يس عراق: بغداد
كشف رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان، أوراق القضاء وموقفه تجاه كل مايحدث على صعيد العملية السياسية، فما أكد رؤية القضاء “غير الراضية” على العديد من الصياغات في الدستور، التي لا تضع عقابًا لمتجاوزي التوقيتات الدستورية.
3 مواضيع رئيسية في الدستور تحتاج لتعديل
وقال زيدان في حوار مطول مع صحيفة الصباح، إن “الظروف التي رافقت صياغة نصوص الدستور سنة 2005 في حينها تغيرت وأصبحت عدد من مواد الدستور عقبة أمام تشكيل السلطات الدستورية عند كل استحقاق انتخابي لذا من الضروري إعادة النظر بتلك النصوص وصياغتها بشكل سلس يتناسب والمتغيرات السياسية التي حصلت خلال 19 سنة الماضية”.
وطرح زيدان 3 مواضيع رئيسية عليها خلاف في الدستور وتتطلب اعادة صياغة، ومنها: “على سبيل المثال المادة (76) وانقسام الــرأي بخصوص تفسيرها إضافة إلى المواد التي يشترط صحة انعقاد جلسات مجلس النواب أو الأغلبية المطلوبة لتشريع بعض القوانين الثلثين، فيما يرى زيدان أن “ذلك يعرقل عمل السلطة التشريعية وإنجاز المهام الداخلة في اختصاصاتها”.
وكذلك بعض المـواد الخاصة بالسلطة القضائية “نرى أنها بحاجة إلى إعادة صياغة بما يضمن استقلالية السلطة القضائية بشكل كامل عن السلطة التشريعية والتجاذبات السياسية التي قد تحصل في تعيين بعض المناصب العليا في السلطة القضائية”، بحسب زيدان.
إضافة إلى مـواد أخـرى “تتعلق بصلاحيات المحافظات وإدارتها والخلاف القائم بين المركز والإقليم بخصوص النفط والغاز”.
عدم رضا كل الجهات عن القضاء.. دليل على حياديته واستقلاله
وحول الصراعات السياسية مابعد الانتخابات، يشير فائق زيدان إلى أن “القضاء اختار لنفسه أن يكون كما هو دستورياً مستقلا عن بقية السلطات مهما كان ثمن هذا الخيار لذا حرص على أن تكون جميع القرارات الصادرة عنه تعكس هــذه الاستقلالية وعدم الاستجابة لوجهات النظر السياسية”.
واعتبر زيدان ان “دليل عـدم انحياز القضاء لجهة دون أخــرى أن الجهتين المتنافستين سياسياً غير راضيتين عن موقف القضاء وكل واحـدة منها تدعي أن القضاء يميل إلى الأخـرى لكن الفرق بين الجهتين أن إحداهما تظهر الموقف السلبي من القضاء علناً أما الأخرى استطاعت كظم غيظها والتعبير عن موقفها السلبي في الأروقة الخاصة فقط”.
تجاوز المدد الدستورية بحاجة لـ”عقوبات”
وحول ملف تجاوز المدد الدستورية، يرى رئيس مجلس القضاء الاعلى فائق زيدان، ضرورة وضع جزاء وعقوبة لمتجاوزي المدد الدستورية، وهي احدى الملفات التي تحتاج الى تعديل في الدستور.
ويقول زيدان إنه “بسبب الخلافات السياسية بين التحالفات والأحزاب الفائزة في الانتخابات حصلت خروقات دستورية عديدة ولازالت مستمرة وأهمها مضي المدة القانونية لتسمية رئيس جمهورية جديد وتبعاً له تسمية حكومة جديدة”.
