بغداد - ناس
قلل رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي، من أهمية غياب "الإجماع الشيعي"، فيما تساءل عن سبب القلق والارتباك بهذا الصدد.
قناة "ناس" على تلكرام.. آخر تحديثاتنا أولاً بأول
وقال عبد المهدي في مقال نشره تحت عنوان (الأزمة: "التغيير" وليس "انسداد العملية")، إن "الطبيب لا يفاجئه المرض، فمهمته معالجته، ما يحيره جهله الأسباب، فيتعذّر العلاج فهناك قلق، وغموض، وارتباك.. فما الجديد؟".
وبين، أنه "ليس جديداً أن تتشكّل حكومة بدون اجماع شيعي. فلم يشترك المجلس الأعلى في (2010)، وكذلك دولة القانون (2014)، حيث اختلف البارتي واليكتي على مرشح رئاسة الجمهورية (2018)، واتّحد السنة (2006 و2010)".
وأضاف أنه "ليس جديداً انحياز الغرب لأطراف وتأييد الشرق لأخرى. بل هو المألوف، ببناءات شرعيّة وقانونيّة وبدونها. فرُفض الجعفري (2006) وجاء المالكي. ورُفض المالكي (2014) وجاء العبادي. وجاء عبد المهدي (2018)، ثم رُفض(2019). وجاء الكاظمي(2020)".
وأشار إلى أنه "لطالما كسبت القوى التي تحسن التحالف، داخل المكون وخارجه، وليس الاعتماد على قواها فقط، وكقاعدة وفي أمور مهمة، يمسك الغرب -منذ 2003- رقبة فوقيات بلدنا -مباشرة أو نفوذاً- وله بعض قاعدته، وللشرق قاعدته -مباشرة أو نفوذاً- وله بعض فوقياته".
وتساءل عبد المهدي: "لماذا القلق والارتباك، إذن؟".
وقال، إنه "التغيير فالعالم يتغيّر، وبسرعة وعمق. آنها نهاية القطبية الواحدة وتراجع الدولة العظمى إلى دولة كبرى، بمواجهة كبار كروسيا والصين. وتناهضها أو تستقل عنها (مثال منطقتنا) قوى إقليمية كايران وتركيا".
وتابع أنه "اقليمياً تتكشّف عوامل ضعف اسرائيلية، كما في جنوب لبنان وغزة وفلسطين، وفي بنية الكيان نفسه، كما أن دور مصر تراجع بعد زيارة الكنيست، وتضعضع دور دول الخليج. أمثلة: "التطبيع"، الأزمة القطرية، الحرب العبثية في اليمن، وتداعياتها الخطيرة الأخيرة، بالإضافة إلى الملف النووي الإيراني. وموضعة سوريا إقليميًا بعد سيطرة الدولة على معظم أراضيها".
ولفت إلى أنه "أمّا عراقياً، فنهاية معادلة 2003. فلم تعد أولويات الامريكان ما أعلنوه عند مجيئهم. بل هم -منذ مجيء ترامب- يقدمون معركتهم مع إيران وحلفائها، على معاركهم الأخرى. والعكس صحيح أيضا. أمّا المكون الأكثر عدداً فانشغل بصراع المواقع. وتغافل عن مشروع بناء مجتمع ودولة جديدتين. برغم أن قواهم الجمعية بقيت أمينة -عموماً- مع الحقوق الدستورية والعادلة لشركائها في الوطن، ومتماهية -لحد ما- مع التيارات الصاعدة اقليمياً ودولياً".
وبين أن "ارتباط الملفين العراقي والأفغاني، ولاحقاً السوري، كاولويات للسياسة الأمريكية في منطقة نفطية وممرات استراتيجية، والأهم بوجود الدولة "العبرية". فالانسحاب من أفغانستان يقارن بمداليله العامة بالانسحاب من فيتنام. هدفه وقف النزف وعوامل التراجع والارتداد الداخلي. إنه انسحاب من فضاء متكامل. وانهيار مشروع جبار وتعبئة كونية استمر عقدين أيضا، وكلّف خسائر بشرية ومادية مهولة".
وقال أنه "لهذا خلال المفاوضات مع طالبان أعلن الرئيس ترامب الانسحاب من سوريا خلال أسابيع، ومن العراق خلال 3 سنوات. أي انقلاب أولويات كامل لمواجهة تغير جذري في موازين القوى. ولاشك أن ضغط القوى المحلية (اسرائيل خصوصاً) لإبقاء القوات، قد غير من شكل وتوقيتات التواجد، لكنه لم يغيّر من جوهر مستقبله. لهذا نشهد إزدياد الدور الإقليمي لسد الفراغ، والسعي لصياغة مستقبل العراق والمنطقة عبر التطبيع وحجم التدخلات".
واعتبر عبد المهدي أن "ما يبدو هجوماً هو عملياً دفاعاً عن خارطة قديمة تتهاوى. هنا القانون المركزي لتفسير أحداث عالمنا. والأهم النظر للتطورات الاقتدارية والمجتمعية والميدانية، وليس للبنية الفوقية اساساً، على أهميتها. فهذه لاحقة وليست سابقة، فتقدم البعض وتراجع آخرون دولياً واقليمياً وعراقياً. فمن تقدم مسترجعاً حقوقه، أو محققاً حقوقاً يستحقها، فسيحميها بكل الوسائل. إلا إن كانت إضافات وتمددات لا يستحقها، تأكل من حقوق غيره، امّا من تراجع بسبب سياسات ظالمة وطائشة فلن يستسلم بسهولة للأمر الواقع، وسيبتلي بمحاولات بائسة، فيعجل عملية التغيير. كما عند اجتياح صدام للكويت للخروج من مأزقه، أو اسرائيل باجتياحها للبنان (1982) لمعالجة الوجود الفلسطيني، أو ترامب في الانسحاب من الاتفاق النووي، واغتيال قادة النصر".
وتابع، أن "المشهد غامض، لأننا أسرى اسقاطات الصور السابقة التي تغيرت جذرياً على أرض الواقع، وبقيت مترسخة في عقولنا. أو سيل المغالطات، لإعلام مهيمن ومؤسسات مقتدرة تدافع عن خرائط متهاوية، أمام خرائط صاعدة".
وقال أنه "كقاعدة، ولها استثناءات، فإن احداثنا، لم ولن تكون احداثاً داخلية مجردة. إنها جزء وجزء رئيس، من تغيير شامل للموازين. لذلك سخونة الأوضاع وتهديداتها. ولذلك المواقف والاصطفافات الحادة".