الكوليرا تهاجم العراقيين مجددا والسليمانية تتصدر الإصابات

آخر تحديث 2022-06-21 00:00:00 - المصدر: اندبندنت عربية

عاود مرض الكوليرا الانتشار في العراق بعد أكثر من سبع سنوات على تسجيل 1700 إصابة خلال عام 2015، بحسب إحصاءات رسمية لوزارة الصحة آنذاك، لتعلن بعدها عن السيطرة على المرض بشكل شبه كامل.

ويبدو أن تراجع إيرادات العراق المائية بشكل كبير خلال العام الحالي، أدى إلى تلوث المياه في عديد من مصادر المياه كون بعضها تُرمى فيه النفايات ومياه المجاري دون معالجة، ما أدى إلى ظهور المرض مجدداً.

13 إصابة في السليمانية

في المقابل، أعلنت وزارة الصحة العراقية تسجيل 13 إصابة غالبيتها في محافظة السليمانية بإقليم كردستان.

وقال المتحدث باسم وزارة الصحة سيف البدر في تصريح تلفزيوني، إن "الحالات ما زالت محدودة نسبياً ومسيطراً عليها في الوقت الحالي، لكن ربما هناك تفشٍّ لحالات أخطر في إقليم كردستان"، مبيناً أن مرض الكوليرا ليس جديداً، وهو موجود منذ قرون ومتوطن في الشرق الأوسط، وخلال السنوات الماضية كانت نسبة انتشاره أكثر من المعدل.

وأضاف أن "الوزارة أرسلت فرقاً صحية منذ أيام إلى محافظة سليمانية في إقليم كردستان"، داعياً المواطنين إلى الالتزام بالتوصيات التي عممت من وزارة الصحة من أجل منع الإصابة بالمرض.

قدرات متكاملة

وحول تشخيص المرض، أوضح البدر أن "وزارة الصحة العراقية تمتلك القدرة التشخيصية لاستيعاب الحالات المتزايدة، حتى وإن ازدادت خطورة الإصابات عن المعدل الطبيعي"، لافتاً إلى أن "المرض ينتقل بالشراب والمأكولات، ومن الضروري الاهتمام بالنظافة الشخصية وغسل اليدين قبل وبعد تناول الطعام، وعند دخول الحمام للوقاية منه".

الحمى النزفية

في سياق متصل، يتعامل العراق حالياً مع مرض آخر خطير، وهو الحمى النزفية، وبدأت الإصابات بالتصاعد خلال الفترة الماضية لتصل إلى نحو 200 منذ انتشار المرض مطلع العام الحالي. ويشير البدر إلى أن عمل الدوائر البلدية والجهات الأمنية المسؤولة عن منع انتشار مرض الحمى النزفية لا يزال دون المستوى المطلوب، ويفتقد الجدية والصرامة، سواء باستمرار الذبح العشوائي للمواشي، أو انتقال الحيوانات بين المحافظات.

وأكد البدر أن دور وزارة الصحة هو تشخيص المرض والعلاج والتثقيف والتوعية الصحية لإيصال المعلومة الصحيحة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى الرغم من وجود قوانين عدة تنظم عملية ذبح الحيوانات في المجازر الخاصة بعد فحصها وختمها وتأكيد خلوها من الأمراض، فإن عملية الذبح العشوائية منتشرة في مناطق العراق كافة، وداخل الأحياء السكنية.

ويأتي ظهور الكوليرا مجدداً في وقت تعمل فيه السلطات الصحية بالعراق للسيطرة على أمراض وبائية لا تقل خطورة عن الكوليرا، وهو "الحمى النزفية"، وتصاعد الإصابات بجائحة كورونا، التي وصلت وفق آخر إحصائية لوزارة الصحة الاثنين (20-6-2022) إلى 515 إصابة في وقت كانت تسجل فيه أقل من 200 إصابة خلال الأيام والأسابيع الماضية.

طوارئ في السليمانية

من جهة ثانية، أعلنت دائرة صحة محافظة السليمانية في إقليم كردستان عن إصابة العشرات بمرض الكوليرا بعد استقبالها عدداً كبيراً من المصابين الذين يعانون أعراض المرض مثل الإسهال الشديد والتقيؤ.

وقال المدير العام لصحة محافظة السليمانية صباح هورامي إن الفحوص الطبية التي أجرتها دوائر صحة المحافظة للمصابين بالإسهال الشديد، أظهرت لدينا 10 إصابات مؤكدة بمرض الكوليرا، مبيناً أن "صحة السليمانية أعلنت حالة الطوارئ بسبب انتشار هذا المرض بشكل كبير".

المياه الملوثة

وأضاف هوراني أن "مصدر المرض هو المياه الملوثة، ونعمل حالياً للسيطرة على مصادر المياه ومنع انتشار المرض بأسرع وقت ممكن"، داعياً المواطنين إلى عدم شرب أي مياه غير معلومة المصدر، وعدم تناول الخضراوات.

