بغداد- واع- محمد سليم
تصوير: حسين عمار
تشكلُ قلة الأمطار والاستنزاف العشوائي لمخزونات المياه السطحية والجوفية أهم الأسباب التي دفعت لتفاقم ظاهرة التغير المناخي على العراق المهدد باتساع نطاقات التصحر والجفاف داخله، وهو ما ظهر بشكل ملموس عبر العواصف الترابية المتتالية وغير المسبوقة.
ويعدُ خبراء التصحرَ من الظواهر البيئية الخطيرة التي تهدد حياة المجتمعات الاقتصادية والمعيشية وبسببه تحولت المساحاتُ الزراعية الخصبة الى أراض جرداء قاحلة.
وكالة الأنباء العراقية (واع) سلطت الضوء على هذا الملف لما له من تداعيات متعددة، لتبرز بحسب المسؤولين 3 أوجه لمعالجة هذا الخطر تتمثل بمعالجة الكثبان وإنشاء الواحات والأحزمة الخضراء.
ويقول الناشط فلاح البرزنجي 65 عاما لـ (واع)، إن "تجريف الأراضي الزراعية والبساتين من أهم أسباب التصحر وخاصة عبر تحويلها الى أراض سكنية مما أثر على بيئة العراق وجعل من مناخه ضحية لتصاعد الغبار وارتفاع درجات الحرارة لعدم وجود غطاء نباتي".
أما المواطن أبو سعد العراقي 68 عاما فرآى في حديثه لـ (واع) أن "المواطن هو أول المتضررين من موضوع التصحر لما له من تأثيرات على الأمن الغذائي وتزايد العواصف الترابية"، مقترحاً التحرك بسرعة لتشجير الأراضي حول المدن.
وأضاف العراقي، أن "المواطن يتحمل المسؤولية من جانبه وعليه أن يبادر إلى زراعة الأشجار في البيت والمزرعة والبساتين حسب ما يمتلكه".
مصادر العواصف الترابية وأنواعها
من جهته يوضح وليد خالد مدير المشاريع في دائرة الغابات والتصحر أحد تشكيلات وزارة الزراعة في مقابلة مع وكالة الأنباء العراقية (واع)، أن "العواصف الترابية أحد أهم أسباب التغير المناخي، ونوعها يتوقف على المساحات التي تهب فيها، إذ أن هناك الرملية والغبارية ومناطق الجنوب تكون فيها العواصف رملية بسبب الكثبان الرملية وهنالك العواصف الغبارية التي تأتي من محافظات أخرى وتكون أغلب تلك العواصف عابرة للحدود وأغلبها يأتي من السعودية والأردن والبادية السورية وهي تدخل العراق مواجهةً أراضي هشة وانحسارا في الغطاء النباتي ما يضاعف تأثيراتها لتؤثر على البلاد من شمالها لجنوبها"، مؤكداً "عمل الدائرة على عدة خطط للتقليل من أضرار تلك العواصف".
مشروع تثبيت الكثبان الرملية
وعن المعالجات المطروحة يؤكد خالد أن "هناك مشروع تثبيت الكثبان الرملية وانطلق في بداية سبعينيات القرن الماضي وبلغ اوج نشاطه من عام 1985 الى عام 2000 ومنذ انطلاقه مجدداً سنة 2021 عالج ما يقارب 800 ألف دونم من مجموع 4 ملايين دونم من الكثبان الرميلة المتوزعة بين محافظات الجنوب والشمال".
وأضاف، أن "قلة التخصيصات وظروف فترة ظهور عصابات داعش وما تبعها من عمليات عسكرية انعكس على المشروع وتوقف وهو الآن يسير على الخطة الاستثمارية في التمويل والدائرة قامت بتوجيه من الأمانة العامة لمجلس الوزراء التي تبنت مشروع تثبيت الكثبان الرملية بإعداد دراسة لمنطقة (كطيعة)الواقعة بين محافظتين المثنى وذي قار ومعالجة البؤر الساخنة للكثبان الرملية والتي حددت من قبل الفنيين في الدائرة بما يقدر بـ (240) الف دونم".
ولفت إلى أن "الدائرة وضعت خطة لتحسين الواقع البيئي للمنطقة كالتغطية الطينية للكثبان الرملية وانشاء سواتر ترابية لحماية القرى والمدن والمراكز الحيوية والأنشطة وبالأخص ذي قار وإنشاء حزام اخضر على مسافة مائة كيلومتر يكون من جنوب محافظة الديوانية الى شمال محافظة المثنى بالإضافة الى النشاط المستمر في تغطية الكثبان في باقي المحافظات منها المثنى وذي قار وميسان والديوانية والحفاظ على النشاطات القديمة وحالياً المشروع يعاني من قلة التخصيصات المالية والاطلاقات المائية".
مشاريع الواحات
وأكد كذلك إن "هناك أيضاً مشاريع واحات تهدف مع معالجة الكثبان وإنشاء الأحزمة الخضراء لمعالجة التصحر والمشروع انطلق من السبعينات وكانت ركيزة ونواة لتشجيع الاستثمار في الصحراء ومنذ انطلاق المشروع حتى 2012 أنشئ حوالي 35 واحة موزعة على الانبار ونينوى والمثنى والبصرة وميسان تحديداً في قضاء علي الغربي"، مشيرا الى أن "اغلب تلك الواحات في محافظة الانبار وتعرضت للتخريب والتدمير من قبل عصابات داعش الارهابية مما أدى الى توقف المشروع وساهم عزوف وزارة التخطيط ووزارة المالية عن توفير السيولة المالية بعدم استئناف العمل وهنالك خطة لدائرة التصحر للتوسع بإنشاء واحات جديدة وخصوصاً في بادية السماوة".
وأشار إلى إنه "بسبب الأزمة المالية والتحول من المنهاج الاستثماري الى الموازنة التشغيلية توقف مشروع الواحات وانحسر لكن بالمقابل تمكنت دائرتنا بجهودها الذاتية والاستثنائية بإعادة 12 واحة للعمل".
خرائط لتحديد أماكن التصحر ومعالجتها
بدوره يؤكد مدير التخطيط في دائرة الغابات والتصحر رياض سبتي لـ (واع) أن "الدائرة تمتلك شعبة لتحديد أمكان التصحر ومعالجتها بنظام (الجي اي اس) والاستشعار عن بعد وهذه الشعبة تصدر خرائط تفصيلية لمناطق الأراضي الهشة والمتصحرة والمهددة بالتصحر وتحدد البؤر الساخنة وحركة الكثبان الرملية ولدينا خرائط تحدث بشكل دوري حسب الحقب الزمنية من 5 الى 10 سنوات وهنالك تصنيفات بعيدة المدى وعلى أساس ذلك توضع المشاريع المقترحة والبرامج الوطنية لحل المشاكل المترتبة عليها".
ملوحة التربة
وأضاف، أن "هنالك دراسة في طور الإعداد لتحديث أرقام معدلات الملوحة وقياس مدياتها بالتعاون مع وزارة الزراعة للخروج بنتائج توضح أنواع الترب وتحديد أماكن المناطق الهشة والمتأثرة بالتملح والتغدق".