ألترا عراق - فريق التحرير
أكمل مجلس النواب العراقي يوم الإثنين 28 آذار/مارس 2022 قراءته الثانية لمشروع قانون من 9 فقرات لم يحسم تسميته حتى الآن، وجاء بعنوان "دعم الأمن الغذائي والتنمية والتحوط المالي وتخفيف الفقر" ويطلق عليه لأغراض هذا القانون اسم "الحساب".
يمول 35% من الحساب لتحقيق الأمن الغذائي وتخفيف حد الفقر ويشمل ذلك البطاقة التموينية وشراء محصولي الحنطة والشلب وتسديد مستحقات الفلاحين
وجاء في الأسباب الموجبة لمسودة القانون، أنه شُرع "بغية تحقيق الأمن الغذائي وتخفيف حد الفقر وتحقيق الاستقرار المالي في ظل التطورات العالمية الطارئة والاستمرار بتقديم الخدمات للمواطنين والارتقاء بالمستوى المعيشي لهم بعد انتهاء نفاذ قانون الموازنة وخلق فرص العمل وتعظيم استفادة العراقيين من موارد الدولة ودفع عجلة التنمية واستئناف العمل بالمشروعات المتوقفة والمتلكئة بسبب عدم التمويل والسير بالمشروعات الجديدة ذات الأهمية".
اقرأ/ي أيضًا: قرابة 9 مليارات دولار إيرادات العراق من النفط في شباط الماضي
وأُسند تمويل الحساب إلى الأموال الموجودة في حسابات وزارة المالية الزائدة عن إجمالي مبالغ النفقات، "بما لا يزيد عن 25 تريليون دينار عراقي"، إضافة إلى المنح والإعانات والقروض، لكن اللجنة المالية صوتت على إلغاء فقرة القروض لاحقًا.
ويجري التمويل على أساس شهري أو فصلي أو سنوي، وبنسبة "35% لتحقيق الأمن الغذائي وتخفيف حد الفقر ويشمل ذلك البطاقة التموينية وشراء محصولي الحنطة والشلب وتسديد مستحقات الفلاحين للمواسم السابقة بموافقة مجلس الوزراء".
كما يجري توزيع مبالغ بذات النسبة على "المشروعات ذات الأولوية المتوقفة والمتلكئة بسبب عدم التمويل"، و"المشروعات الخدمية الجديدة الضرورية التي لا تزيد كلفة المشروع الواحد منها عن 20 مليار دينار عراقي".
وجاءت النسب الأخرى على النحو التالي:
- 10% لتعزيز السيولة الوقائية للخزينة العامة.
- 10% تسديد المديونية الخارجية وديون استيراد الغاز وشراء الطاقة.
- 5% تسديد كلفة إنتاج النفط الخام.
- 5% مصروفات طارئة باقتراح وزير المالية وموافقة مجلس الوزراء.
موازنة مصغّرة
"لا شيء في القانون له علاقة بالأمن الغذائي"، يعتقد الخبير الاقتصادي مصطفى حنتوش، "ما عدا الفقرة التي تنص على تخصيص 35٪ من أصل مبلغ 25 ترليونًا من فائض إيرادات النفط لدى الدولة، واستثناءها من مادة قانون الإدارة المالية 1/6 رقم 6 لسنة 2019"، إذ يوضع في هذا الحساب "ما يصل إلى 25 ترليونًا، 35٪ يمكن أن تمول البطاقة التموينية وغيرها و65٪ تذهب لأعمال خدمية، أو مشاريع بلدية".
يرى خبير اقتصادي أن القانون ليس له علاقة بالأمن الغذائي، بل هو قانون موازنة مصغر
يقول حنتوش في حديث لـ"ألترا عراق" إن "هذا القانون ليس له علاقة بالأمن الغذائي، بل هو قانون موازنة مصغر"، متساءًلا عن الهدف منه.
ويشير الخبير الاقتصادي إلى "عدم خبرة اللجنة المالية الجديدة، وقد يرضى البعض منهم ببعض الكومشنات البسيطة، وقد يمر عليهم هذا القانون بسهولة"، على حد تعبيره.
ويضيف: "شاهدنا بعض أعضاء اللجنة المالية فرحين بهذا القانون، ولا يفهم بأن هكذا القانون يحتاج إلى جدول بالمشاريع الاستثمارية، وكل مشروع ونسب إنجازه، أو أهميته الاستراتيجية، أو هل المشروع يخدم البلد".
