يس عراق: بغداد
بينما يعيش العراق أزمة حقيقية في نقص الطاقة ووسائل ومصادر انتاج الكهرباء، واعتماده على الغاز المستورد الذي ينخفض بين الحين والاخر من قبل ايران، وتحديات المتطلبات العالمية لتخفيض الانبعاثات الكاربونية والتحول نحو الطاقة النظيفة، كشفت وزارة النفط مؤخرًا عن اتفاق واعتزام شركة سيمنز الالمانية تزويد قطاع الطاقة في العراق بتقنيات الهيدروجين في اطار الخطط المستقبلية للتحول نحو الطاقة المتجددة.
الوزارة ذكرت في بيان، إنه انسجاما مع برنامج الحكومة العراقية وخطط وجهود وزارة النفط للتحول إلى الطاقة النظيفة والمتجددة بالتعاون مع الشركات العالمية الرصينة، فقد شرعت وزارة النفط وشركة “سيمنس” الألمانية على فتح آفاق للتعاون الجاد في قطاع الطاقة النظيفة والمتجددة، وخصوصا إنتاج الهيدروجين الذي يعد أحد أهم ركائز التحول للطاقة النظيفة وحماية البيئة وتقليل الانبعاثات وتحقيق أهداف ثورة الوقود الخضراء.
وأوضح البيان أن” شركة “سيمنس” ستقوم بدعم قطاع الطاقة في العراق بتقنيات ومعدات متطورة في هذا المجال، وإقامة ورش تخصصية تسهم في إيجاد حلول واقعية للطاقة والبيئة في العراق، فضلاً عن تسخير برامج الذكاء الاصطناعي لرفع معدلات الأداء للعاملين في هذا المجال وصولا إلى بيئة نظيفة وآمنة وطاقة متجددة تدعم الاقتصاد الوطني والتنمية المستدامة”
من غير المعلوم مدى امكانية تحول العراق لانتاج الطاقة بالهيدروجين، خصوصا وان هذه التقنية حديثة على العالم نسبيًا ومازالت على نطاق ضيق وذات اسعار مكلفة.
وبدأت أكثر من دولة حول العالم تتجه للاستثمار في هذه الطاقة، ومنها دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي وقعت اتفاقية تعاون مع حكومة ألمانيا الإتحادية، لإطلاق برنامج موسع يشمل تشكيل فريق عمل بين الجانبين في مجال الهيدروجين الأخضر والوقود الصناعي.
ما هو الهيدروجين الأخضر؟
معظم الغاز المستخدم بالفعل على نطاق واسع كمادة كيميائية صناعية يكون إما بنيًا، إذا تم تصنيعه من خلال تغويز الفحم ” تحويل الكربون في الفحم فيهما إلى مركبات غازية “؛ أو رمادي، إذا تم تصنيعه من خلال إعادة تشكيل غاز الميثان بالبخار، والذي يستخدم عادةً الغاز الطبيعي كمواد وسيطة، لا تعتبر أي من هاتين العمليتين صديقة للكربون تمامًا.
ويُعرف الخيار الأنظف باسم الهيدروجين الأزرق، حيث يتم إنتاج الغاز عن طريق إعادة تشكيل غاز الميثان بالبخار ولكن يتم تقليل الانبعاثات باستخدام احتجاز الكربون وتخزينه، ويمكن لهذه العملية أن تخفض كمية الكربون الناتج إلى النصف تقريبًا، لكنها لا تزال بعيدة عن كونها خالية من الانبعاثات.
على النقيض من ذلك، يمكن للهيدروجين الأخضر أن يقضي على الانبعاثات تقريبًا باستخدام الطاقة المتجددة – التي تزداد وفرتها وغالبًا ما يتم توليدها في أوقات أقل من المثالية – لتشغيل التحليل الكهربائي للمياه.
وينتج الهيدروجين الاخضر من الماء، وعبر محلل كهربائي كبير وإمدادات وفيرة من الكهرباء، وإذا كانت الكهرباء تأتي من مصادر متجددة مثل الرياح أو الطاقة الشمسية أو الهيدروجين، فعندئذ يكون الهيدروجين أخضر بشكل فعال.
حيث يقوم جهاز التحليل الكهربائي بتحليل الماء الى عناصره الاولية، الهيدروجين والاوكسجين، وتتم الاستفادة من الاوكسجين.
ويكمن التحدي الآن في نقص المعروض من أجهزة التحليل الكهربائي الكبيرة، ولا تزال الإمدادات الوفيرة من الكهرباء المتجددة تأتي بسعر باهظ، فيعد التحليل الكهربائي مكلفًا للغاية.
ثالثا: كيف يتم تخزينه واستخدامه؟
من الناحية النظرية، هناك الكثير من الأشياء المفيدة التي يمكن القيام بها باستخدام الهيدروجين الأخضر، حيث يمكن إضافته إلى الغاز الطبيعي وحرقه في محطات الطاقة الحرارية أو التدفئة المركزية، و يمكن استخدامه كمقدمة لناقلات الطاقة الأخرى، من الأمونيا إلى الهيدروكربونات الاصطناعية، أو لتشغيل خلايا الوقود مباشرة في السيارات والسفن، على سبيل المثال.
كما يمكن استخدامه ببساطة لاستبدال الهيدروجين الصناعي الذي يتم إنتاجه سنويًا من الغاز الطبيعي والذي يصل حجمه إلى حوالي 10 ملايين طن متري في الولايات المتحدة وحدها.
