حادثة تعرض سيارة بارزاني للرشق بالبيض في لندن تتفاعل في كردستان

آخر تحديث 2022-04-23 00:00:00 - المصدر: اندبندنت عربية

صعدت حادثة رشق سيارة رئيس حكومة إقليم كردستان بالبيض في لندن، من حدة التراشق الإعلامي القائم بين الحزبين الكرديين التقليديين حول مسؤولية الأزمات التي تعصف بالإقليم منذ سنوات، فيما دعا نواب أكراد الحزبين للإعلان رسمياً عن تقاسم الحكم وفق نظام الإدارتين السابق، بغية تشخيص المسبب الرئيس لـ"سوء الإدارة" التي يعاني منها الإقليم. 

وفي زيارة كان بدأها يوم الإثنين الماضي أجرى خلالها لقاءات واجتماعات مع كبار المسؤولين البريطانيين على رأسهم رئيس الوزراء بوريس جونسن، تعرضت سيارة رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني إلى رشق بالبيض من قبل العشرات من أفراد الجالية الكردية احتجاجاً على الزيارة، رافعين شعارات مناهضة لسياسات حكومة الإقليم، وأطلقوا هتافات تدعو للإفراج عن "المعتقلين من النشطاء والصحافيين في مناطق نفوذ حزب بارزاني". 

وتشهد العلاقة بين الحزبين الكرديين الحاكمين "الديمقراطي" بزعامة مسعود بارزاني صاحب النفوذ في محافظتي أربيل ودهوك و"الاتحاد الوطني" بزعامة بافل طالباني المتنفذ في نطاق محافظة السليمانية وتوابعها، توتراً إثر خلافات محتدمة على عدة مستويات تتصدرها أزمتهما المالية المتفاقمة منذ سنوات وصراعهما المحتدم على منصب رئاسة الجمهورية إلى جانب خلافهما على إدارة وتقاسم الإيرادات وتقاطع مواقفهما من إجراء تعديلات على قانون الانتخابات البرلمانية في الإقليم، والذي بات يهدد بتأجيلها موعدها المقرر مطلع أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. 

وفي الموقف الرسمي من حادثة الرشق في لندن، قلل الناطق باسم الحكومة جوتيار عادل من التداعيات، وقال للصحافيين يوم الجمعة إن "التصرف الذي ارتكب ضد رئيس الحكومة في لندن لن يكون له تأثير قيد أنملة وسوف نستمر". 

"انتقاماً للظلم"

الموقع الرسمي لحزب "الاتحاد" ضمن تغطيته للواقعة، نشر خبراً جاء فيه إن "الكرد في بريطانيا خلال رشقهم رئيس الوزراء بالبيض، أطلقوا هتافات منددة بسياسات رئيس حكومة الإقليم وملف المعتقلين من الصحافيين والنشطاء وحرية التعبير"، فيما تناولت بعض وسائل إعلام وحسابات في مواقع التواصل الاجتماع المقربة من الحزب الخبر باهتمام، وتداول بعضها مادة تتعلق "بفوائد البيض" وهو ما فسره مستخدمو المواقع بأنه "سخرية من الموقف الذي تعرض له رئيس الحكومة". 

نائبة عن "الاتحاد" في برلمان الإقليم اعتبرت الحادثة بأنها "جاءت انتقاماً للظلم والعنف"، وقالت روجان محمد كريم إن "مسرور بارزاني عمل منذ توليه رئاسة الحكومة على كبح الحريات والرأي باستخدام القوة والترهيب والضرب، خصوصاً في مناطق دهوك التي شهدت اعتقال ومحاكمة العديد من الصحافيين والنشطاء المدنيين، لكنهم لم يدركوا بأن الشعب إذا لم يستطع أن يطالب بحقه وحريته في وطنه، يمكنه أن ينتقم في دول أخرى"، وقالت إن "حادثة لندن كانت رسالة مهمة لكي يكف عن ممارسة سياسة الترهيب وقطع الأرزاق والعمل على توفير العيش الكريم للمواطن ومنحه الحرية"، مضيفة أن "آلاف من شبابنا هاجروا بسبب السياسات الخاطئة للحزب الديمقراطي خصوصاً في السنوات الماضية التي تولى خلالها مسرور رئاسة الحكومة، وهؤلاء اليوم أوصلوا رسالتهم إلى ودول العالم، وانتقموا للعنف والظلم الذي تعرض له الصحافيون والنشطاء في محافظتي دهوك وأربيل". 

