مع حلول شهر رمضان، تجتمع العائلات في العراق على ممارسة طقوس معينة تكاد تتشابه في غالبية مناطق بغداد والمحافظات الأخرى.
وأول الطقوس التي تحرص العائلات العراقية على ممارستها خلال هذا الشهر هي تبادل الأطباق في ما بينها، حيث تشير "أم أحمد" إلى أن "هذا الطقس يعد من أهم طقوس الشهر الفضيل ويعود جذوره إلى عقود طويلة، إذ تتشارك الأسر في ما بينها بالمأكولات التي تقوم بإعدادها على الإفطار".
وتابعت أن "المائدة العراقية في رمضان لا تخلو من أشهر الأكلات المعروفة في المطبخ العراقي كالدولمة والكباب والباجة كذلك وجود حساء العدس كجزء رئيسي من المائدة".
تبادل الزيارات والتنزه
أما "أم علي"، التي تتفق مع ما ذهبت إليه جارتها أم أحمد تقول "تلك الطقوس كانت العائلات تمارسها بشكل يومي خلال الشهر الفضيل إلا أنه خلال السنوات القليلة الماضية اختصرت على عدد معين من تلك العائلات".
وتضيف أن "ما يميز رمضان هي جمعة العائلات على مائدة واحدة كذلك تبادل الزيارات بين الأهل والأقارب والأصدقاء والجيران بعد الفطور أو التنزه والتعبد".
وتتابع أن "الأوضاع الأمنية اليوم تشهد استقراراً كبيراً، الأمر الذي ساعد على خروج العائلات إلى المطاعم والمتنزهات وأيضاً إلى الأماكن العامة مع بقائهم إلى ساعات متأخرة تصل إلى فجر يوم جديد" بشكل أفضل مما كانت عليه إبان جائحة كورونا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"المسحراتي"
طقس آخر لا يقل أهميته في رمضان، حيث اعتاد العراقيون عليه في كل رمضان ويشكل جزءاً رئيسياً من تقاليد هذا الشهر، هو "المسحراتي". ورغم تطور التكنولوجيا إلا أنه يصر على الحفاظ على تقليد متوارث من قبل الأجيال الماضية حيث يجوب "المسحراتي" الشوارع بطبلته الشهيرة لإيقاظ الناس لتناول وجبة السحور.
ويقول الكاتب والباحث في التراث العراقي زيدان الربيعي، أن " طقوس شهر رمضان الكريم، قد تأثرت بعض الشيء قياساً بالعقود الماضية لأسباب عدة منها التطور في التقنيات، حيث بدأت العائلات العراقية تحرص على مشاهدة الأعمال الدرامية التي تعرض في هذا الشهر، وتسبب هذا الاهتمام بمتابعة المسلسلات العراقية والعربية، وكذلك البرامج التلفزيونية المختلفة لقلة خروج العائلات من منازلها، ثم جاءت الهواتف النقالة ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة لتؤدي إلى تقليل الزيارات بين العائلات، كذلك لا ننسى التأثير المعيشي على العراقيين، لأن الحياة تكاد تكون صعبة في البلد بسبب ارتفاع أسعار جميع السلع، إثر قيام الحكومة العراقية بخفض قيمة الدينار العراقي أمام الدولار الأميركي، مما جعل العائلات محدودة الدخل تلغي الكثير من الطقوس التي كانت تعتاد على ممارستها في هذا الشهر الفضيل".
ويستدرك الربيعي بالقول "لكن مع كل ما تقدم من حقائق، إلا أن هناك بعض الطقوس لا تزل صامدة عند العراقيين ولم تتمكن كل وسائل الحداثة والتجديد من دثرها أو القضاء عليها، ومن أبرز هذه الطقوس تبادل أطباق الطعام بين العائلات العراقية، كذلك التواجد في المقاهي بالنسبة لكبار السن، بينما يحرص الشباب على التوجه بعد موعد الإفطار إلى الكازينوهات أو الحدائق، والبعض الآخر يتوجه إلى الملاعب لممارسة لعبة كرة القدم، في حين يتوجه البعض الآخر نحو المساجد أو المراقد الدينية لغرض الاستمتاع بطقوس هذا الشهر الفضيل، كذلك لا أنسى أن لعبة (المحيبس)، وهي لعبة شعبية شهيرة في العراق، وبرغم تعرضها للمنع في العامين الماضيين بسبب تفشي جائحة (كورونا)، إلا أنها في هذا الشهر قد عادت الحياة لها مجدداً، إذ من المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة مباريات مثيرة في هذه اللعبة".