار أفضل بكثير من عدد من المناطق العراقية". ودعا عبر وسائل إعلام موالية لحزب "العمال" الإيزيديين ورؤساء العشائر في المنطقة إلى "اتخاذ موقف لرفض تحركات الجيش".

وفي منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي وفي أثناء خروج تظاهرة منددة بـ"الاعتداءات التركية المتكررة"، حُرقت عجلة للجيش نتيجة تعرّضها لإطلاق نار وقنابل مولوتوف، ما أدى إلى نشوب اشتباك بين الجيش ومسلحين موالين لحزب "العمال" أسفر عن مقتل جندي وإصابة مدنيين بجروح في ناحية سنوني، بالتزامن مع قيام "مجلس الإدارة الذاتية والديمقراطية" التابع للحزب بغلق الدوائر والمؤسسات الحكومية احتجاجاً على القصف.

ودعا حزب "الحرية والديمقراطية الإيزيدية" المقرّب من حزب "العمال"، في بيان عقب اجتماع له، حكومة بغداد إلى "احتواء الوضع المتأزم في المنطقة بالحوار والطرق الدبلوماسية، وإبعاد سنجار عن الصراعات والمناكفات السياسية، وعدم جعل سكانها ضحية لهذه الصراعات"، كما طالب بغداد "بالعمل على إيقاف القصف التركي المتكرر للمنطقة، الذي يسبب بكوارث إنسانية، ويمنع عدم عودة النازحين إلى ديارهم، والبدء بإعادة الإعمار".

أذرع مسلحة

في المقابل، قال قائمقام سنجار، المعترف به من قبل بغداد محما خليل لـ"اندبندنت عربية" إن "حزب العمال والفصائل الموالية له سبّب كل التوتر القائم في سنجار وما حولها، وله اليد الطولى في التحكم بشؤونها وهو مسؤول عن عسكرة المجتمع ويعتبر المعرقل الأساسي لتنفيذ اتفاقية تطبيع الأوضاع"، مشيراً إلى أن "إخراج هذه القوى بات اليوم مطلباً جماهيرياً، وهو مرفوض من قِبل سكان المنطقة والدولة العراقية".

وبشأن الصيغة، التي يوجد فيها عناصر حزب "العمال"، قال خليل إن "هذا الحزب يمتلك أذرعاً سواء باسمه أو من خلال هويات وعناوين شتى يدعمها"، لافتاً إلى أن "قوات الجيش التي استُقدمت في الساعات القليلة الماضية إلى ناحية سنوني تراجعت في ما بعد، ونأمل من الحكومة الاتحادية المقبلة أن لا تكون ضعيفة كسابقاتها، وعليها أن تفرض القانون في هذه المنطقة من أجل تطبيق الاتفاقية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتواجه الاتفاقية المبرمة بين بغداد وأربيل في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي لتطبيع الأوضاع في القضاء، الواقع ضمن مناطق موضع خلاف بين الحكومتين، جملة من العقبات، إذ تنص الاتفاقية على تعيين إدارة جديدة، بعد إخراج المجاميع والفصائل المسلحة ومنها الموالية لحزب "العمال"، وإعادة نشر لقوات من الجيش والشرطة الاتحادية، تمهيداً لعودة النازحين والبدء بعمليات إعادة الإعمار.

وفي السياق ذاته، اتهم مسؤول فرع "الحزب الديمقراطي" في سنجار إدريس سوزاني، مسلحي حزب "العمال بقتل ومحاربة أي شخص في سنجار يخالف نهجهم"، وأضاف أن "هذا الحزب (العمال)، خلق توترات في المنطقة، وبات يهدد حياة سكانها، في ظل انتشار مجاميع وميليشيات مسلحة متعددة، تتبنى أجندة دولية، التي تعمل على محاربة أعضاء الحزب الديمقراطي، وحوّلت المنطقة من خلال استقدام شبان مراهقين من كردستان الغربية (المناطق الكردية السورية)، إلى منطقة مسلحة خاضعة له"، حسبما نقله عنه موقع "باس" المقرب من رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني.

ويرى سوزاني أن "الجيش الاتحادي غير قادر على إخراج مسلحي حزب العمال من سنجار، ومن المحتمل أن يندلع اشتباك مسلح بين الطرفين في أي وقت"، مبيّناً أن "شعب سنجار عندما صوّت لمرشحي حزبنا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، يدل على رفضه لوجود حزب العمال في مدينتهم، وضرورة عودة البيشمركة".

اتهامات متبادلة

لكن، في المقابل يتهم مسؤولون في حزب "العمال" والفصائل الموالية عناصر في استخبارات حزب بارزاني بتقديم معلومات وإحداثيات للجيش التركي حول تحركات عناصر وقادة الحزب في المنطقة، الذين يجري استهدافهم عبر القصف الجوي، في حين ينفي قادة في حزب بارزاني تلك الاتهامات.

وكان مسؤول في حزب بارزاني انتقد قرار بغداد تشكيل لجنة لإعمار سنجار وخصصت لها مبلغ 28 مليار دينار عراقي (الدولار يعادل 1480 ديناراً)، مشيرين إلى أن آلافاً من النازحين الإيزيديين ما زالوا يرفضون العودة إلى سنجار "بسبب غياب الأمن، جراء وجود فصائل عراقية مسلحة، وأخرى آتية من خارج الحدود وإدارة محلية غير شرعية تفرض إرادتها على الحكومة العراقية".

ويشترط حزب بارزاني تطبيق اتفاقية سنجار قبل بدء خطوات إعادة الإعمار، بغية تهيئة أجواء آمنة لنجاح المرحلة الانتقالية، في نقطة جغرافية تحوّلت إلى ساحة صراع محلية وتدخلات إقليمية.