الجفاف يهدد أرض الرافدين وينذر بكارثة إنسانية في الأعوام المقبلة

آخر تحديث 2022-06-22 00:00:00 - المصدر: اندبندنت عربية

يطلق على العراق تسمية "وادي الرافدين"، وذلك نظراً إلى ضمه نهرين كبيرين هما نهرا دجلة والفرات يشقان أراضيه من الشمال إلى الجنوب، كما يطلق عليه أسماء متعددة تدل على وفرة المياه وأراضيه الصالحة للزراعة، وهي "الأرض الخصبة" و"أرض السواد".

ويبلغ طول نهر الفرات من منبعه في تركيا حتى مصبه في شط العرب 2940 كيلومتراً، 1176 كيلومتراً منها في تركيا و610 كيلومترات في سوريا و1160 كيلومتراً في العراق. ويتراوح عرضه بين 200 وأكثر من 2000 متر عند المصب.

أما نهر دجلة، فينبع من جبال طوروس جنوب شرقي الأناضول في تركيا ويعبر الحدود السورية – التركية، ويسير داخل أراضي سوريا بطول 50 كيلومتراً تقريباً، ليدخل بعد ذلك أراضي العراق عند قرية فيشخابور.

ويبلغ طول مجرى النهر نحو 1718 كيلومتراً ومعظم مجراه داخل الأراضي العراقية بطول نحو 1400 كيلومتر. وتصب خمسة روافد فيه بعد دخوله الأراضي العراقية وهي: الخابور والزاب الكبير والزاب الصغير والعظيم وديالى. وهذه الروافد تجلب إلى النهر ثلثي مياهه، أما الثلث الآخر، فيأتي من تركيا.

كارثة إنسانية

ويبدو أن أزمة الجفاف العالمية والتصحر أثرت بشكل كبير في واردات المياه الآتية إلى النهرين الكبيرين خلال السنوات والأشهر الماضية، ما ينذر بكارثة إنسانية خلال الأعوام المقبلة، لا سيما في ظل التقارير التي تتحدث عن استمرار أزمة الجفاف العالمية. وفي حال لم تعمد السلطات العراقية إلى التعامل معها بجدية تضمن التخفيف من أضرارها، ستكون عواقبها كارثية تضاف إلى قائمة الأزمات التي تشهدها البلاد منذ عقود.

انخفاض كبير في المياه

ويعتمد المصدر الأساسي في تغذية هذين النهرين سنوياً على المياه الآتية من تركيا وإيران، خصوصاً في فصل الربيع، فضلاً عن الأمطار والثلوج داخل الأراضي العراقية، إلا أن الموسم الحالي شهد انخفاضاً كبيراً وغير مسبوق منذ أعوام.

تقليص الأراضي الزراعية

ونتيجة أزمة الجفاف، عمدت الجهات المتخصصة العراقية إلى تقليل المساحات الزراعية المروية بالمياه إلى النصف، فضلاً عن منع زراعة محصول "الأرز" وذلك لاستهلاكه كميات كبيرة من المياه، إذ يشتهر العراق بنوعيات جيدة وهي أرز "العنبر" الذي تزدهر زراعته في محافظات وسط العراق وجنوبه، لا سيما محافظة النجف الشهيرة بهذا الصنف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إيران وتركيا تخفضان المياه

وعلى الرغم من محاولات الحكومة العراقية منذ أشهر التواصل مع الطرفين التركي والإيراني لإيجاد حلول متفق عليها لضمان حصة العراق المائية التي تأتي من أراضي الدولتين، وصلت إلى مرحلة تلويح نائب رئيس البرلمان المستقيل حاكم الزاملي بقطع العلاقات الاقتصادية مع الدولتين، فإن ما حصل هو قطع تام للمياه من قبل إيران وخفضها بشكل كبير جداً من قبل تركيا، الأمر الذي بدأ يدق ناقوس خطر بشكل فعلي ما يهدد مصدر الحياة الأساسي.

85 في المئة للزراعة

وبحسب وزارة الموارد المائية، فإن القطاع الزراعي يستهلك نحو 85 في المئة من مياه دجلة والفرات، فيما أشارت إلى أن سوريا أطلقت كميات كبيرة من حصتها إلى العراق.