والمشكلة الرئيسية في إرضاء كل هذه الأسواق المحتملة هي في إيصال الهيدروجين الأخضر إلى حيث يحتاج إليه، فتخزين ونقل الغاز القابل للاشتعال ليس بالأمر السهل؛ ويستهلك مساحة كبيرة والأنابيب الفولاذية قد لا تكون فعاله في نقله، لهذا السبب، سيتطلب نقل كميات كبيرة من الهيدروجين خطوط أنابيب بمواصفات خاصة.
خامسا: كم تكلفة صنع الهيدروجين الأخضر؟
لا يزال إنتاج الهيدروجين الأخضر مكلفًا حتى اليوم، وفي تقرير نُشر في 2019 (باستخدام بيانات من 2018)، قدرت وكالة الطاقة الدولية تكلفة الهيدروجين الأخضر بما يتراوح بين 3 دولارات و 7.50 دولارات للكيلو، مقارنة بـ 0.90 دولار إلى 3.20 دولار للإنتاج باستخدام إعادة تشكيل غاز الميثان بالبخار.
وسيكون خفض تكلفة المحلل الكهربائي أمرًا بالغ الأهمية لتقليل سعر الهيدروجين الأخضر، لكن ذلك سيستغرق وقتًا ونطاقًا.
وقالت وكالة الطاقة الدولية إن تكاليف المحلل الكهربائي قد تنخفض بمقدار النصف بحلول عام 2040، من حوالي 840 دولارًا لكل كيلووات من السعة اليوم.
وتتطلب دراسة الجدوى الخاصة بالهيدروجين الأخضر كميات كبيرة جدًا من الكهرباء المتجددة الرخيصة نظرًا لضياع قدر لا بأس به في التحليل الكهربائي، وتتراوح كفاءة المحلل الكهربي من حوالي 60 إلى 80 بالمائة، وفقًا لشركة شل.
ويتفاقم تحدي الكفاءة بسبب حقيقة أن العديد من التطبيقات قد تتطلب الهيدروجين الأخضر لتشغيل خلية وقود، مما يؤدي إلى مزيد من الخسائر.
سادسا: كم يتم إنتاج الهيدروجين الأخضر؟
يمثل الهيدروجين الأخضر حاليًا أقل من 1 في المائة من إجمالي إنتاج الهيدروجين السنوي، وفقًا لـ” وود ماكنزي”، وهي هي مجموعة عالمية لأبحاث الطاقة والمواد الكيميائية والمواد المتجددة والمعادن واستشارات التعدين.
لكن “وود ماكنزي”، تتوقع ازدهارًا في الإنتاج في السنوات القادمة، حيث تضاعفت مشاريع المحلل الكهربائي للهيدروجين الأخضر ثلاث مرات تقريبًا في الأشهر الخمسة التي سبقت أبريل/نيسان 2020، لتصل إلى 8.2 جيجاوات، وكانت الزيادة مدفوعة بشكل أساسي بالزيادة في عمليات نشر المحلل الكهربائي على نطاق واسع، مع 17 مشروعًا من المقرر أن تبلغ طاقتها 100 ميجاوات أو أكثر.
وبحلول عام 2027، من المرجح أن يتجاوز متوسط حجم أنظمة المحلل الكهربائي 600 ميجاوات، كما تقول “وود ماكنزي”.
سابعا: من يقود تطوير الهيدروجين الأخضر؟
يبدو أن الهيدروجين الأخضر يشغل بال الجميع في الوقت الحالي، مع وجود ما لا يقل عن 10 دول تتطلع إلى الغاز من أجل أمن الطاقة في المستقبل والصادرات المحتملة، ويكفي معرفة أن دولة مثل البرتغال، كشفت في مايو/أيار 2020 عن استراتيجية وطنية للهيدروجين قيل إنها ستبلغ 7 مليارات يورو (7.7 مليار دولار) حتى عام 2030.
وإلى جانب شركات النفط والغاز، يرى مطورو الطاقة المتجددة الهيدروجين الأخضر كسوق ناشئة، حيث أعلنت شركة طاقة الرياح البحرية “أورستد” في مايو/أيار 2020 على أول مشروع كبير يستهدف قطاع النقل حصريًا.
إلى جانب هذه الأسماء الكبيرة، تأمل مجموعة من الشركات الأصغر في الحصول على شريحة من فطيرة الهيدروجين الخضراء المتنامية، وقد لا تكون شركات مثل ITM Power معروفة جيدًا اليوم ، ولكن إذا كان الهيدروجين الأخضر يفي بجزء بسيط من وعده، فقد تصبح يومًا ما كيانا ضخمًا.
ثامنا: وماذا عن مركبات الهيدروجين؟
ساعدت سيارة “تويوتا ميراي” اللافتة للنظر في تغذية الآمال المبكرة بأن مركبات خلايا الوقود الهيدروجينية قد تتنافس مع السيارات الكهربائية للاستيلاء على محرك الاحتراق الداخلي. ولكن مع ازدهار سوق السيارات الكهربائية، تلاشى احتمال أن يكون الهيدروجين منافسًا جادًا، على الأقل في قطاع سيارات الركاب.
هناك ما يقرب من 7600 سيارة تعمل بخلايا وقود الهيدروجين على الطرق الأمريكية اليوم، مقارنة بأكثر من 326400 سيارة كهربائية تم بيعها في الولايات المتحدة في 2019.
ومع ذلك، لا يزال الخبراء يتوقعون أن يلعب الهيدروجين دورًا في إزالة الكربون الذي تسببه الرافعات الشوكية والشاحنات الثقيلة، فمن المرجح أن يكونوا الأكثر استفادة من الوقود الهيدروجيني.
شارك هذا الموضوع: