بدأت بريطانيا محادثات مهمة للوصول إلى اتفاق تبادل تجاري مع دول مجلس التعاون الخليجي التي أصبحت هدفا أساسيا للحكومة البريطانية بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، وتشرف وزيرة التجارة آن ماري تريفيليان شخصيا على هذه المفاوضات التي تنطلق في الرياض مع ممثلي الدول الخليجية الست.
وبالعودة قليلا، فلم يكن من قبيل الصدفة أن أول وجهة قصدتها رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي مباشرة بعد البريكست كانت منطقة الخليج، إذ حلت ضيفة شرف على قادتها، والهدف هو الرفع من حجم المبادلات التجارية بين لندن والخليج، وضخ استثمارات خليجية أكبر في المملكة المتحدة.
واستقبل رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون مؤخرا أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي أعلن عن استثمارات قطرية قادمة بقيمة 10 مليارات جنيه إسترليني (نحو 12.2 مليار دولار) خلال السنوات المقبلة، كما التقى جونسون رئيسَ دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد، وخلال اللقاء أعلنت أبو ظبي عن استثمارات بقيمة 10 مليارات جنيه إسترليني في السنوات المقبلة.
هذه الاستثمارات تظهر حجم الاهتمام المتزايد لدول الخليج بالسوق البريطانية، كما أنها تغطي جزءا من تراجع الاستثمارات الأجنبية الذي شهدته بريطانيا منذ سنة 2017.
ارتفعت المبادلات التجارية بين دول مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة خلال الفترة ما بين 2010 و2019 لتصل إلى 41 مليار جنيه إسترليني (نحو 50 مليار دولار) مع نهاية سنة 2019، وخلال هذه الفترة زادت الصادرات البريطانية نحو دول الخليج بنسبة 48%، بينما ارتفعت الصادرات الخليجية نحو المملكة بنسبة 54%.
وشهدت المبادلات بين الطرفين تراجعا كبيرا سنة 2020 بسبب وباء كورونا والإغلاق العالمي، حيث تراجعت الصادرات الخليجية نحو المملكة المتحدة بنسبة 44%، أما الصادرات البريطانية فقد تراجعت هي الأخرى بنسبة 16.3%.
وتتصدر 5 منتجات قائمة البضائع التي تستوردها دول الخليج من بريطانيا، في مقدمتها: محركات توليد الطاقة (4 مليارات دولار)، ثم المجوهرات (1.5 مليار دولار)، ثم السيارات (1.2 مليار دولار)، ثم الأدوية والمنتجات الصيدلية (730 مليون دولار)، وأخيرا معدات النقل (600 مليون دولار).
أما المنتجات التي تتصدر الصادرات الخليجية نحو بريطانيا، ففي المرتبة الأولى نجد المشتقات النفطية (5.5 مليارات دولار)، ثم مولدات الطاقة المتوسطة (2.2 مليار دولار)، ثم الغاز (1.3 مليار دولار).
أما فيما يتعلق بالخدمات التي تشمل الخدمات المالية والسياحة والتبادل الثقافي، فإن المملكة المتحدة صدّرت نحو 14 مليار دولار لدول الخليج، واستوردت ما قيمته 6.1 مليارات دولار من الخدمات من منطقة الخليج.
ثلاثي الصدارة
وتتصدر 3 دول خليجية المبادلات التجارية مع المملكة المتحدة مقارنة ببقية دول مجلس التعاون الخليجي، ويتعلق الأمر بكل من دولة قطر والإمارات والمملكة السعودية:
قطر
تعتبر دولة قطر من كبار المستثمرين غير الأوروبيين في بريطانيا، فقد بلغت الاستثمارات القطرية المباشرة في المملكة المتحدة نحو 43 مليار دولار. وتعتبر بريطانيا من أولى الوجهات الكبيرة للاستثمارات القطرية.
ويبلغ حجم المبادلات التجارية بين المملكة المتحدة ودولة قطر 5.8 مليارات دولار، من بينها 3.2 مليارات استوردتها قطر من المملكة المتحدة، بينما صدّرت قطر ما مجموعه 2.6 مليار.
الإمارات
تعتبر دولة الإمارات الشريك التجاري الأول لبريطانيا بين دول مجلس التعاون الخليجي، وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 16 مليار دولار، واستوردت الإمارات ما مجموعه 10 مليارات دولار من بريطانيا، في المقابل استوردت الأخيرة ما مجموعه 6 مليارات دولار.
وتعتبر الإمارات الشريك التجاري رقم 24 لبريطانيا في ترتيب الشركاء التجاريين للمملكة المتحدة، ذلك لأن المبادلات التجارية بين الطرفين تشكل 1% من مجموع المبادلات التجارية للمملكة المتحدة.
وبلغ حجم الاستثمارات البريطانية في الإمارات حوالي 9 مليارات دولار خلال سنة 2020، في المقابل وصلت استثمارات الإمارات في المملكة المتحدة إلى 14.9 مليار دولار خلال نفس السنة.
السعودية
تعتبر المملكة السعودية ثاني دولة من بين دول مجلس التعاون الخليجي من حيث حجم المبادلات التجارية، بقيمة تفوق 13 مليار دولار، منها 10.6 مليارات دولار لواردات المملكة السعودية من المملكة المتحدة، في المقابل قامت الأخيرة باستيراد ما مجموعه 2.8 مليار دولار.
وتحتل السعودية المرتبة 27 في سلم الشركاء التجاريين للمملكة المتحدة، ويشكّل حجم التبادل بين الطرفين 0.9% من مجموع المبادلات التجارية العالمية للمملكة المتحدة.
وفي سنة 2020، بلغت الاستثمارات البريطانية في السعودية 6.7 مليارات دولار، في المقابل استثمرت السعودية 1.2 مليار دولار في بريطانيا، وسبق للبلدين أن وقّعا سنة 2018 على مذكرة تفاهم، لكي تصل المبادلات التجارية والاستثمارات المتبادلة إلى حوالي 79 مليار دولار.
وبحسب تقديرات وزارة التجارة الخارجية البريطانية، فإن الطلب التجاري لدول مجلس التعاون الخليجي سوف يصل إلى 270 مليار دولار بحلول سنة 2035. وبحسب المصدر نفسه، فإن بريطانيا يمكن أن تزيد من حصتها في التصدير لهذه الدول بنسبة 6% مقارنة، مع ما كانت تصدره سنة 2020، أي بزيادة تصل إلى 30 مليار دولار.