الأزمة السياسية تترك العراق دون حكومة لفترة طويلة الأمد

آخر تحديث 2022-07-27 00:00:00 - المصدر: اندبندنت عربية

دخل العراق اليوم الأربعاء في أطول فترة جمود بعد انتخابات، إذ حال التناحر الداخلي بين التكتلات الشيعية والكردية بالأساس دون تشكيل حكومة، مما يعطل إصلاحات مطلوبة، في حين تجاهد البلاد للانتعاش بعد صراعات استمرت لعقود.

وبعد مضي أكثر من تسعة أشهر على إجراء انتخابات في أكتوبر (تشرين الأول) لا يبدو أن المشرعين المكلفين باختيار رئيس للبلاد ورئيس للوزراء قد اقتربوا من الاتفاق على شيء، ليسجل العراق مدة قياسية تبلغ 290 يوماً دون رئيس أو حكومة.

كانت أطول مدة سابقة في عام 2010 عندما مر بـ289 يوماً دون حكومة، إلى أن تولى رئيس الوزراء نوري المالكي فترة ثانية في المنصب.

حكومة تصريف أعمال

وتواصل حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي المنتهية ولايتها تصريف الأعمال، وإذا  لم تتفق الأحزاب على حكومة جديدة قد تستمر حكومة الكاظمي كحكومة انتقالية لحين إجراء انتخابات جديدة.

وهذا الشلل السياسي ترك العراق دون موازنة عامة لعام 2022، فتوقف الإنفاق على مشروعات للبنية الأساسية مطلوبة بشدة وتعطلت الإصلاحات الاقتصادية.

آثار اجتماعية

ويرى العراقيون أن هذا الوضع يفاقم نقص الخدمات والوظائف حتى مع تحقيق بغداد عائدات نفطية قياسية بسبب ارتفاع أسعار الخام، وعلى الرغم من أنها لم تشهد صراعات كبرى منذ هزيمة تنظيم داعش قبل خمس سنوات.

يقول محمد محمد، وهو موظف متقاعد بالقطاع العام عمره 68 سنة، يقطن مدينة الناصرية الجنوبية "لا توجد حكومة فلا توجد موازنة، والشوارع مليئة بالحفر، والكهرباء والماء نادران، والرعاية الصحية والتعليم متداعيان".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الظروف ذاتها التي حكى عنها محمد أثارت احتجاجات في بغداد وجنوب العراق خلال 2019.

حينها طالب المتظاهرون برحيل الأحزاب التي كانت في السلطة منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 وأطاح حكم صدام حسين، واتهموها بالفساد الذي حال دون تقدم العراق. وقتلت قوات الأمن ورجال فصائل مسلحة مئات المتظاهرين وتوقفت الاحتجاجات تدريجياً في 2020.

وتولى الكاظمي المسؤولية كمرشح توافقي إثر الاحتجاجات، ووعد بمعاقبة قتلة المتظاهرين وبانتخابات مبكرة أجراها في العاشر من أكتوبر، وفقد أغلب من خرجوا في تظاهرات في السابق الأمل بالتغيير.

وقال علي الخيالي وهو ناشط مناهض للحكومة شارك في التظاهرات، "ستتشكل الحكومة أياً كانت من أفراد وأحزاب شاركت في قتل أصدقائنا".

أحزاب متناحرة

عادة ما يستغرق تشكيل حكومة في العراق أشهراً ويستلزم كسب تأييد جميع الأحزاب السياسية الرئيسة.

ومنذ إطاحة صدام، تحتفظ الأحزاب الشيعية التي تمثل الأغلبية السكانية في العراق بمنصب رئيس الوزراء، ويتولى الأكراد رئاسة البلاد، والسنة رئاسة البرلمان.

وأطال تزايد الانقسامات بين هذه الكتل أمد عملية تشكيل الحكومة بشكل استثنائي هذه المرة.

وفي المعسكر الشيعي، سحب رجل الدين مقتدى الصدر الفائز بأكبر عدد من الأصوات في انتخابات أكتوبر، نوابه البالغ عددهم 74 نائباً من البرلمان الشهر الماضي بعد أن فشل في تشكيل حكومة تستبعد منافسيه الشيعة، وأغلبهم مدعوم من إيران ولديه أجنحة مسلحة تسليحاً كثيفاً.

وبهذا الانسحاب ترك الصدر عشرات من هذه المقاعد لمنافسيه، لكنه أشار إلى أنه لن يقف صامتاً هو وفصيله وقاعدته الشعبية التي تضم الملايين إن حاولوا تشكيل حكومة لا يوافق عليها.

وهدم بضع مئات من أنصار الصدر حاجزاً خرسانياً ودخلوا المنطقة الخضراء التي تضم مباني حكومية اليوم الأربعاء، ولم تقع اشتباكات لكن قوات الأمن استخدمت خراطيم المياه لتفريقهم.

وحال الصدر فعلياً هذا الشهر دون ترشيح منافسه اللدود المالكي، متهماً رئيس الوزراء الأسبق بالفساد في تغريدة على تويتر.

وطرح منافسو الصدر مرشحاً آخر هو محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء، لكن الصدر قد يعارض ترشحه كذلك لأنه من حلفاء المالكي.

وقال عضو في حزب الصدر السياسي طلب عدم الكشف عن هويته لأنه غير مصرح له بإعطاء تصريحات للإعلام "السوداني مجرد ظل للمالكي".

من ناحية أخرى، تحول الخلافات بين الأحزاب الكردية الرئيسة التي تدير منطقة كردستان في شمال العراق دون اختيار رئيس للبلاد، وهو منصب يتيح لصاحبه فور موافقة البرلمان عليه أن يعين رئيساً للوزراء.

ويتولى الاتحاد الوطني الكردستاني الرئاسة منذ 2003.

أما منافسه الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي حصل على العدد الأكبر من أصوات الأكراد بفارق كبير فيتمسك بمرشحه للرئاسة، ولا يبدو أن أي طرف على استعداد للتزحزح عن موقفه.

قال شيروان الدوبرداني النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني "لم نتمكن من الاتفاق بعد، منصب الرئيس يجب ألا يظل في قبضة حزب واحد أبد الدهر".