أربك انسحاب التيار الصدري الفائز في سباق الانتخابات العراقية والذي يحظى بثقل سياسي وشعبي واسع في العراق المشهد في بلاد الرافدين لا سيما وأنه جاء كخطوة غير متوقعة بعد إعلان زعيم التيار مقتدى الصدر انسحابه من العملية السياسية واستقالة نواب القائمة الصدرية من البرلمان في خطوة تطرح تساؤلات حول مدى عمر الحكومة العراقية الجديدة الذي يعتزم تشكيلها "الإطار التنسيقي" الذي يضم القوى الشيعية باستثناء التيار الصدري وإمكانية عدم تكرار سيناريو حكومة عادل عبد المهدي.
مفاوضات سياسية
وكشف "الإطار التنسيقي" عن وجود مفاوضات سياسية بينه وبين التيار الصدري لإعادة النواب المستقيلين ضمن التيار إلى البرلمان، مؤكداً أن التيار يعتبر شريكاً أساسياً وإمكانية عودته إلى العملية السياسية ما زالت قائمة.
وقال القيادي في "الإطار التنسيقي" كاظم الحيدري في تصريح صحافي إنه "من الممكن أن يتراجع التيار الصدري عن قرار الاستقالة في الأيام المقبلة".
وأضاف "هناك مساعٍ من قوى سياسية لثني التيار عن قرار استقالة نوابه من البرلمان والعودة إلى العملية السياسية من جديد لأن التيار هو شريك مهم في المشهد السياسي".
وتابع، "انسحابات سابقة للتيار الصدري من العملية السياسية حصلت عدة مرات وتم التراجع عنها"، مشيراً إلى أن "زعيم التيار مقتدى الصدر يبدو مصراً هذه المرة ولكن العودة والتراجع عن قرار الانسحاب غير مستحيل".
وتدور خلافات "الإطار التنسيقي" مع التيار الصدري منذ أكثر من 6 أشهر على شكل الحكومة الجديدة في العراق، حيث يطالب التيار الصدري بتشكيل حكومة أغلبية وطنية فيما يصرّ قادة "الإطار التنسيقي" على تشكيل حكومة توافقية يشترك فيها الجميع.
وكان الصدر قد أعلن انسحابه من العملية السياسية ومن الانتخابات، في المرحلة المقبلة، حتى "لا يشترك مع الفاسدين والذين نهبوا العراق"، وجاء ذلك بعد أيام من استقالة نواب كتلته من البرلمان.
تعقيد المشهد السياسي
ورداً على تحذيرات سياسيين ومراقبين من لجوء التيار الصدري إلى التظاهر وتحريك الشارع، قال عضو تحالف "الفتح"، أحمد الموسوي، إن "لجوء التيار الصدري إلى حشد الجماهير للخروج بتظاهرات سيساهم في تعقيد المشهد السياسي".
وأكد الموسوي في تصريحات صحافية أن "التظاهرات من قبل جماهير الأحزاب إن حصلت ستعرقل عملية تشكيل الحكومة"، معتبراً أن "عملية تشكيل الحكومة ستكون في وقت قريب إذا لم تتوجه الكتلة الصدرية إلى تحشيد جماهيرها والخروج بتظاهرة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تحذير من الفوضى
إلى ذلك، دعا رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، القوى السياسية إلى تحمّل مسؤولياتها إزاء الأزمة السياسية الحالية، محذراً من مواجهة المحرضين على العنف والفوضى عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، يأتي ذلك في ظل تصاعد التحذيرات من انعكاسات سلبية للأزمة السياسية في البلاد على المشهد الأمني عموماً، والمطالبة بعدم تدخل الفصائل والقوى المسلحة فيها.
وقال الكاظمي، في كلمة له على هامش اجتماع لمجلس الوزراء، إن "الأمن ممسوك بجهود وتضحيات قواتنا الأمنية، على اختلاف صنوفها، والحدود مؤمنة بشكلٍ كبيرٍ جداً، وأنا أشرف بشكلٍ يومي على عمليات عسكرية وأمنية"، مضيفاً أن "قواتنا جاهزة وحاضرة للدفاع عن العراقيين"، لافتاً "لن أدخل في الحديث السياسي، وعلى القوى السياسية أن تتحمل مسؤولياتها تجاه الشعب والوطن".
وكشف "الحكومة واجهت أصعب الظروف واستطاعت أن تجتازها عبر تدابير صعبة ومهمة أثبتت نجاحها"، موضحاً أن "هناك من يحاول من طريق وسائل التواصل الاجتماعي أن يحرض على العنف والفوضى، وهذا أمر غير مقبول، وسيقع تحت المساءلة القانونية".
واستكمل حديثه بالقول: "هناك من يستغل المنابر الإعلامية للدعوة إلى الانجرار للعنف والإضرار بالمصلحة العامة للمواطنين"، داعياً "الجميع إلى أن لا ينخدعوا وأن لا ينساقوا وراء دعوات كهذه، وعلى الجميع التحلي بالصبر، والحكمة، والعقلانية، وتغليب مصلحة العراق والعراقيين".
وأوضح أن "البلد لا يتحمل، والحكومة تعمل بكل جهودها"، لافتاً إلى أن "الحكومة بحاجة إلى الموازنة والاستقرار كي تمضي بمشاريعها لخدمة المواطن، واستقرار الأوضاع المعيشية للمواطنين".
"غيّرت المعادلة السياسية"
في الأثناء، قالت حركة "امتداد" إن استقالة الكتلة الصدرية "غيّرت المعادلة السياسية" وخلقت واقعاً جديداً، فيما تساءلت عن "مدى صمود الحكومة التي تخلو من التيار الصدري".
وقال المتحدث باسم الحركة منار العبيدي، في تصريحات صحافية إن "ما حدث من استقالات غيّر المعادلة السياسية بالكامل مما أدى إلى تغيير الخارطة السياسية داخل مجلس النواب وصعود حركات جديدة ومستقلين وارتفاع عدد من الحركات السياسية، ومن الممكن خلق واقع جديد في العملية السياسية القادمة وإنهاء حالة الانسداد السياسي".
وأضاف "لكنّ السؤال الأهم: كم ستصمد الحكومة المُشكلة أو العملية السياسية التي تخلو من التيار الصدري؟ ونحن نعلم أن التيار له ثقله في الشارع العراقي وأي استبعاد له سيؤثر بشكل كبير في العملية السياسية وفي شرعيتها، وما مدى قدرة الكتل السياسية جميعها على تشكيل حكومة قوية قادرة على تحقيق مطالب الشعب وتنفيذ الأمور ومواجهة التحديات الموجودة حالياً؟".
وكان الحزب الديمقراطي الكردستاني قد أكد في وقت سابق استمرار تحالفه مع التيار الصدري وتحالف "السيادة"، فيما توقع النائب المستبعد مشعان الجبوري، حل البرلمان وبقاء حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي على خلفية استقالة نواب التيار الصدري من البرلمان.