وقال مدير عام المركز الوطني لإدارة الموارد المائية بالوزارة حاتم حميد في تصريح لوكالة الأنباء العراقية، إن "اجتماعاً كان من المفترض عقده مع وفد تركي في بغداد خلال مايو (أيار) الماضي في شأن موضوع المياه، إلا أن الوفد لم يحضر من دون معرفة الأسباب"، مبيناً "طلبنا من وزارة الخارجية معرفة أسباب عدم حضور الوفد".

وأضاف "الحلول لمواجهة الأزمة المائية تتضمن مسارين: الأول هو خارجي والمعني بالتباحث مع دول الجوار للتوافق على حصة العراق المائية، والمسار الآخر داخلي وهو إلزام الوزارات القطاعية كافة المستخدمة للمياه وبخاصة الزراعة، ترشيد الاستهلاكات لغرض زراعة مساحات أكبر وزيادة الإنتاجية، مع استخدام التقنيات الحديثة في عمليات ري المزروعات".

وذكر أن "القطاع الزراعي يستهلك من 80 إلى 85 في المئة من المياه المطلقة في نهري دجلة والفرات"، مشيراً إلى أن "سوريا أطلقت كميات كبيرة من حصتها المائية إلى العراق".

35 في المئة

وعن الإيرادات المائية التي تصل العراق، ذكر حميد أن "الإيرادات المائية التي تردنا في دجلة والفرات لغاية مطلع الشهر الحالي تشكل نسبة 35 في المئة من المعدل العام".

جفاف البحيرات

وأدى انخفاض مستوى المياه إلى التأثير في الخزانات المائية والبحيرات، فبحيرة حمرين التي تعد من أهم البحيرات التي يعتمد عليها سكان محافظة ديالى شرق العراق، التي يبلغ مخزونها المائي أكثر من ملياري متر مكعب، وتعد المصدر المهم لري المزروعات وتأمين المياه الصالحة للشرب، والتي تتغذى من روافد عدة غالبيتها تأتي من إيران، باتت معرضة للجفاف بعد أن قطعت الأخيرة تلك الروافد وغيرت مسارها إلى داخل الأراضي الإيرانية.

وأكدت مديرية الموارد المائية في محافظة ديالى أن أمطار العام الحالي لم تعزز المخزون المائي لبحيرة حمرين.

وقال معاون مدير الموارد المائية في ديالى قاسم يحيى حمود في تصريح صحافي، إن "شح المياه لا يزال مستمراً في ديالى للعام الثاني نتيجة قلة الأمطار والغطاء الثلجي، إضافة إلى انعدام الواردات من خارج العراق التي تمثل 80 في المئة من نسبة المخزون المائي لبحيرة حمرين، بينما تشكل العيون والينابيع نسبة 20 في المئة المتبقية".

تأثيرات بيئية

ولعل سكان وسط العراق وجنوبه لا سيما محافظة البصرة، كانوا أكثر المتضررين كونهم يعتمدون على المياه الآتية من نهر الفرات، والتي بدورها تقطع مسافات كبيرة لتصل إليهم مياه محملة بنسب مرتفعة من الأملاح وغير صالحة للشرب، فضلاً عن تأثيراتها البيئية السيئة، ما جعل شط العرب وهو المصب الرئيس لنهري دجلة والفرات الذي يبلغ طوله 190 كيلومتراً، والذي تحول إلى مياه آسنة ملحية لا تصلح للزراعة بسبب نسب التلوث العالية، ما ينذر بمخاطر بيئية إذا لم تكن هناك معالجات جدية لتقليل نسبة الملوحة.

ويتقاسم كل من العراق وإيران الحدود البحرية في شط العرب، وفق اتفاق الجزائر عام 1975، يعرف بـ"خط التالوك"، وهو خط وهمي يمثل نقطة خط القعر، بحسب الاتفاقية.

ولا تزال اتفاقية الجزائر ملفاً من الملفات الخلافية الشائكة بين العراق وإيران، حتى بعد سقوط نظام صدام إثر غزو العراق.