حرب بيانات جديدة توتر العلاقة بين بغداد وأربيل

آخر تحديث 2022-05-17 00:00:00 - المصدر: اندبندنت عربية

حرب البيانات عادت من جديد لتوتر العلاقة بين بغداد وأربيل، بعد اتهام وزارة النفط العراقية ممثلة بشركة نفط الشمال لإقليم كردستان بالاستحواذ بالقوة على آبار نفطية في مدينة كركوك، في خطوة اعتبرت تصعيداً جديداً بين الطرفين بعد إعلان الوزارة الاتحادية فشل المفاوضات مع الإقليم لإيجاد حلول لقرار المحكمة الاتحادية بشأن ملف النفط في كردستان.

وأقرت وزارة النفط العراقية في الثامن من مايو (أيار) الحالي بفشل جميع جولات التفاوض مع إقليم كردستان، للتوصل إلى آليات لتطبيق قرار المحكمة الاتحادية العليا بشأن ملف الطاقة في الإقليم، لتتحدث عن حلول أخرى لم تشكف عنها لتطبيق القرار، الذي ينص على إدارته من قبل الحكومة المركزية.

وأصدرت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، في 15 فبراير (شباط) 2022، حكماً يقضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز لحكومة إقليم كردستان، الصادر عام 2007، وإلغائه لمخالفته أحكام مواد دستورية، فضلاً عن إلزام الإقليم تسليم الإنتاج النفطي إلى الحكومة الاتحادية.

دعاوى قضائية

واتهمت شركة نفط الشمال حكومة قوة مسلحة تابعة لحكومة إقليم كردستان بالتجاوز على آبار حقل "باي حسن" و"داوود" لغرض استغلال الطاقات الإنتاجة للحقلين لصالح الإقليم.

وذكر بيان للشركة أن "حكومة إقليم كردستان سبق أن قامت بعدد من التجاوزات والانتهاكات على الحقول النفطية التابعة لشركتنا، ومنها حقول (خورمالة، وآفانا، وصفية، وكورمور)"، مبينة أن الشركة قامت بتحريك دعاوى قضائية لدى المحاكم العراقية المتخصصة، ومازالت هذه الدعاوى منظورة أمام القضاء العراقي.

وأضافت الشركة في بيانها أن "هذه التجاوزت استمرت وكان آخرها قيام قوة مسلحة تابعة لحكومة الإقليم يرافقها فريق عمل فني، بالتجاوز على آبار (حقل باي حسن وداوود) بغرض استغلال الطاقات الإنتاجية لهذه الآبار لصالح حكومة الإقليم"، مشيرة إلى أن "الشركة المملوكة لشركة النفط الوطنية العراقية تحمّل حكومة كردستان هذا السلوك المنافي للدستور والقوانين العراقية، التي تحكم العلاقة بين الإقليم والمركز، والتي أناطت مسؤولية استغلال النفط والغاز باعتباره ملكاً للشعب العراقي إلى الحكومة الاتحادية".

التركمان يطالبون بموقف رسمي

بدورها استنكرت الكتلة التركمانية في مجلس النواب العراقي قيام قوة مسلحة مدججة بالأسلحة تابعة لسلطات الإقليم، بالسيطرة على آبار حقلي باي حسن وداوود النفطيين التابعين لشركة نفط الشمال.

وذكرت الكتلة في بيان لها أن "ما حصل يعد سابقة خطيرة ومخالفة واضحة للدستور وقرارات المحكمة الاتحادية في ما يخص إدارة الثروة النفطية"، مبينة أن استمرار سياسة فرض القوة والأمر الواقع لم ولن تنجح، وما حصل قبل عمليات فرض القانون دليلاً حياً واضحاً.

وأوضحت الكتلة أن الشعب الكردي كان ولا يزال هو المتضرر الأكبر قبل الجميع من هذه السياسة، داعية القائد العام للقوات المسلحة إلى التدخل العاجل لإعادة الحقول النفطية التي تسيطر عليها حكومة الإقليم بقوة السلاح، وفرض القانون على كامل الحدود الإدارية لمحافظة كركوك.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كردستان تنفي

بدورها، نفت حكومة إقليم كردستان استيلاءها على حقول نفطية في باي حسن وداوود كوركي في كركوك.

وقال المتحدث باسم الحكومة جوتيار عادل إن "حكومة إقليم كردستان تنفي جميع الادعاءات والإشاعات التي تزعم بأن حكومة الإقليم، وبدعم قوة مسلحة، قد احتلت واستولت على حقول نفطية عدة في باي حسن وداوود كوركي التابعة لشركة نفط الشمال في كركوك".

انتهاك للدستور

وأضاف عادل أن "الثروة العامة، بموجب الدستور العراقي، هي ملك لجميع العراقيين وليست ملكاً لشركة، فضلاً عن أن شركة نفط الشمال تعمل منذ سنوات في ظل غياب قانون النفط والغاز، منتهكة بذلك الدستور"، مشيراً إلى أن "الشركة إذا كانت حريصة على حل المشكلات، فلا بد من تشريع قانون النفط والغاز على أساس الدستور".

