بعد 7 أشهر على الانتخابات… هل ينتهي الانسداد السياسي في العراق؟

آخر تحديث 2022-06-01 00:00:00 - المصدر: اندبندنت عربية

لا تزال الأزمة السياسية مستعرة في العراق، خصوصاً مع استمرار الانسداد السياسي وعدم تمكن التحالف الثلاثي "إنقاذ وطن" من حسم ملف الرئاسات الثلاث، في الوقت الذي يتمسك فيه حلفاء إيران بضرورة العودة إلى تفاهمات "البيت الشيعي". 

وبعد انقضاء أسبوعين من المهلة الثانية التي أطلقها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، لمدة شهر كامل، لا يبدو أن ثمة تغييرات كبيرة في المسار السياسي، فيما باتت تتصاعد دعوات حل البرلمان مرة أخرى. 

دبلوماسية الصواريخ

وفي أول تطور في الأحداث، أعلنت ميليشيا مسلحة، الثلاثاء، مسؤوليتها عن الهجوم الصاروخي الذي استهدف قاعدة "عين الأسد" في غرب محافظة الأنبار، بخمسة صواريخ من نوع "غراد". وتبنت ميليشيا "المقاومة الدولية" الهجوم وقالت في بيان إنه تم استهداف "قاعدة عين الأسد التي توجد فيها قوات الاحتلال الأميركي بـ6 صواريخ نوع غراد 122 ملم".

وتأتي تلك الهجمات بالرغم من الإعلان الرسمي للحكومة العراقية بمغادرة القوات الأميركية من البلاد، الأمر الذي يعطي انطباعاً أن غايات الاستهداف هي إثارة تصعيد أمني من قبل حلفاء طهران لتوجيه ضغوط سياسية على أطراف التحالف الثلاثي.

ولعل ما يشير إلى أن عمليات القصف تلك تأتي للتأثير على المسارات السياسية في البلاد، هو حصولها بعد فترة وجيزة من إحاطة ممثلة الأمم المتحدة في بغداد، جنين بلاسخارت، 17 مايو (أيار)، التي قالت فيها إن الميليشيات المسلحة في العراق تستخدم "دبلوماسية الصواريخ"، مشيرة إلى أن هذا المسار "قد تترتب عليها عواقب مدمرة محتملة".

في المقابل تحدث العديد من قادة الميليشيات الموالية لإيران مرة أخرى عما أسموه "المؤامرات" لإحداث اقتتال شيعي - شيعي، وهو الأمر الذي يراه مراقبون محاولة لدفع زعيم التيار الصدري للتنازل عن شروطه والقبول بالعودة إلى "البيت الشيعي". 

ولا يستبعد مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤسسة "غالوب الدولية"، منقذ داغر، حصول سيناريو "الاقتتال"، مبيناً أن "الفجوة باتت عميقة بين مختلف الأطراف ولا يمكن تجسيرها بعقلية التغالب والإصرار التي تتلبس جميع الأطراف". 

ولعل ما يعزز احتمالات "الاقتتال"، بحسب داغر هو "غياب الأثقال الوازنة التي بإمكانها لعب دور الوسيط"، مستبعداً إمكانية "تدخل المرجعية في الأزمة السياسية لأنه سيعرضها لمشاكل في المصداقية". ويختم داغر بالقول، إن "الحل الشعبي يبدو أكثر الحلول احتمالاً، لكنه سيحمل معه احتمالات الفوضى".

فشل في إقناع المستقلين

ساهمت عوامل عدة في عدم حدوث أي انفراج في الوضع السياسي العراقي، خصوصاً بعد المهلة الأولى التي أطلقها الصدر، من بينها عدم تمكن التيار الصدري من إقناع النواب المستقلين إلى الانضمام لصفوف الثلاثي بالرغم من إطلاقه مبادرة لكسبهم. 

ويرى مراقبون أن افتقار مبادرة الصدر للمستقلين على "مشروع واضح للشراكة" ساهم في تعزيز مخاوف المستقلين من احتمالية أن يتم استغلالهم كجسر لعبور الأزمة فحسب. 

ويبدو أن مراهنة التيار الصدري على العداء بين المستقلين والقوى الموالية لإيران في استقطابهم لصالحه لم تنجح، حيث أن جمهور المستقلين وتحديداً طبقات احتجاجات أكتوبر (تشرين الأول) 2019 تتهم التيار الصدري أيضاً بقمع التظاهرات وعدم تسوية الملفات العالقة بين الطرفين. 

وكانت والدة الناشط مهند القيسي، الذي قتل في فبراير (شباط) 2019، قد اتهمت التيار الصدري بشكل مباشر بتوجيه أتباعه لقتل ابنها، وهو الأمر الذي زاد من منسوب العداء بين أوساط الاحتجاجات الشعبية والتيار الصدري. 

