ما مدى خطورة هجمات "داعش" الأخيرة في العراق؟

كثّف تنظيم "داعش" خلال الأسبوع الماضي ومطلع الأسبوع الحالي هجماته على الطريق السريع الواصل بين العراق والأردن عند قضاء الرطبة الذي يبعد نحو 137 كم عن الحدود المشتركة بين البلدين.

وجاءت هذه الهجمات ضمن ما يعرف بـ "غزوة رمضان" التي تستهدف مقار عسكرية ونقاط تفتيش ومدنيين متعاونين مع الأجهزة الأمنية في محافظات نينوى وديإلى وصلاح الدين وكركوك.

وشملت الهجمات استهداف دوريات للجيش والشرطة العراقية ونصب نقاط تفتيش وهمية وهجمات بالعبوات الناسفة ضد دوريات عراقية ومركبات الجنود العائدين إلى منازلهم الذين تنتشر وحداتهم في قضاء الرطبة ومحيطه.

وإثر ارتفاع معدلات هجمات التنظيم في القضاء التي أدت إلى مقتل وإصابة عدد من عناصر الأجهزة الأمنية، قررت الحكومة العراقية البدء بعمليات عسكرية واسعة في محيط القضاء التي ينتشر فيها عناصر التنظيم أطلقت عليها اسم "الإرادة الصلبة".

الكاظمي في الرطبة

وتمت العملية بمشاركة قوات مشتركة عراقية من الجيش ومكافحة الإرهاب والحشد الشعبي والقوات الخاصة العراقية وبإشراف مباشر من رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي الذي زار القضاء وتفقد القطاعات العسكرية المنتشرة ليكون أول رئيس وزراء عراقي يزور القضاء منذ نحو أكثر من عقد.

وقال الكاظمي في كلمة موجهة لـ "داعش" خلال الزيارة "الحمد لله إننا يومياً نسجل الانتصار تلو الانتصار، وأنتم تخسرون يوماً بعد يوم، ليس هناك خيار أمامكم سوى الموت، ولن نطمئن إلا بسحقكم".

وتمكنت القوات الخاصة العراقية من تنفيذ إنزال جوي في صحراء الرطبة استطاعت بموجبه العثور على أكبر معمل لتفخيخ السيارات.

وذكر بيان لخلية الإعلام الحربي أن العملية نجحت في تدمير أكبر معمل لتفخيخ السيارات هو الأكبر من نوعه الذي تعثر عليه القوات الأمنية منذ فترة طويلة.

صور لانتشار داعش

ونشر تنظيم "داعش" عبر حساباته بالتزامع مع الحملة العسكرية ضد عناصره، صور عملية قام بها في 17 أبريل (نيسان) الجاري والتي حاول عبر نقطة تفتيش وهمية السيطرة على جزء من الطريق السريع، وتبين الصور انتشار عناصر التنظيم على الطريق وعلى جوانبه بأعداد محدودة.

لكن العملية فشلت وأظهرت خلية الإعلام الحربي صوراً مطابقة لعناصر التنظيم في العملية وقد تركوا معداتهم إضافة إلى جثة عنصرين تم قتلهما من قبل دورية الجيش العراقي التي كان يراقبها التنظيم.

وعلى الرغم من نجاح القوات العراقية في إفشال العملية، لكن خطوة التنظيم تمثل مؤشراً خطيراً على إمكانية عودته من جديد ولو بأعداد محدودة لإشغال القوات العراقية على الطريق وإيقاف الحركة التجارية المتصاعدة فيها وتكرار تجربة القيادي في "داعش" شاكر وهيب في عام 2014 بنصب نقاط تفتيش وهمية وإنزال المواطنين من مركباتهم وإعدامهم قبل أن تقتله القوات العراقية بعد عامين من تسببه بقتل العشرات من المدنيين الذين يسلكون الطريق.

تعزيز القوات

وقال قائمقام قضاء الرطبة عماد الدليمي إن القوات المسلحة عززت القطعات الأمنية في قضاء الرطبة بعد سلسة عمليات "داعش" الأخيرة التي استهدفت الطريق السريع المار بالقضاء.

وأضاف الدليمي لـ"اندبندنت عربية" أن القطعات الأمنية في قضاء الرطبة تم تعزيزها بالحشد العشائري وسيتم زجهم في المرحلة اللاحقة لتفتيش الصحراء المحيطة بالرطبة مؤكداً أن المدينة آمنة ومستقرة بوجود قيادات أمنية من قيادة عمليات الأنبار الفرقة الخامسة والحشد الشعبي والعشائري وقوات الشرطة المحلية".

وبين الدليمي أن "تنظيم داعش هو عبارة عن عصابات تنشط ليس لها أي مكان أو موقع وليس لها أرض تقاتل عليها وهي تتخفى بين الجحور والناس"، لافتاً إلى أن القوات الأمنية باشرت بعملية عسكرية منذ 3 أيام باسم "الإرادة الصلبة" المرحلة الثانية وبإشراف الكاظمي الذي زار المدينة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الظروف الجوية

وأشار قائمقام الرطبة إلى أن عمليات "داعش" في محيط الرطبة وخارجها والطريق السريع استغلت الظروف الجوية لتهديد الأمن في القضاء، معرباً عن أمله بأن يكون العمل أفضل في الأيام المقبلة بتغيير تكتيك القطعات الأمنية للعمل بعد انتهاء عمليات "الإرادة الصلبة" التي تستهدف كل محيط قضاء الرطبة والصحراء الغربية. 

وتابع الدليمي أن "الوضع الأمني للطريق السريع هو الأفضل منذ عام 2003 وحتى الآن ونجحت القوات الأمنية في معالجة الثغرات التي تحصل فيها من قبل داعش"، مشيراً إلى أن التنظيم لا يستطيع استهداف نقطة عسكرية في الطريق السريع لكن يستغل الفراغات بين نقاط التفتيش على الطريق للقيام بعملياته مستغلاً الظروف الجوية.

والرطبة مدينة عراقية تقع في غرب العراق ضمن حدود محافظة الأنبار.

بدوره قال مستشار محافظة الأنبار عزيز الطرموز أن "أعداد عناصر داعش بالأنبار بالعشرات ويختبئون في الصحاري والوديان"، مبيناً أن القضاء عليهم يكون عن طريق الجهد الاستخباري.

وأضاف الطرموز "أن أعداد عناصر داعش في الصحراء هي قليلة جداً وتستعمل عجلات الدفع الرباعي والدراجات النارية وعندما نصبوا إحدى سيطراتهم الوهمية على الطريق الدولي السريع لم يستمروا سوى دقائق وهربوا".

وتابع أن "صحراء الأنبار واسعة جداً وهي تعادل مساحة كوريا الجنوبية وتضم الوديان ولهذا فإن القضاء على التنظيم لا يتم إلا من خلال الجهد الاستخباري لكون داعش بحاجة دائماً إلى مؤونة وإلى وقود لعجلاته"، مستبعداً أن يقوم التنظيم بعمليات كبيرة في مدن المحافظة لكون عددهم لا يتجاوز العشرات.

وتعد محافظة الأنبار أكبر محافظات العراق مساحة حيث تشكل ما يعادل ثلث مساحة البلاد، وتبلغ مساحتها 138.500 كيلومتراً مربعاً ولديها حدود مع ثلاث دول من الجهة الغربية هي السعودية والأردن وسوريا.

حرب عصابات

ولفت الطرموز إلى أن ما يجري في الأنبار من قبل "داعش" هي حرب عصابات محدودة مشيراً إلى أن الطريق السريع من الرمادي إلى طريبيل يتجاوز 370 كم ومن بغداد إلى الرمادي 120 كم ليكون مجموع ذلك الطريق ما يقارب نحو 500 كم.

وأوضح أن هذا الطريق يخدم أنحاء العراق ويدار ملف الأمن فيه من قبل مديرية الطرق الخارجية وكل سيطرة تبعد عن الأخرى 5 كم، داعياً وزارة الداخلية إلى دعم المديرية بأحدث الأسلحة لأن "داعش" يستخدم الأسلحة المتوسطة في عملياته. 

العشر الآواخر 

وأشار المتخصص بالشؤون الأمنية والعسكرية أعياد الطوفان إلى أن "داعش" يكثف عملياته في العشر الآواخر من شهر رمضان.

واضاف أن "تنظيم داعش يكثف هجماته كل شهر رمضان وتحديداً في العشر الآواخر، مؤكداً أن التهديد قائم على الرطبة والنخيب والقائم".

وأوضح أن "الطريق الدولي معرض لهذه العمليات إلا أن التنظيم فقد القدرة على القيام بعمليات كبيرة متمثلة باحتلال قرية أو قضاء أو محافظة وتتركز عملياته على نصب سيطرة وهمية أو قتل الناس ونصب عبوة ناسفة أو قتل الرعاة في الصحراء"، مشيراً إلى أن هناك محاولات من قبل التنظيم لاستهداف الأسواق بالأحزمة الناسفة لكونه يحاول أن يثبت وجوده ويؤثر على المعنويات. 

مضيعة للوقت

وتابع الطوفان أن "العمليات العسكرية التي تقوم بها القوات الأمنية مضيعة للوقت لكون محاربة داعش تحتاج للعمل بنفس أسلوبه وهو الاعتماد على الاستحبارات الدقيقة سواء الإلكترونية أم البشرية، مبيناً أن المواطن الركن الأساسي للأمن وإذا لم تبن العلاقة الصحيحة بين المواطن والأجهزة الأمنية لا نستطيع ان نتقدم في هذا المجال أبداً.

وأشار إلى أن "هناك قيادة عمليات الجزيرة والأنبار ومديرية الطرق الخارجية وجميعها لا تستطيع أن تؤمن الـ 370 كم ولذلك يجب استخدام الطائرات المسيرة والمروحية"، مشدداً على ضرورة التعاون بين قيادتي عمليات الأنبار والجزيرة ومديرية الطرق الخارجية وتعزيزها بالأسلحة وتسيير دوريات آلية، فضلاً على التنقل بمجاميع وأرتال للقطعات لحين السيطرة على الطريق، لافتاً إلى أن خلايا "داعش" تتقدم من مناطق معروفة مثل منطقة الحسينيات وشمال غرب الرطبة.