من جهته أعلن زعيم "الاتحاد" بافل طالباني في بيان أصدره بمناسبة "يوم الصحافة الكردية" عن أسفه "لاستمرار اعتقال بعض المحكومين من الصحافيين والنشطاء في محافظة دهوك، والمسجونين تحت مبررات خرق القانون واستهداف القيم الوطنية"، مشيراً إلى أن "هذه الأفعال أعطت صورة سلبية عن إقليم كردستان لدى المجتمع الدولي". 

واعتقلت السلطات في أربيل ودهوك آواخر عام 2020 العشرات من الصحافيين والنشطاء المدنيين في أعقاب مساندتهم لتظاهرات كانت شهدتها المدن الكردية احتجاجاً على أزمة المرتبات، وصدرت لاحقاً بحقهم أحكاماً وصلت إلى السجن لمدة ست سنوات قبل أن تخفف الأحكام لاحقاً، وكان بارزاني قبل أيام من المحاكمة اتهم المعتقلين بـ"التجسس" و"محاولة تخريب وتفجير والمساس بأمن الإقليم"، إلا أن الادعاء العام لم يشر في ملفات إحالة القضايا إلى تهم تتعلق بـ"التجسس". 

"تحريض مدفوع الثمن"

وكالة "باسنيوز" المقربة من بارزاني اتهمت "قوى الاتحاد والعمال الكردستاني والإسلامية الكردية المتطرفة بالوقوف وراء الاعتداء مقابل مكافئات مالية"، وقالت "واضح أن هؤلاء عاطلون عن العمل وقد وصل معظمهم أخيراً كمهاجرين إلى بريطانيا، وقد طالبوا بإطلاق صراح إرهابي من أحد سجون الإقليم متهم بالانتماء إلى تنظيم داعش يدعى اسماعيل سوسيي"، وتساءلت "كيف يمكن استقطاب جمهور في مدينة كبيرة مثل لندن في يوم عمل، هذا مستحيل"، مشيرة إلى أن "حزب الاتحاد ليس لديه الأعذار لارتكاب هذه الفعلة، لأنه منذ العام 1991 يتحمل على الأقل نصف المسؤولية في إقليم كردستان واليوم يحاول التغطية على سرقته للإيرادات والمرتبات في ظل النقمة المتصاعدة لدى شعب السليمانية". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتشكو المصارف الحكومية في السليمانية منذ أشهر من شح حاد في السيولة النقدية، في ظل تظاهرات وإضرابات شبه يومية ينظمها موظفو القطاع العام احتجاجاً على تأخر دفع المرتبات، وشح الأدوية في المستشفيات الحكومية، وتوقف أعمال شركات التنظيف والمشاريع الخدمية. 

الموقع الرسمي لحزب بارزاني وصف زيارة مسرور إلى بريطانيا بأنها "تاريخية غزيرة بالمكاسب لكردستان"، وأكد استغرابه "من سلوك وسائل الإعلام التابعة لحزب الاتحاد الوطني، من خلال تغطية تصرف عدد من مثيري الشغب، أظهروا مرة أخرى عمق كراهيتهم ضد فخر وإنجازات كردستان"، وقال إن "الاتحاد للاسف يتبع نهجاً هداماً وهو لم يحقق أي إنجاز أو مكاسب لشعب الإقليم، رغم أن أعضاء عنه وعن حركة التغيير رافقوا وفد رئيس الحكومة، أي أنه مثل الإقليم رسمياً، لماذا وقف الاتحاد ضد هذه الزيارة إذاً؟ وإذا كنتم تقصدون شخص رئيس الوزراء، فإن الاتحاد ممتن من أجل أن يحمل حقيبته"، في إشارة إلى نائبه قباد طالباني، ونوه إلى أن "هذه اللعبة الرخيصة التي يلعبها الاتحاد ووسائل إعلامه، لن تقلل من قيمة استراتيجية الزيارة،، وإن تصرف بعض الجهلة ومثيري الشغب لهو شهادة على نجاح سياسة رئيس الوزراء". 

دوافع إقليمية

وزير الأوقاف في حكومة الإقليم عن حزب بارزاني بشتيوان صادق كتب خلال منشور على "فيسبوك" قائلاً "على الرغم من أن كردستان ليست دولة، لكنها تتمتع بمستوى عالي من العلاقات الدولية ولا تقل عن الدول التي حصلت على استقلالها قبل عشرات السنين"، وأضاف "بالنسبة لنا نحن الكرد كأمة مظلومة وأكبر قوم لا يملك دولة في الشرق الأوسط، فإن هذا الترحيب من قبل الدول العظمى بوضع علم الإقليم، دليل على انتصار دبلوماسية حكومة الإقليم، فهي حتماً ستكون مرة جداً للأعداء وحلوة للوطنيين من الكرد". 