وكشف عن قيام صحة المحافظة بعلاج أكثر من 4000 مريض أصيبوا بالإسهال والتقيؤ، مؤكداً أن أغلبهم غادروا المستشفيات وتماثلوا للشفاء.

أربيل وبابل

لم تكن السليمانية وحدها التي أعلنت عن تسجيل إصابات، فمحافظة أربيل عاصمة الإقليم أعلنت عن تسجيل 4 إصابات بالمرض، لتدخل ضمن قائمة المدن التي تتصدر إصابات "الكوليرا"، كما أعلنت محافظة بابل وسط العراق تسجيل 4 إصابات بمرض الكوليرا بالمحافظة، فيما اتخذت محافظة النجف المجاورة لبابل، إجراءات احترازية للحيلولة دون تسجيل إصابات تتمثل بمنع تقديم الخضراوات والسلطات في المطاعم للوقاية من الكوليرا، وكذلك محافظة ديالي شرق العراق التي منعت زراعة الخضراوات بمياه الصرف الصحي كما هو متبع بسبب النقص التي تعانيه المحافظة من المياه.

واتجهت محافظة ذي قار، جنوب العراق، إلى توزيع الحبوب المعقمة للمياه على القرى والأرياف لتعقيم المياه كإجراء احترازي من انتشار "الكوليرا".

شحنة عاجلة

أدى ارتفاع معدل الإصابات بمرض الكوليرا إلى تدخل منظمة الصحة العالمية التي أرسلت شحنة عاجلة من الأدوية والمستلزمات الطبية إلى محافظة السليمانية لدعم وزارة الصحة في إقليم كردستان في استجابتها لتفشي "الكوليرا" المفاجئ .

وبحسب المنظمة فإن الشحنة تتألف من أدوية ومستلزمات الطبية، لتغطية احتياجات ما يقرب من 5000 شخص لمدة 3 أشهر.

قلق في أربيل

أعرب وزير الصحة في إقليم كردستان سامان حسين برزنجي عن قلقه من الزيادة المفاجئة في حالات الإسهال الحاد في السليمانية وعدد قليل من المحافظات العراقية الأخرى.

وقال برزنجي، إن الوزارة تتابع عن كثف ما يجري من إصابات ووسعت أنشطة المراقبة والتأهب والاستجابة.

قلق دولي

بدوره، قال أحمد زويتن، ممثل منظمة الصحة العالمية ورئيس البعثة في العراق، إن الزيادة في عدد الإصابات بالكوليرا في السليمانية والمحافظات الأخرى، تسبب قلقاً لمنظمة الصحة العالمية، كونها جاءت على خلفية جائحة "كوفيد-19" وغيره من حالات تفشي الأوبئة التي لا تزال البلاد تكافحها.

وأكد زويتن أن المنظمة تدعم وزارتي الصحة في كل من بغداد وكردستان للاستعداد والاستجابة لتفشي المرض وتقليل التأثير على السكان، خصوصاً الفئات الضعيفة من النساء والأطفال والمجتمعات منخفضة الدخل.

الكوليرا في البرلمان

كما أوضح النائب عن محافظة سليمانية أوميد محمد أن كتلته ستطرح الموضوع في البرلمان العراقي، وستستضيف وزير الصحة لاستيضاح عن إجراءات الوزارة في شأن انتشار الكوليرا بالعراق، والسليمانية على وجه الخصوص. وأضاف أن "الكتلة نبّهت صحة السليمانية قبل انتشار المرض من أن هناك نقصاً كبيراً في الأدوية بمستشفيات المحافظة".

أمر مستغرب

من جهته، قال الكاتب والصحافي في إقليم كردستان نوزاد بولص، إن انتشار الكوليرا في سليمانية يثير الاستغراب في ظل جودة المياه مقارنة بمدن وسط وجنوب العراق.

وأضاف أن "مدن جنوب ووسط العراق تشهد ارتفاعاً في درجات الحرارة وقلة جودة المياه، إلا أنها لن تسجل إصابات بالكوليرا"، لافتاً إلى أن هذا الأمر يدل على أن جودة المياه ليست هي السبب في الإصابات، بخاصة أن مياه السليمانية وأربيل عذبة لأن مصدرها أعالي الجبال.

وأوضح، "هناك تساؤل حول أسباب انتشار المرض في السليمانية الذي يعزوه المسؤولون في الإقليم إلى التلوث البيئي، لا سيما تلوث الطعام في المطاعم، مؤكداً أن الإقليم جاد في منع انتشار المرض حتى لا يتحول إلى وباء.

ويرجع تاريخ ظهور مرض الكوليرا في العراق إلى عام 1821 خلال الوباء العالمي الأول في الفترة ما بين 1816 و1826.

ويعد الكوليرا من الأمراض الخطيرة، وقد أصيب به الآلاف خلال سنوات الحصار الاقتصادي الذي فُرض على العراق عام 1991، بسبب قلة مواد التعقيم الخاصة بالمياه والأدوية.