نتشر المخدرات في العراق بشكل واسع وتُهرَّب عبر الحدود (Getty)
تواصل السلطات العراقية عمليات مداهمة واعتقال تجار ومروجي المخدرات في مختلف محافظات البلاد، إضافة إلى السيطرة على كميات كبيرة من أنواع مختلفة من المخدرات التي تدخل إلى العراق عبر الطرق البرية من سورية وإيران، فيما شهدت مدن عدة من البلاد عمليات اشتباك مسلح مع المتاجرين بالمخدرات، سقط على أثرها ضباط من قوات الأمن، وبرغم ذلك، يقول ناشطون يعملون في مجال مكافحة المخدرات إن انتشار المواد المخدرة أسرع من السيطرة عليها.
ويرى ضابط من مديرية مكافحة المخدرات التابعة لوزارة الداخلية أن "السباق للسيطرة على المخدرات أصعب بكثير من أي ملف جنائي آخر، وهناك شهداء وجرحى من قوات الأمن خلال حربنا الحالية على تجار المخدرات"، وفقاً لقوله.
ويضيف في حديثٍ مع "العربي الجديد"، مشترطاً عدم ذكر اسمه، أن "هذا الانتشار ينافس عمليات السيطرة، وهو ما تدركه السلطات، وللأسف الفساد المالي المستشري في أجهزة الدولة يساهم في تمرير المخدرات إلى معظم مدن العراق، كما أن هناك مخدرات تدخل محافظات كركوك وديالى وصلاح الدين، مصدرها معبر بنجوين في السليمانية الذي تسيطر عليه قوات من حزب العمال الكردستاني، ما يؤثر بشكل كبير على جهود ضبط المعابر الحدودية من جانبي سورية وإيران".
وأضاف الضابط أن "مفارزنا رصدت انتشاراً كبيراً للمخدرات في بعض المناطق الراقية من مراكز المدن، وتحديداً في بغداد"، مؤكداً أن "جهود قواتنا تركز على رصد تجار المخدرات المحليين، وهناك تعاون كبير مع جهاز المخابرات ومديرية الاستخبارات في تعقب التجار الكبار الذين يمارسون أدواراً تخريبية في العراق".
ضبط 14 مليون حبة مخدرة في 8 أشهر
ومساء الأحد، أعلنت المديرية العامة لمكافحة المخدرات بوزارة الداخلية العراقية عن ضبط 14 مليون حبة مخدرة ونحو 300 كيلوغرام من المواد المخدرة في 8 أشهر فقط من هذا العام.
وقال المتحدث باسم المديرية العقيد بلال صبحي، لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن "عملياتنا مستمرة في محاربة ومطاردة تجار المخدرات، حيث أُلقي القبض خلال الشهر الماضي على أكثر من 1350 متهماً".
وأضاف أن "العدد الكلي خلال الأشهر الثمانية الماضية أصبح 11 ألف متهم بالتجارة والترويج والتعاطي، فضلاً عن ضبط ما يقرب من 300 كيلوغرام من المواد المخدرة وأكثر من 14 مليون حبة من حبوب الكبتاغون والمؤثرات العقلية".
وأشار إلى أن "هناك محاربة جادة من قبل المديرية والأجهزة الأمنية كافة؛ لمحاربة تجار المخدرات"، مؤكداً أن "المواطنين لهم دور كبير في تفكيك العديد من الشبكات، من خلال الاتصال بالخط الساخن المجاني للمديرية ذي الرقم 178 الذي يعمل في محافظات العراق كلها".
المخدرات والجرائم الجنائية
من جهته، أشار فلاح راسم، أحد منتسبي وزارة الداخلية العراقية في مدينة البصرة، إلى أن "معظم حالات الجرائم الجنائية في العراق، وتحديداً في مناطق جنوبي البلاد، تعود أسبابها إلى تعاطي المخدرات"، مؤكداً، لـ"العربي الجديد"، أن "الكريستال هو الأكثر انتشاراً في البصرة، وتدفع هذه المادة المخدرة الشباب إلى ارتكاب حالات انتحار أحياناً وتصرفات غير مسؤولة وعمليات سرقة وقتل".
ولفت راسم إلى أن "القوات العراقية تواصل مهام المتابعة عند الحدود العراقية، لكن هناك منافذ وثغرات في الحدود يستغلها المهربون"، معتبراً أن "الحرب على المخدرات داخل العراق تحتاج إلى ضبط الحدود، لأنه من دون منع التهريب، فإن آفة المخدرات ستستمر بالانتشار".
وضبطت شرطة محافظة الأنبار، غربي البلاد، الشهر الماضي، مليوني حبة مخدرة خلال عملية نفذتها قوة خاصة، أسفرت عن اعتقال تاجر مخدرات كان ينوي توزيع الكمية داخل المحافظة، قبلها بأيام، أعلنت السلطات الأمنية ضبط كمية ضخمة من المخدرات في البصرة (جنوب)، والقبض على شبكة لتجارة المخدرات بحوزتها 11 كيلوغراماً من مادة الحشيشة، إضافة إلى العثور على أسلحة وقنابل يدوية لدى مروجي المواد المخدرة.
وسبق أن أعلنت وزارة الداخلية عن تأسيس "قاعدة بيانات متكاملة عن طرق وأساليب ومناطق ودخول المواد المخدرة وأكثر المواد انتشاراً في العراق"، وأكدت الوزارة في بيان سابق لها أن "مادتي الكريستال والحشيشة تنتشران في وسط وجنوب العراق وتدخلان عن طريق محافظة ميسان والبصرة (الحدوديتين مع إيران)، أما الكبتاغون والمؤثرات العقلية الأخرى فتنتشر في غرب وشمال العراق وتدخل من محافظة الأنبار (الحدودية مع سورية)، وأن أغلب المواد المخدرة تدخل إلى العراق عبر الطرق والمنافذ غير الرسمية والأهوار، والشريط الحدودي والصحراء من الجهة الغربية".
بدوره، بيَّن عضو منظمة "عراق خال من المخدرات"، علي الحبيب، أن "المخدرات منتشرة بشكل كبير في العراق بسبب عدم السيطرة على المنافذ الحدودية، وأكثر المحافظات المتضررة هي العمارة والبصرة وواسط، وجميعها حدودية مع إيران، حيث تتسرب كميات كبيرة من الحشيشة والكريستال والكبتاغون".
وأوضح لـ"العربي الجديد" أن "قانون المخدرات في العراق يتسبب هو الآخر بطريقة أو بأخرى بانتشار المخدرات، خصوصاً أنه يشهد حالة من عدم التمييز بين المتعاطي والمتاجر، ناهيك عن تلاعب قانوني من قبل بعض المحامين والتجار من خلال تحويل المتاجرين إلى متعاطين لتخفيف العقوبة، إضافة إلى دخول الفساد والسلاح المنفلت على خط رعاية التجار وتسريب المخدرات إلى المدن العراقية".
وفي السنوات الأخيرة، بات العراق من بين البلدان التي تنتشر فيها المخدرات بشكل واسع، وفي الأشهر الماضية، نفّذت القوات العراقية حملات واسعة ومتلاحقة ضد عصابات وتجار المخدرات في البلاد، أدّت إلى اعتقال عشرات من تجار المخدرات ومتعاطيها وساهمت بمحاصرة شبكات توريدها.
وكان القانون العراقي قبل الاحتلال الأميركي يعاقب بالإعدام شنقاً مروجي المخدرات، إلا أنه بعد الاحتلال، ألغي الإعدام، وفرضت عقوبات تصل إلى السجن مدة 20 عاماً.