دوافع سياسية

وتابع أن الحملة التي تشن ضد الإقليم ذات دوافع سياسية وليس لها أساس قانوني، مبيناً أن "هذه الاتهامات التي تساق ضد الإقليم بعيدة كل البعد عن الحقيقة، وتهدف فقط لخلق الفوضى، وهي ضد حقوق شعب كردستان".

معلومات غير حقيقية

من جانبه، قال النائب الثاني لرئيس مجلس النواب شاخوان عبدالله، إن المعلومات التي نشرتها شركة نفط الشمال غير حقيقة، وتمت بضغط من قبل وزير النفط إحسان عبد الجبار.

واتهم عبدالله وهو قيادي في الحزب الديمقراطي الكردساني في بيان له، وزير النفط إحسان عبد الجبار بالضغط على شركة نفط الشمال لنشر مثل هذا البيان، بهدف خلق أزمة بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية، مبيناً أنه تواصل مع القوات الاتحادية وقوات الإقليم، وتبين عدم وجود أي تحرك عسكري في مناطق التماس بين الطرفين.

وأعرب عبدالله عن أسفه لمحاولات وزارة النفط زعزعة الاستقرار في إقليم كردستان والعراق عموماً.

نفوذ الوطني

بدوره، قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية عصام الفيلي، إن موضوع كركوك يمثل أهمية للاتحاد الوطني الكردستاني.

وأضاف "كركوك منطقة نفوذ حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، ولا يمكن أن تكون محور أهمية للديمقراطي الكردستاني، فضلاً عن وجود جهات تعمل على خلق أزمة بين الحكومة الاتحادية والإقليم من خلال أساليب متعددة"، لافتاً إلى أن حل هذا الموضوع يكون من خلال تشكيل لجنة من  البرلمان العراقي، تضم فنيين في وزارة النفط للوقوف على حقيقية الأمر والابتعاد عن طريق التصريحات والاتهامات المتبادلة لخلق أزمة سياسية.

التصدير بالتوافق

وأوضح الفيلي أن أي قطرة نفط تصدر تجري من خلال تفاهم بين الحكومة الاتحادية والإقليم، وبعكسه كان للحكومة الاتحادية التحفظ واستخدام الحق القانوني.

100 ألف برميل

بدوره، قال الخبير النفطي حمزة الجواهري، إن مجموع القدرة الإنتاجية لحقلي باي حسن وداوود، 100 ألف برميل في اليوم.

وأوضح أن القدرة الإنتاجية لحقل باي حسن هو 80 ألف برميل في اليوم، فيما تبلغ القدرة الإنتاجية لحقل داوود ما يقارب 20 ألف برميل في اليوم، لافتاً إلى أن محاولة السيطرة على الحقول نوع من التحدي والتمرد من قبل الإقليم على الحكومة الاتحادية.

وأضاف الجواهري أن قرار المحكمة الاتحادية واضح ويقضي بأن الحقول القديمة والحديثة جميعها تحت قيادة الحكومة الاتحادية، وليس من حق الإقليم التصرف فيها، خصوصاً وأن الفقرات الأولى والثانية من المادة  112 من الدستور العراقي بينت هذا الأمر بشكل واضح .

وتنص المادة 112 من الدستور العراقي في فقرته الأولى على أنه "تقوم الحكومة الاتحادية بإدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة، على أن توزع وارداتها بشكل منصف يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع أنحاء البلاد، مع تحديد حصة لمدة محددة للأقاليم المتضررة، التي حرمت منها بصورة مجحفة من قبل النظام السابق، والتي تضررت بعد ذلك، بما يؤمن التنمية المتوازنة للمناطق المختلفة من البلاد.

دعوة إلى الرد

فيما تنص الفقرة الثانية من المادة نفسها على الآتي، "تقوم الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة معاً برسم السياسات الاستراتيجية اللازمة لتطوير ثروة النفط والغاز، بما يحقق أعلى منفعة للشعب العراقي، معتمدة أحدث تقنيات مبادئ السوق وتشجيع الاستثمار.

وقال "المحكمة الاتحادية لفتت إلى أن إنتاج وبيع النفط وسياسته وبرامجه وعقوده المعيارية من أحقية وزارة النفط الاتحادية"، داعياً الحكومة إلى الرد لأن القانون والدستور يحميها.

وكانت المحكمة الاتحادية ذكرت في قرارها بشأن الخلاف بين بغداد وأربيل بشأن إدارة نفط الإقليم في فبراير 2022، أن القرار شمل إلزام حكومة الإقليم تسليم "كامل إنتاج النفط من الحقول النفطية في الإقليم والمناطق الأخرى، التي كانت وزارة الثروات الطبيعية في حكومة إقليم كردستان تستخرج النفط منها، وتسليمها إلى الحكومة الاتحادية المتمثلة بوزارة النفط العراقية، وتمكينها من استخدام صلاحياتها الدستورية بخصوص استكشاف النفط واستخراجه وتصديره".

واعتبر الجواهري أن الإقليم اتبع هذا الإجراء لتعزيز قدرته الإنتاجية، لا سيما وأنه لم يتم اكتشاف حقول جديدة في الإقليم.