بين "التوافق الشيعي" و"الأغلبية".. السيناريوهات الأقرب لتشكيل الحكومة

آخر تحديث 2022-01-22 00:00:00 - المصدر: الترا عراق

على الرغم من مرور أكثر من ثلاثة أشهر على إقفال الصناديق وإعلان النتائج، لا زالت التناقضات التي أفرزتها انتخابات تشرين الأول/أكتوبر الماضي تفعل فعلها في رسم مشهد المرحلة المقبلة، فبين مشروع "أغلبية وطنية" يدعو له زعيم التيّار الصدري مقتدى الصدر، وبين قوى خاسرة تبحث عن مخرج لأزمة يصفها مراقبون بـ"الدفاع عن نفوذها ووجودها"، هناك جلسة أولى ماراثونية صاخبة مطعون بشرعية مخرجاتها مخلفةً مشكلة قانونية أجلت المحكمة الاتحادية حل عقدها إلى الخامس والعشرين من كانون الثاني/يناير الجاري، وهنالك "كتلة أكبر" لم تحسم ملامحها تاركةً الأبواب مشرعة لأزمة سياسية مستمرة وقابلة لسيناريوهات عديدة بالنسبة لتشكيل الحكومة المقبلة. 

يرى الباحث عقيل عباس أنّ أقصى ما يمكن أن يحدث لسيناريو الأغلبية السياسية هو تعديلات كإدخال بعض أطراف "الإطار التنسيقي"

لكنّ ووفقًا لباحثين مختصين بالشأن السياسي، فإنّ السيناريو الأقرب والأوفر حظًا هو سيناريو الأغلبية السياسية المتبنى بشكل أساس من قبل الصدر، حيث ارتفعت هذه الترجيحات بعد تماسك الحلف الثلاثي "الصدر - برزاني- كتلة الحلبوسي والخنجر"، رغم الضغوطات لسحبهم نحو منطقة التحالفات التوافقية السابقة.


شاهد: تغطية لهذا الملف والملفات الإخبارية الراهنة عربيًا ودوليًا على شاشة التلفزيون العربي أخبار


ووفقًا للباحث عقيل عباس، فإنّ "أقصى ما يمكن أن يحدث لسيناريو الأغلبية السياسية هو تعديلات كإدخال بعض أطراف الإطار التنسيقي"، مضيفًا "بكل الأحوال نحن لا نتحدث عن حكومة شراكة شيعية - شيعية بمعنى ائتلاف طرفين شيعيين، بل نتحدث عن طرف منتصر هو التيار الصدري وآخرين يلتحقون به من الإطار التنسيقي" معتبرًا انعدام إمكانية العودة إلى تحالف شيعي - شيعي "يأتي من الوضع الانتخابي للإطار التنسيقي والذي يفرض وجود دولة القانون وهي الجهة التي يرفض الصدر حتى التعاطي معها". 

وشهدت الأيام القليلة الماضية مساع حثيثة في محاولات لثني الصدر عن قراره باستبعاد كتلة "دولة القانون" من عملية تشكيل الأغلبية الحاكمة، حيث كان آخرها زيارات مكوكية لهادي العامري زعيم تحالف الفتح ولقائد فيلق القدس إسماعيل قاآني، حيث ظهر الأخير بعدّة لقطات تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي عند قبري مرجع الدين محمد محمد صادق الصدر (والد مقتدى) و"أبو مهدي المهندس"، بينما تضاربت التسريبات فيما يخص صحة لقاءه بزعيم التيار الصدري من عدمها. 

اقرأ/ي أيضًا: قاآني في النجف لحكومة توافقية ببغداد.. هل يخرج المالكي من المعادلة؟

ويرجح مراقبون أنّ تلك الضغوط قد تثني الصدر في آخر المطاف وتدفعه للقبول بحالة توافق شيعي - شيعي أو إجباره على إخضاع ملامح مشروع "الأغلبية الوطنية" لبعض التعديلات، حيث يشير الباحث عقيل عباس إلى أنّ "العملية السياسية لن تخرج بالكامل عن السياقات والأعراف التي حكمت الدورات السابقة، مرجحًا حصول حالة "وسط" بين الاثنين. 