ويرى مراقبون أن عدم حسم الملفات العالقة بين جمهور النواب المستقلين والتيار الصدري ساهم بشكل مباشر في عرقلة أي احتمالية لذهابهم نحو التحالف الثلاثي. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

التقارب الكردي... حل محتمل 

يبدو أن البادرة الوحيدة لحسم ملف الحكومة العراقية المقبلة تتعلق بالمباحثات الجارية بين الحزبين الكرديين الرئيسيين، حيث تضمنت الأيام الماضية عدة تحركات بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني، في مسعى لإحداث تقارب لحسم ملف انتخاب رئيس الجمهورية. 

وكشف النائب عن "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، شيروان دوبرداني، الثلاثاء، عن لقاء مرتقب بين رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني ورئيس الاتحاد الوطني بافل طالباني لحسم الموقف الكردي بشأن مرشح رئاسة الجمهورية.

وأضاف في تصريحات صحافية أن "الحزب الديمقراطي ما زال مصراً على ترشيح ريبر أحمد لرئاسة الجمهورية وقد يتم فتح الحوار من أجل إنهاء الخلاف بين الطرفين".

وأشار إلى أن "بارزاني لديه مبادرة تهدف لحلحلة الأزمة السياسية وأن اجتماعاً مرتقباً بين الحزبين الكرديين بشأن مرشح رئاسة الجمهورية".

ويرى رئيس مركز التفكير السياسي، إحسان الشمري، أن مؤشرات التقارب بين التحالف الثلاثي والإطار التنسيقي للقوى الشيعية "تكاد تكون معدومة"، خصوصاً المتغيرات الأخيرة في المشهد الكردي والتي ربما تتمخض عن اتفاق بين "الحزب الديمقراطي الكردستاني" و"الاتحاد الوطني الكردستاني" بشأن رئاسة الجمهورية. 

ويبدو أن عوامل عدة ربما تسهم في "كسر الجمود" الذي يسود المشهد السياسي، بحسب الشمري الذي يشير إلى أن التقارب بين الحزبين الكرديين ربما يكون الدافع الرئيس في بروز تسريبات تتحدث عن مبادرة جديدة للإطار التنسيقي. 

وتشير التسريبات إلى احتمالية تضمن مبادرة الإطار التنسيقي إعطاء التيار الصدري 9 وزارات مقابل 3 فقط للإطار التنسيقي بالإضافة إلى حق اختيار رئيس الوزراء شريطة أن يكون من خلال التوافق داخل البيت الشيعي. 

ويعتقد الشمري أن هذا المسار لا يتوافق مع رغبة الصدر خصوصاً مع إدراك الأخير أن أي توافقات جديدة مع الإطار التنسيقي ستمثل "انكساراً سياسياً للتيار الصدري".

ويرجح الشمري أن تكون مبادرة الإطار التنسيقي قد أتت "نتيجة الضغوط الإيرانية على حلفائها لتقليل الخسائر خصوصاً بعد تطوّر المباحثات بين الأطراف الكردية لحسم ملف رئاسة الجمهورية". 

ويلفت الشمري إلى أن إشاعة وجود مؤامرة واقتتال شيعي - شيعي تندرج ضمن عملية "الضغوط القصوى التي تمارسها الفصائل المسلحة، في مسعى منها إلى إثارة قلق الرأي العام ومحاولة دفع المرجعية الدينية للتدخل".

صراع الدولة واللادولة 

وكانت مصادر سياسية تحدثت في وقت سابق عن مبادرة من السفير الإيراني الجديد في العراق لحل الأزمة، فيما أشارت المصادر إلى أن السفير حاول التواصل مع زعيم التيار الصدري، إلا أن الصدر أرسل رسالة رفض للعودة إلى التوافق مرة أخرى. 

من جانب آخر رفع مجموعة من السياسيين والوزراء السابقين دعوى أمام المحكمة الاتحادية على الرئاسات الثلاث لحل البرلمان، نتيجة ما وصفوه بـ"الإخلال بالالتزامات وإدخال البلاد في فراغ دستوري". 

وبالرغم من تصاعد الحديث حول سيناريو حل البرلمان مرة أخرى، إلا أن هذا الحل واجهته المحكمة الاتحادية في وقت سابق بالقول إن حل البرلمان ليس من اختصاصاتها.

وطوال الفترة الماضية لم يتوقف الحديث عن "المؤامرات والحرب الشيعية - الشيعية" في أوساط الميليشيات الموالية لإيران، وهو الأمر الذي عده أستاذ العلوم السياسية، هيثم الهيتي، "نتيجة لتماسك التحالف الثلاثي طوال الأشهر الماضية".

ويشير الهيتي في حديث لـ"اندبندنت عربية"، إلى أن "الحديث عن حرب شيعية - شيعية لا يعدو سوى كونه رسائل ضغط غير مجدية"، مبيناً أن الإطار التنسيقي يدرك حجم النقمة الشعبية على الميليشيات الموالية لإيران. 

ويضيف أن "أي اقتتال من هذا النوع سيكون عراقياً من جهة وميليشياوياً من جهة أخرى، لأن حقيقة الصراع هي بين الدولة واللادولة"، مستدركاً "الجماعات الموالية لإيران هي أول من يدرك خطر سيناريو كهذا عليها".