يلف الغموض المشهد السياسي في العراق، رغم تعهد قادته الأسبوع الماضي بالمضي قدماً في جهود تشكيل حكومة جديدة، عقب الاستقالة المفاجئة لـ 73 نائباً من الكتلة الصدرية.
فقد كشفت مصادر سياسية مطلعة أن زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، رفض التعاطي مع مبادرة قدمها طرفان من داخل "الإطار التنسيقي" كانت تهدف إلى إقناعه بالعدول عن قرار الانسحاب من العملية السياسية.
مادة اعلانية
وكشف عضو في "الإطار التنسيقي"، فضل عدم الكشف عن اسمه، لـصحيفة "الشرق الأوسط"، أن طرفين من المعسكر المنافس للصدر رفضا خلال اجتماعات الأسبوع الماضي الاستعجال في تشكيل الحكومة الجديدة بعيداً عن الصدر، ومن دون تكرار المحاولة معه لإقناعه بالعدول عن قراره بالانسحاب من البرلمان.
كما أضاف المصدر، الذي ينتمي إلى أحد طرفي المبادرة، أنهما "يشعران بالقلق من حماسة رئيس ائتلاف دولة القانون للحكومة الجديدة، ومن المؤشرات التي يطلقها نوابه بشأن رغبته في العودة إلى السلطة بنفسه أو بمرشح آخر تحت مظلته".
مبادرة عاجلة
وأوضح أيضاً أن "تيارين سياسيين قررا صياغة مبادرة عاجلة للصدر تطلب منه العدول عن الانسحاب، وتعد بتقديم تنازلات سياسية بشأن مشروعه حول الأغلبية السياسية".
كذلك بيّن المصدر أن المالكي أبلغ طرفي المبادرة برفضه لها، واصفاً إياها بأنها "محاولة في غير محلها، قد تسبب ضياع الفرصة الذهبية التي أتاحها انسحاب الصدر"، وفق الصحيفة.
يشار إلى أن الصدر كان حاز خلال الانتخابات على 73 مقعدًا نيابياً من أصل 329 في البرلمان، ما عد في حينه ضربة لخصومه الشيعة المدعومين من إيران الذين فقدوا حوالي ثلثي مقاعدهم ورفضوا النتائج.
ومنذ ذلك الحين، دخل الجانبان في منافسة شديدة على السلطة، حتى في الوقت الذي تواجه فيه البلاد تحديات متزايدة بما في ذلك أزمة الغذاء الوشيكة الناتجة عن الجفاف الشديد والحرب في أوكرانيا.
حكومة أغلبية
ولم يستطع الصدر الذي كان عازما على تشكيل حكومة أغلبية مع حلفائه تستبعد الفصائل الموالية لإيران، حشد عدد كافٍ من المشرعين للحصول على أغلبية الثلثين اللازمة لانتخاب الرئيس المقبل -وهي خطوة ضرورية قبل تسمية رئيس الوزراء المقبل واختيار مجلس الوزراء- بسب "الثلث المعطل" الذي استعمله خصومه، ولم يؤمنوا النصاب المطلوب في الجلسات البرلمانية.
فما كان أمامه بعد أشهر من المماطلة وانسداد الأفق إلا اتخاذ خطوة الاستقالة هذه الذي عدت بمثابة مقامرة، لاسيما أنه مع استقالة نوابه، من المتوقع أن تحصل الآن الجماعات المدعومة من طهران على الأغلبية في البرلمان.
فبحسب القانون العراقي، في حال شغور مقعد في مجلس النواب، يشغل المقعد المرشح الذي حصل على ثاني أكبر عدد من الأصوات في الدائرة، وفي هذه الحالة، سيكون معارضو الصدر من ما يسمى بالإطار التنسيقي، تحالف تقوده أحزاب موالية لطهران أو مدعومة منها على رأسها الفتح وحزب نوري المالكي).