تعمل الحكومة العراقية على تحديث وتأهيل وبناء معسكرات جديدة ضخمة للجيش العراقي في أغلب المدن العراقية بعد توسع أعداده وترسانته العسكرية، بشكل أصبح من غير الممكن أن تستوعب المقار الحالية الأعداد المتزايدة للجيش في معسكرات يعود تاريخ إنشاء أغلبها إلى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
وتعرضت أغلب معسكرات الجيش العراقي في المدن وضواحيها بعد سقوط نظام صدام حسين في عام 2003 إلى عمليات نهب وسلب وتدمير لبنيتها، وتحولت بعضها إلى أماكن للسكن من قبل بعض الأسر مثل معسكر الرشيد، وهو أحد أضخم المعسكرات العراقية التي يعود تاريخ إنشائها إلى نهايات الحكم العثماني لبلاد وادي الرافدين، ويقع على الضفة الشرقية لنهر دجلة أو ما يسمى (جانب الرصافة) من بغداد.
انتشارها محدود
وأبقت المؤسسة العسكرية العراقية على معسكرات وقواعد عسكرية وجوية كبيرة، لكن عددها محدود مثل معسكر التاجي شمال بغداد، وسبايكر غرب مدينة تكريت، وقاعدة بلد الجوية شمال بغداد، وعين الأسد غرب العراق، والشعيبة في البصرة، وعدد آخر من المعسكرات والقواعد التي بقيت صالحة للاستخدام من بين العشرات التي تم تدميرها بالكامل.
تصاميم جديدة
وكشفت وزارة الدفاع العراقية عن سلسلة من المشاريع التي يعتزم تنفيذها خلال الفترة المقبلة، ومنها معسكرات جديدة بتصاميم عالمية.
ووفق بيان الوزارة، فإن رئيس أركان الجيش العراقي الفريق أول الركن عبد الأمير يار الله التقى رئيس دائرة الإسناد الهندسي ومدير الأشغال العسكرية، واتطلع على المشاريع التي تنفذها المديرية لإنشاء وتأهيل الأبنية والمعسكرات والمنشآت التابعة للجيش.
وأضاف البيان أن المديرية عرضت تصاميم المعسكرات التي سيتم تنفيذها للجيش العراقي خلال الفترة المقبلة، وفق أحدث التصاميم.
هيكلة المؤسسة العسكرية
من جانبه، دعا الخبير العسكري أعياد الطوفان إلى أن تكون القواعد الجديدة خارج المدن، مرجحاً أن تكون هذه الخطوة تمهيداً لإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية وعودة الخدمة الإلزامية.
وأضاف أن "توزيع القطعات والفرق العسكرية كان منذ تأسيس الجيش العراقي، وهو مطروح ضمن المهام المستقبلية، بحيث تكون كل فرقة في محافظة. وإذا كانت معسكراتها خارج المدن حينها يكون احتكاك الجيش مع المدنين شبه معدوم".
إعادة التنظيم
وأشار إلى أن بذلك تكون القطعات متفرغة فقط لأغراض التدريب بشقيه التدريب الأساسي والتعبوي وإعادة التنظيم، موضحاً أنه يفترض أن يعاد تنظيم الجيش بعد نهاية أي معركة، وإعادة التنظيم تشمل الأشخاص والتجهيزات، وأن يجري استبدال السلاح والعتاد والآليات بقطع جديدة.
وأوضح أن إعادة الخدمة الإلزامية من جديد يتطلب أن إعادة ترميم وتجهيز المعسكرات المدمرة، وهذا يحتاج في أقل تقدير إلى خمس سنوات لاستيعاب الأعداد الكبيرة من المواليد الجدد، لا سيما أننا لا نملك حالياً معسكرات للتدريب، مؤكداً أن إعادة هيكلة الجيش العراقي يحتاج إلى جهد كبير، موضحاً في الوقت نفسه أنه ليس أمراً مستحيلاً وإنما بحاجة فقط إلى ضباط كفوئين ونزيهين.
وأقرت الحكومة العراقية برئاسة مصطفى الكاظمي، الثلاثاء 31 أغسطس (آب)، مشروع قانون للتجنيد الإلزامي في المؤسسة العسكرية بعد أن تم إلغاؤه عقب الغزو الأميركي للعراق عام 2003، بأمر سلطة الائتلاف المؤقت حينها بقرار من الحاكم المدني الأميركي بول بريمر، الذي حل الجيش العراقي ومختلف التشكيلات الأمنية.
ومنذ ذلك الحين تحول نظام العمل بالجيش إلى التطوع والخدمة غير الإلزامية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
معسكرات نموذجية
وتابع الطوفان أن الجيش العراقي تم بناؤه وفق النظام العسكري الإنجليزي وفي سبعينيات القرن الماضي، وأن أحد المعسكرات النموذجية التي شيّدت في مدينة سنجار كانت تضم شققاً لسكن الضباط وملاعب رياضية ودار سينما، إضافة إلى ميادين التدريب، مطالباً بإنشاء مثل هذه المعسكرات النموذجية.
