مع استمرار الانقسام الشديد بين الأطراف الشيعية، وفي ظل الدعوات إلى مقاطعة الجلسة الثانية للبرلمان العراقي، المقررة السبت 26 مارس (آذار)، لانتخاب رئيس للجمهورية، تتنامى حظوظ تكرار سيناريو الجلسة الأولى نفسه.
وفشلت المحاولة الأولى لانتخاب رئيس للجمهورية في 7 فبراير (شباط) الماضي لعدم اكتمال نصاب الثلثين (أكثر من 220 نائباً من 329) بسبب مقاطعة "الإطار التنسيقي" الذي يمثل أحزاباً شيعية بارزة، مثل كتلة دولة القانون التي يرأسها رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، و"تحالف الفتح"، المظلة التي تنضوي تحتها فصائل الحشد الشعبي الموالية لإيران.
وتبع ذلك تعليق المحكمة الاتحادية ترشيح وزير الخارجية السابق هوشيار زيباري المنتمي إلى "الحزب الديمقراطي الكردستاني" للرئاسة، وأعيد فتح باب الترشيح للمنصب مرة ثانية.
ويوجد أربعون مرشحاً لمنصب رئاسة الجمهورية، لكن المنافسة الفعلية تنحصر بين شخصيتين تمثلان أبرز حزبين كرديين: الرئيس الحالي منذ عام 2018 برهم صالح، مرشح "حزب الاتحاد الوطني الكردستاني"، وريبر أحمد، مرشح "الحزب الديمقراطي الكردستاني". ويفترض أن يحصل المرشح على أصوات ثلثي النواب ليفوز.
ضغط الصدر
ويدفع التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، الفائز الأكبر في الانتخابات التشريعية، إلى عقد الجلسة. وهو شكل تحالفاً برلمانياً من 155 نائباً مع "الحزب الديمقراطي الكردستاني" وتكتل سني كبير من مجموعة أحزاب أبرزها حزب يقوده رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.
ويؤكد الصدر حيازته غالبية كافية في البرلمان للمضي في تشكيل "حكومة أغلبية وطنية"، وهو يأمل في فك الارتباط مع تقليد التوافق الذي يتيح لمختلف القوى السياسية النافذة المشاركة في السلطة. وبذلك، يضع الصدر خارج حساباته قوى وازنة على الساحة السياسية، خصوصاً الإطار التنسيقي.
في المقابل، يدعو الإطار التنسيقي الذي يملك تحالفاً بأكثر من مئة نائب، إلى المقاطعة.
وأعلن تحالف "إنقاذ وطن" الذي يقوده الصدر، الأربعاء، دعمه الواضح للمرشح ريبر أحمد للرئاسة، ولجعفر الصدر، سفير العراق لدى لندن وقريب زعيم التيار الصدري، لرئاسة الحكومة.
ودعا الصدر النواب المستقلين إلى المشاركة والتصويت.
في الأثناء، أكدت مصادر برلمانية لوكالة الصحافة الفرنسية أن نحو 131 نائباً قد يقاطعون الجلسة، ما يعني عدم تحقق النصاب اللازم، وإرجاء جديداً للانتخابات البرلمانية.
ويهدد ذلك بإطالة أمد الأزمة، وقد يؤدي إلى حل البرلمان وانتخابات تشريعية جديدة.
مسار معقد
وبعد ستة أشهر من الانتخابات النيابية المبكرة في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، لا يزال العراق من دون رئيس جديد، وبالتالي من دون رئيس حكومة جديد يتولى السلطة التنفيذية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى رئيس الجمهورية أن يسمي، خلال 15 يوماً من انتخابه، رئيساً للوزراء، وعادة ما يكون مرشح التحالف الأكبر تحت قبة البرلمان. ولدى تسميته، تكون أمام رئيس الحكومة المكلف مهلة شهر لتأليفها.
إلا أن هذا المسار السياسي غالباً ما يكون معقداً وطويلاً في العراق بسبب الانقسامات الحادة والأزمات المتعددة وتأثير مجموعات مسلحة نافذة.
ومنذ الانتخابات الأولى المتعددة التي شهدتها البلاد في 2005 ونظمت بعد الغزو الأميركي الذي أدى إلى سقوط نظام صدام حسين في 2003، يعود منصب رئيس الجمهورية تقليدياً إلى الأكراد، بينما يتولى الشيعة رئاسة الوزراء، والسنة مجلس النواب. ويتولى "الاتحاد الوطني الكردستاني" تقليدياً منصب رئاسة الجمهورية، مقابل تولي "الحزب الديمقراطي الكردستاني" رئاسة إقليم كردستان، بموجب اتفاق بين الطرفين.
جولة ثانية
وفي حال انعقاد الجلسة، يستبعد رئيس "مركز التفكير السياسي" إحسان الشمري أن "يحسم الانتخاب من الجولة الأولى".
ويشير الشمري إلى احتمال عدم تحقيق "أي من المرشحين الأوفر حظاً على غالبية الثلثين" اللازمة لانتخاب رئيس. ويعني ذلك احتمال التوجه إلى "جولة ثانية" للانتخابات الرئاسية، "لغرض حصول المرشح الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات على غالبية الثلثين".
ويستبعد الشمري أن يتم حل البرلمان في حال إخفاق الجلسة، ويعتبر أن هذا الطرح "مناورة سياسية تهدف إلى تحفيز النواب على حضور الجلسة من أجل تحقيق النصاب".