ويقول عباس لـ"ألترا عراق"، إنّنا "سنتجاوز بعض أعراف سياسة ما قبل 2019 بمعنى كسر سياسات المحاصصة والتوافق"، مستدركًا "ولكنّ من المهم أن تكسر شيعيًا لأنهم من تبنى فكرة المحاصصة والتوافق والمكون الأكبر، وأن كسر هذا العرف ولو تدريجيًا أمر غاية في الأهمية"، معتبرًا أنّ "الانعكاسات الإيجابية لكسر هذه الأعراف على مسار تطور العملية السياسية مرهون بشكل أساسي في أداء الصدريين في حكومة الأغلبية على مستوى الملفات الأساسية كإجراء بعض الإصلاحات وتفكيك الفصائل المسلحة". 

وتعرّضت مقرّات الأحزاب المتحالفة مع الصدر لهجمات عديدة، اتهم الصدر فيها الأحزاب الخاسرة، وكان أبرزها محاولة اغتيال الناطق باسم الحزب "الديمقراطي الكردستاني" وعمليتي استهداف لمنزلي النائب عن "تقدم" عبد الكريم عبطان وشاخوان عبدالله النائب الثاني لرئيس البرلمان.

وعلى غير العادة، جاء رد الصدر أكثر وضوحًا في تشخيص الأطراف المتورطة بالوقوف وراء عمليات الاستهداف، ففي تدوينة له في "تويتر" رصدها "ألترا عراق" حمل الصدر المسؤولية لجماعات اسماها بـ"الغوغائية" معتبرًا إياها محسوبة على الأطراف المعترضة على تسجيل الكتلة الأكبر، داعيًا العقلاء منهم لردعهم ومطالبًا الحكومة باتخاذ "أشد التدابير الأمنية". 

وجاءت هذه الهجمات بالتزامن مع تهديدات أطلقها "أبو علي العسكري" الناطق باسم ميليشيا "كتائب حزب الله"، قائلًا إنّ "أيامًا عصيبة ستمر على العراق سيكون فيها الجميع خاسرًا"، مرجعًا ذلك لـ"سير بعض الأطراف وراء الإرادة الخارجية خاصة البريطانية والإماراتية منها والتي صادرت حق الأغلبية"، وفقًا للعسكري. 

وبحسب بعض المحللين السياسيين، فإنّ القوى السياسية ذات البنى المسلحة ستزداد تطرفًا في خياراتها العسكرية على الأرض بالتوازي مع تقدم سير مشروع "الأغلبية الوطنية" الذي يصر عليه الصدر لإدراكهم أن الذهاب إلى المعارضة يعني إضعافهم وتحجيم غطائهم السياسي والذي من الممكن أن يقودهم إلى مسارات نزع السلاح، وفقًا لآخرين. 

وتدرك القوى المسلحة الآن أن موقفها بات ضعيفًا جدًا، بحسب الباحث منقذ داغر الذي يؤكد أنها "لذلك مستقتلة وقد خرجت عن الطاعة الإيرانية" واصفًا صعوبة موقف الفصائل المسلحة بـ"أنها بين نارين، فالمضي بمشروع الأغلبية بالطريقة التي يخطط لها الصدر بداية نهايتهم وأيضًا أنّ مواجهة هذا المشروع بالقوة المسلحة غير ممكنة لأنهم لا يواجهون الدولة فقط، بل مواجهة التيار الصدري بقواه العسكرية والشعبية معًا" مشيرًا لـ"ألترا عراق"، إلى أنهم "لن يستطيعوا كثيرًا أمام هذا التفوق الكمي والنوعي والدعم الدولي والمحلي ولكنهم سيحاولون إحداث أقصى ما يمكن من الشوشرة والبلبلة وجذب الانتباه في محاولة لكسب أكبر ما يمكن". 

اقرأ/ي أيضًا: 

من الكاظمي إلى الكردستاني مرورًا بالأمريكان.. مسلسل هجمات ما بعد الانتخابات

الصدر يتهم القوى الخاسرة باستهداف مقرّات الأحزاب: جماعات غوغائية