الخبرات العراقية
ولفت إلى أن عدداً من القواعد العسكرية، منها قاعدة البكر المعروفة باسم (قاعدة سبايكر)، وقاعدة عين الأسد، تم إنشاؤهما من قبل المهندس الراحل خالد درع الطائي تحت إشراف إحدى الشركات اليوغسلافية، وبالإمكان الاستعانة بالخبرات العراقية في هذا المجال.
قوة ردع
بدوره، شدد مدير مركز دراسات أمنية واستراتيجية معتز عبد الحميد، على ضرورة إنشاء معسكرات ثابتة في كل محافظة تضم مختلف رُتب الجيش، إضافة إلى طائرات تكون قوة ردع في تلك المحافظات.
وكشف عبد الحميد عن أن "الجيش العراقي حالياً لا يمتلك معسكرات ثابتة للتدريب، واقتصر الأمر على مقار الألوية، وهذه المشكلة يعانيها الجيش"، لافتاً إلى أن القوات المسلحة العراقية بحاجة إلى معسكر ثابت يضم قوة طوارئ وعدداً من صنوف الجيش، تقوم هي بالتعامل مع حالات الطوارئ من دون اللجوء إلى بغداد".
واعتبر أن تطوير المنشآت العسكرية وبناء معسكرات جديدة هو قرار جيد على الرغم من تأخره، كاشفاً عن وجود معسكرات كبيرة أنشئت في العقود الماضية مثل معسكر سعد والتاجي وكسرة وعطش وبسمايا، إلا أن الجيش الأميركي ألغى هذه المعسكرات وجعلها معسكرات تدريب ولا معسكرات قوة ثابتة.
التدخل السياسي
وكشف عبد الحميد عن وجود خطة سابقة لإعادة هيكلة الجيش العراقي عبر لجنة مختصة، إلا أنها تعرضت لمعوقات من قبل الأحزاب السياسية التي تحاول منع إلغاء الوحدات الزائدة في تشكيلات الجيش، معتبراً أن إنشاء المعسكرات شيء مهم للاستراتيجية العسكرية الجديدة، فكان هناك معسكر في كل محافظة، إلا أنه تم إلغاؤها ونهبت، وتم التجاوز على أراضيها بعد عام 2003.
قوة مشتركة
وشدد على ضرورة أن يضم المعسكر قوة مشاة ودروعاً ومدفعية وأسلحة حديثة، إضافة إلى طائرات ومروحيات ومبان يفترض أن تشيد بشكل حديث يختلف عن الأبنية المدنية، من خلال ضم المعسكرات أبراج حراسة حديثة وكاميرات مراقبة وخنادق.
ويتكون الجيش العراقي من 14 فرقة عسكرية، وقيادات القوة الجوية والبحرية والبرية، والدفاع الجوي، ومديرية الاستخبارات العسكرية، ودوائر أخرى، إذ يبلغ عدد منتسبيه 350 ألفاً بين جندي وضابط، تنتشر قطعاته في جميع المدن العراقية باستثناء مدن إقليم كردستان العراق.
خطوة مهمة
وقال الصحافي باسم الشرع إن قرار وزارة الدفاع العراقية يمثل خطوة مهمة لإعادة هيكلة الجيش، وإرجاعه إلى وضعه الطبيعي كقوة تحمي البلاد ومسؤولة عن استقراره، بعد أن تحول خلال السنوات الماضية إلى قوة شرطة وأمن تتدخل في القضايا الجنائية وغيرها.
وأضاف أن بناء معسكرات جديدة سيسمح بسحب قوات الجيش العراقي وعدد آخر من التشكيلات العسكرية من المدن، وجعلها تتمركز في ضواحيها، ومثال على ذلك مدينة بغداد، لافتاً إلى أن العاصمة توجد فيها مقار وأبنية لأربع فرق عسكرية وقيادة جهاز مكافحة الإرهاب وفرقه وغيرها من التشكيلات العسكرية.
وشدد على أهمية وجود مقار ثابتة للجيش في أطراف المدن العراقية كما كان قبل عام 2003، وهو أمر مهم لاستقرار الوضع الأمني، لكونها تُعد قوة تدخل في حالات الطوارئ، فضلاً عن سحب آلياتها الثقيلة وعجلاتها العسكرية من داخل المدن، خصوصاً أنها تتخذ من مبانٍ ومقار غير نظامية مراكز لها.
وبيّن الشرع أن أي خطوة لإعادة التجنيد الإلزامي تحتاج إلى بناء معسكرات جديدة لاستيعاب الأعداد الهائلة من الذين سيشملهم القرار، لافتاً إلى أن هذا الأمر غير متوفر حالياً بسبب تدمير أغلب معسكرات الجيش العراقي ومنشآته بعد عام 2003.