وصرح القيادي البارز في "الديمقراطي" علي عوني إن "حزبي الاتحاد والعمال يقفان حائلاً أمام طموح الكرد بدافع من دول إقليمية (في إشارة إيران)، وعادة ما يصابون بالجنون مع كل جهد من شأنه أن يكرس أسس وكيان الحكم في كردستان ويوسع من مكانته الدبلوماسية على الصعيد الدولي"، وأضاف أن "مكانة رئيس الحكومة واضحة، بالمقارنة مع مستوى قنديل (معقل حزب العمال) والاتحاد اللذين يعانيان من أزمات، ويحاولان التغطية على فشلهما عبر ارتكاب تصرفات غوغائية، والقيام بسرقة أرصدة المصارف ولا يستطيعون أن يلقو بالتهمة على الحزب الديمقراطي، لأن شعب السليمانية وتوابعها يدركون جيداً أن مسؤولية إدارة منطقتهم هو حزب الاتحاد الذي يسرق الأموال ولا يقدم إنجازات". 

انقسام غير معلن

في غضون ذلك تحدث نواب في برلمان الإقليم عن أن إدارة الإقليم "مقسمة فعلياً" وفق نظام حكم الإدارتين الذي ظهر في أعقاب الحرب الأهلية التي خاضها الحزبان منتصف تسعينيات القرن الماضي، قبل أن يبرما اتفاقية لتوحيدهما عبر وساطة أميركية. 
 
عضو قيادة "الديمقراطي" في السليمانية وحلجبة آرين هرسين أعلن عن أن "ما يجري اليوم في الإقليم هو نظام حكم الإدارتين، لكن يجب أولاً أن يعلن ذلك رسمياً، وليتولى كل طرف إدارة منطقته ليتبين لاحقاً للشعب من الذي يقدم الخدمات بشكل أفضل"، مبيناً أن "ما يجري في السليمانية وما يفعله حزب الاتحاد، أمران يحتاجان إلى التوضيح، فأي أزمة تحدث يلقي هذا الحزب بالمسؤولية على الحزب الديمقراطي في وقت طاقمه في الحكومة هو مساند لبرنامجها ونهجها، في حين أن نوابه وأعضاءه يتبنون نهج المعارضة"، وحمل هرسين حزب الاتحاد مسؤولية "الاعتداء" على رئيس الحكومة في لندن قائلاً "للأسف لماذا علينا وشعب كردستان أن يدفع ضريبة الارتباك الحاصل في أروقة حزب الاتحاد؟".

من جانبه كشف النائب البارز عن كتلة "التغيير" علي حمه صالح في بيان "أن هناك اتفاقاً خفياً وغير معلن بين الحزبين على العودة إلى نظام حكم الإدارتين بين أربيل والسليمانية وهو يطبق فعلياً، واضعاً الأخيرة تحت حصار من قبل الطرفين"، محذراً من أن "السليمانية من وراء هذا التفاهم ستواجه انهياراً في المستقبل القريب".

وأفاد صالح أن "التفاهم ينص على أن تكمل كل إدارة المبالغ المطلوبة لدفع المرتبات من إيراداتها في حال لم تكف الأموال المستحصلة من أرباح النفط، وهذا ما حصل بالنسبة للسليمانية التي لم تتمكن من تأمين المبلغ المطلوب"، وزاد "كما أن السليمانية تعتمد على إيراداتها في إتمام المشاريع، بينما يقول المسؤولون فيها بأن الأموال غير متوفرة، لذا فإن المشاريع متوقفة تماماً، والحكومة لا تتحدث مطلقاً عن عمليات الترهيب والفساد وتوقف المشاريع في السليمانية لأن تداعياتها تنعكس حصراً على مواطنيها وليس على جميع مواطني الإقليم، ويلاحظ نفس الموقف بالنسبة لمسؤولي حزب الاتحاد في الحكومة من ما يجري في نطاق نفوذ حزب بارزاني". 

ووجه صالح سؤالاً إلى حزب الاتحاد قائلاً "إذا كنتم تدعون قلة إيرادات السليمانية، إذا لماذا ترضون بصيغة حكم الإدارتين القائم على أرض الواقع؟".