ويؤكد الخبير أن "هذا قانون موازنة مصغر، إذ لا توجد موازنة لسنة 2022، وستستهلك فوائض النفط التي تحققت نتيجة ارتفاع الأسعار في مشاريع مبهمة، ستعتمد وزارة التخطيط، على إدخالها في العمل دون وضوح الرؤية الاستراتيجية، لكن يبدو أن عدم خبرة اللجنة الجديدة، دفعت مجلس الوزراء الذي ليس من حقه إرسال قانون موازنة مصغر".
واعتبر حنتوش مرور القانون "كارثة مالية"، إذ أن "25 ترليونًا ستذهب مباشرة إلى آلاف المشاريع المتلكئة".
تقول نائبة عن الكتلة الصدرية، إن قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية سيوفر فرص عمل جديدة
ويرى حنتوش أن القانون "أهمل فقرة مهمة، فقانون الشركة العامة للآسواق المركزية (67 المركزي)، التي تمثل أساس تحقيق الأمن الغذائي، هذه الشركة التي بقيمة 3 ترليونات مهملة منذ 18 عامًا، ولم يتطرق إليها هذا القانون، فأي أمن غذائي هذا؟".
وكذلك "لم يتطرق القانون إلى إقامة خزين استراتيجي لمدة 6 أشهر، ولم يكلف سوى 5 تريليونات"، يوضح حنتوش، ويقول: نحن مع الأسواق المركزية والخزين نحتاج 5 ترليولنات، وأيضًا مستحقات الفلاحين ودعم المبادرة الزراعية نحتاج إلى 8 ترليونات، فما الداعي إلى 25 تريليونًا؟".
القانون يخلق فرص عمل!
مقابل ذلك، تقول النائبة عن الكتلة الصدرية ابتسام التميمي، إن قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية سيوفر فرص عمل جديدة، ويخفف من حدة الفقر ويعظم استفادة المواطنين من موارد الدولة".
وباعتباره القانون الأول الذي يسعى البرلمان لتشريعها بحسب التميمي، فأنه سيضمن "خلق فرص عمل جديدة واستئناف العمل بالمشروعات المتوقفة والمتلكئة وإطلاق أخرى جديدة وسيعمل على تحقيق الاستقرار المالي وتوفير الأمن الغذائي ودفع عجلة التنمية".
وأكدت التميمي في حديث صحفي تابعه "ألترا عراق" أن "جوهر مشروع القانون يتعلق بإعطاء صلاحية الإنفاق لتحقيق الأمن الغذائي وبما لا يتعارض مع قانون الموازنة" ، مبينةً أنه "سيعرض للتصويت عليه بعد تقديم تقرير من قبل اللجنة المالية لمجلس النواب نظرًا لتأخر إقرار موازنة 2022".
"القانون غير قانوني"
في حال أخفق التحالف الثلاثي في مجلس النواب بتمرير مرشحه لرئاسة الجمهورية، سيكون هذا القانون - عند تشريعه - تحت تصرّف حكومة تصريف الأعمال برئاسة مصطفى الكاظمي.
مشروع قانون الدعم المالي للأمن الغذائي والتنمية مخالفللدستور بحسب قانونيين
وتعتبر الحكومة الحالية حكومة تصريف أعمال وفقًا للدستور، وهو "وصف يعطي الحكومة الحق باتخاذ القرارات والإجراءات غير القابلة للتأجيل التي من شأنها استمرار عمل مؤسسات الدولة والمرافق العامة بانتظام واضطراد".
ويوضح الخبير القانوني حيان الخياط بشأن صلاحيات الحكومة: "لا يدخل من ضمنها مثلًا اقتراح مشروعات القوانين أو عقد القروض أو التعيين في المناصب العليا في الدولة والإعفاء منها أو إعادة هكيلة الوزارات والدوائر. وهو ما ورد في المادة 42/ثانيًا من النظام الداخلي لمجلس الوزراء لسنة 2019".
وفي خلاصة الأمر، يقول الخياط في حديث لـ"ألترا عراق"، إن ذلك "يجعل مشروع قانون الدعم المالي للأمن الغذائي والتنمية مخالفًا للدستور، وحريًا بالإلغاء من قبل المحكمة الاتحادية العليا في حال تم تشريعه".
عضو اللجنة القانونية السابق حسين العقابي يتفق مع الخبير القانوني بالقول، إن "لا أساس دستوري للحكومة لإرسال القوانين إلى البرلمان".
ويضيف العقابي في حديث تلفزيوني تابعه "ألترا عراق"، أن "فائض الأموال كان من المفترض أن يغطي عجز الموازنة"، مؤكدًا أن "قانون الدعم الغذائي الطارئ لا أساس دستوري له".
اقرأ/ي أيضًا:
ما بعد انتهاء النفط.. هل يمتلك العراق بدائل لتغطية مصاريفه السنوية؟
رسميًا.. خزين العراق من الحنطة يكفي لثلاثة أشهر فقط