واعتبر أن “هذه إحدى الحالات التي نرى أن التعديل الدستوري يجب أن يعالجها بأن يتم وضع نص دستوري يتضمن (جزاء) مخالفة النص الدستوري بمعنى أن تحدد مدة معينة لاستثمار تشكيل المناصب والاستحقاقات الدستورية فاذا انقضت تلك المدة يجب وضع جزاء لذلك كأن يكون حل البرلمان تلقائياً أو بقرار من جهة ما يتفق عليها سياسياً لان بدون وجود جزاء لمخالفة نص معين دستوري أو قانوني تصبح تلك المخالفة وكأنها إجراء أو تصرف مشروع وقابل للتكرار انطلاقاً من قاعدة (من أمن العقاب خالف القانون”.
بعض الطعون هدفها “استعراضي”
من جانب اخر، يرى رئيس مجلس القضاء الاعلى فائق زيدان ان بعض الطعون واللجوء الى المحكمة الاتحادية كانت لاهداف استعراضية امام الرأي العام، وتقوم باضاعة الوقت على القضاء واشغاله.
ويشير زيدان الى ان “ظاهرة اللجوء إلى المحكمة الاتحادية بشكل كبير فيه جانب إيجابي وآخر سلبي، الإيجابي هو أن اللجوء إلى القضاء عند الاختلاف هو إجـراء صحيح ودليل على شيوع ثقافة سيادة القانون واللجوء إلى المؤسسة التي تطبق الدستور والقانون في حل المشكلات وهذا شيء جيد”.
أما الجانب السلبي فيرى زيدان هو أن “البعض اتخذ من هذا الإجراء وسيلة للظهور الإعلامي والاستعراض أمام الـرأي العام بحيث يلجأ للطعن في أي قرار أو قانون يصدر حتى وإن لم يكن من اختصاص المحكمة الاتحادية النظر في هذا الطعن أو أن القرار أو القانون لا توجد أسباب واقعية ومنطقية للطعن به”.
ويرى زيدان أن “ذلك يشغل المحكمة في دعاوى كثيرة قد تنعكس على اداء المحكمة في حسم الدعاوى الأهم والتي تستوجب فعلا النظر بها “.
قوانين المخدرات كافية.. ولكن الخلل بجدية متابعة المتهمين
ويرى رئيس مجلس القضاء الاعلى فائق زيدان، أن “تفشي المخدرات مشكلة كبيرة تحتاج إلى وقفة إذ أن هذه الجريمة تتفرع عنها جرائم أخرى ذلك أن متعاطي المخدرات يفقد إرادته وإدراكـه ويرتكب جرائم وهو خارج الوعي وهذه الجرائم متنوعة كالقتل والاغتصاب والسرقة وغيرها لذا تحتاج إلى إجراءات رادعة تحد من انتشار هذه الجريمة”.
ويعتقد زيدان أن “الخلل الأساس يكمن في جدية متابعة مرتكبي جريمة الاتجار بالمخدرات وليس الخلل في التشريع أو إجـراءات القضاء لان القوانين موجودة والقضاء يطبق هذه القوانين بشدة لكن الخلل في متابعة المجرمين والقبض عليهم مع الأدلة التي تقتضي لادانتهم “.
ما “لغز” الأحكام المخففة على السياسيين؟
وفي مجال اصدار احكام مخففة او ايقاف التنفيذ، يوضح رئيس مجلس القضاء الاعلى فائق زيدان ان كل قضية تكون محكومة بظروف وخاضعة لتقييم القاضي.
ويقول ان “الحكم الخفيف أو الشديد أو وقف تنفيذ الحكم هي قضايا قانونية لها سند قانوني واستخدام القاضي لأحد هذه الخيارات يستند إلى نص في القانون وليس إلى مجرد رغبة أو استجابة لضغط سياسي أو أي اعتبار آخر إنما القانون ينص على أن لكل جريمة عقوبة فيها حد أعلى وحد أدنى وبإمكان القاضي حسب ظروف الجريمة وظروف من ارتكبها أن يختار العقوبة المناسبة كذلك موضوع وقف تنفيذ العقوبة أيضاً يستند القاضي إلى نص القانون الذي يخوله عند توفر ظروف معينة اللجوء إلى وقف تنفيذ العقوبة وفق شروط ومحددات نص عليها القانون”.
شارك هذا الموضوع: