هل تعود تفاهمات "البيت الشيعي" إلى المشهد من جديد؟

آخر تحديث 2022-03-29 00:00:00 - المصدر: اندبندنت عربية

بعد فشل تحالف "إنقاذ وطن" الذي يضم "الكتلة الصدرية" و"الحزب الديمقراطي الكردستاني" وتحالف "السيادة" في تحقيق أغلبية الثلثين في جلسة البرلمان الماضية، تتجه الأنظار نحو الخطوة التالية للتحالف خلال جلسة 30 مارس (آذار)، وما إذا كانت الأطراف الموالية لإيران ستنجح في إجبار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر على العودة إلى "البيت الشيعي" وتشكيل حكومة توافقية مرة أخرى.

ولا يبدو أن الإخفاق في تحقيق نصاب جلسة البرلمان سيعيد المفاوضات بين "الإطار التنسيقي للقوى الشيعية" والتيار الصدري، في الأقل خلال الأيام القليلة المقبلة، إذ تنصب جهود كلا الفريقين على التمكن من الحصول على أصوات النواب المقاطعين للجلسة الذين لم ينضموا سواء للتحالف الثلاثي "إنقاذ وطن" أو "الإطار التنسيقي".

18 نائباً لحسم السباق

ويحاول التيار الصدري استقطاب عدد من النواب المقاطعين للجلسة الماضية وغير المنضوين ضمن "الإطار التنسيقي"، وعلى رأسهم كتلة "إشراقة كانون" ستة نواب، وتحالف عزم المكون من 12 نائباً سنياً، فضلاً عن نواب متفرقين آخرين. 

ويسعى التحالف الثلاثي "إنقاذ وطن" للحصول على أصوات 18 نائباً إضافياً، إذ يتطلب الحصول على أغلبية الثلثين (أكثر من 220 نائباً من 329) لتحقيق نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، فيما لم يتمكن التحالف خلال الجلسة الماضية من الحصول على أكثر من 202 نائب.

وتتزايد المخاوف من احتمالية أن يعيد الفشل في تحقيق نصاب الثلثين التيار الصدري إلى مساحة التوافق مع أطراف الإطار التنسيقي والعودة إلى تفاهمات البيت الشيعي، كما كان يحصل خلال كل دورة انتخابية منذ عام 2003.

ويرى رئيس "مركز كلواذا" للأبحاث باسل حسين، أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر "ما يزال متشبثاً بفكرة الأغلبية الوطنية، وربما بعد ذلك سيبحث عن خيارات أخرى منها موازية لهذه الفكرة وأخرى مبتعدة عنها".

ويضيف لـ"اندبندنت عربية" أن "أقرب فكرة بديلة هي التوافقية المشروطة، بأن يضع مقتدى الصدر شروطاً محددة على قوى الإطار التنسيقي في سبيل القبول بانضمامها إلى الحكومة، أو تنفيذ تهديده بحل البرلمان الذي يتطلب قراراً بتصويت 165 نائباً". ويشير إلى أن "طهران وضعت كل ثقلها من أجل إفشال نصاب جلسة انتخاب الرئيس، في محاولة للحاق بالمشهد العراقي بعد أن فقدت كثيراً من عناصر تحكمها فيه".

حسم ملف "الكتلة الكبرى"

على الرغم من حديث "الإطار التنسيقي" عن امتلاكه الثلث المعطل في البرلمان العراقي، فإن مؤشرات الجلسة الماضية بينت بشكل واضح أن الإطار التنسيقي والمتحالفين معه يمتلكون 94 نائباً فقط، لكن مقاطعة قوى أخرى غير منضوية ضمن الإطار التنسيقي للجلسة هي التي أسهمت في تعطيلها. وتطالب الكتل الصغيرة المقاطعة للجلسة بجملة اشتراطات وضمانات قبل دخولها جلسة البرلمان، وهو الأمر الذي ينعش حظوظ تحالف "إنقاذ وطن" مرة أخرى. 

وتعول أطراف الإطار التنسيقي على أن فشل نصاب الجلسة الماضية سيدفع التيار الصدري إلى العودة لتوافقات البيت الشيعي، إلا أن المؤشرات تبدو مغايرة، إذ أكد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من خلال منصته على "تويتر"، "لن نعود إلى خلطة العطار"، مردفاً "اليوم ثبتنا وأثبتنا أن لا مكان للمحاصصة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى الرغم من فشل تحالف "إنقاذ وطن" في تحقيق غالبية الثلثين فإنه تمكن من إثبات امتلاكه "الكتلة الكبرى" داخل البرلمان، وهو الأمر الذي يجعله المسؤول عن تسمية رئيس الوزراء المقبل. 

ويعتقد الباحث في الشأن السياسي، أحمد الياسري، أن "اللعبة السياسية لا تزال بيد الصدر"، مبيناً أن ما حصل خلال جلسة البرلمان الماضية "أعطى الأسبقية للتيار الصدري من خلال حسم ملف الكتلة الكبرى في البرلمان العراقي لصالحه". ومثل بيان الصدر بعد انتهاء الجلسة الماضية بمثابة "إعلان انتصار" كما يعبر الياسري الذي يشير إلى أن حسم أغلبية الثلثين في الجلسة المقبلة "سيعتمد على الحوارات مع المستقلين التي تعد أسهل من التفاوض مع الإطار التنسيقي".

ولعل ما سيسهم في تغيير وجهة نظر كتل المستقلين المقاطعة للجلسة الماضية هو "هجوم الشارع العراقي عليهم على أثر انضمامهم إلى الإطار التنسيقي"، بحسب الياسري الذي يبين أن "نقمة الشارع من اصطفاف المستقلين مع الموالين لإيران ستعطي الصدر فرصة ذهبية لاستقطابهم في الجلسة المقبلة". 

وبشأن إمكانية عودة التيار الصدري إلى "البيت الشيعي" مرة أخرى، يرى الياسري أن "بيان الصدر الأخير تضمن رسالة واضحة أن لا عزم لديه على العودة إلى تفاهمات البيت الشيعي".

ويختم أن الضغوط الإيرانية التي نجحت في تعطيل الجلسة الماضية "ستنقلب على الإطار التنسيقي خلال الجلسة المقبلة"، مبيناً أن "جلسة السبت حطمت إمكانية الركون إلى البيت الشيعي خلال الفترة المقبلة". 

اشتراطات الاتفاق النووي تعزز موقف الصدر

وكان البرلمان العراقي، أخفق في 26 مارس في تحقيق نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وهو الأمر الذي عده الموالون لإيران انتصاراً للثلث المعطل.

وبناء على قرار المحكمة الاتحادية، فإن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية تتطلب حضور أغلبية الثلثين لتحقيق النصاب، فيما لا يشترط حصول المرشحين على تلك النسبة عدا في الجولة الأولى للانتخاب، أما الجولة الثانية فيفوز فيها من يحصل على الأغلبية البسيطة. 

ويرشح تحالف "إنقاذ وطن" القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني ريبير أحمد لرئاسة الجمهورية، وجعفر الصدر ابن عم زعيم التيار الصدري لرئاسة الوزراء. 

وتقول أطراف الإطار التنسيقي أنها تعترض على ترشيح ريبير أحمد لرئاسة الجمهورية، فيما يبدو أنها لا تعترض على ترشح الصدر لمنصب رئاسة الوزراء، وهو الأمر الذي يراه مراقبون محاولة لاسترضاء التيار الصدري ودفعه باتجاه البيت الشيعي مرة أخرى. 

ويرى أستاذ العلوم السياسية، عصام الفيلي، أن موضوع الأغلبية السياسية ما يزال قائماً وبقوة، مبيناً أن "الحديث عن اشتراطات دولية بحسم ملف التدخل الإيراني في العراق والمنطقة ضمن أي صفقة بما يتعلق بالملف النووي الإيراني عزز من موقف القوى المناهضة لطهران". 

ويضيف الفيلي أن هذا السيناريو "سيعزز موقف الصدر والتحالف الثلاثي، ويدفعه إلى المضي بتشكيل حكومة أغلبية سياسية". 

ويختم أنه، "على الرغم من إصرار الصدر على الأغلبية وعدم العودة إلى تفاهمات البيت الشيعي، فإنه لن يذهب إلى منطقة تحفيز الصدام المباشر مع بقية الأطراف".