أكد مجلس مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب التابع للبنك المركزي العراقي أن البلاد اتخذت سلسلة من الإجراءات التصحيحية للمنظومة، مشيراً إلى أن الإجراءات الحكومية أسهمت في خروج بغداد من قائمة الاتحاد الأوروبي للدول عالية المخاطر.
وأشار باحثون اقتصاديون في تصريحات إلى "اندبندنت عربية" إلى أن المؤسسات المالية والجهات الرقابية في العراق ملتزم تطبيق وتنفيذ سياسات وإجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وفهم المخاطر المترتبة عن تلك العمليات بموجب القانون رقم 39 لعام 2015. وقالوا إنه بفعل هذه السياسات والإجراءات أصبح العراق خارج القائمة الرمادية لغسل الأموال التابعة لمجموعة العمل المالي الدولي (FATF). وأضافوا أن "جريمة غسل الأموال لها تهديدات ومخاطر على الأمن الاقتصادي الوطني والعالمي".
وذكر المجلس في بيان أن "العراق أعلن عن جاهزيته للبدء بعملية التقييم المتبادل التي تقام من قبل مجموعة العمل المالي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إذ تم تحديد موعد إجراء الزيارة الميدانية للخبراء ضمن جدول التوقيتات الزمنية المعد من قبل المجموعة خلال شهر أغسطس (آب) 2023"، مضيفاً أنه "تم عقد اجتماع بتمثيل عالي المستوى من جميع الجهات المعنية في منظومة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب برئاسة محافظ البنك المركزي، إضافة إلى دعم رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس القضاء العراقي لهذا الملف المهم مع رئيس مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مينافاتف) جوهر النفيسي، وكذلك السكرتير التنفيذي للمجموعة سيلمان الجابرين لبيان مدى التزام العراق في هذا الجانب".
وأشار البيان إلى أن "تلك الإجراءات بدأت بإصدار قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب رقم 39 لسنة 2015 الذي يعد من أحدث القوانين في المنطقة والممتثلة للمعايير الدولية، إضافة إلى إصدار عديد من الأنظمة والتعليمات والضوابط الإرشادية ذات الصلة".
وأوضح أن "العراق قدم إلى الاجتماعات العامة للمجموعة التاسعة تقارير خلال المدة ما بين 2013-2018 التي كانت تتضمن الإجراءات والجهود المكثفة التي بذلت من أجل استيفاء أوجه القصور التي تم تشخيصها تجاه المنظومة". ونوه بأن "تلك الجهود توجت بخروج العراق رسمياً من وضع المتابعة المعززة إلى المتابعة الاعتيادية أو ما يسمى (التحديث كل عامين)".
ولفت البيان إلى أنه "تم العمل خلال الأعوام من 2019-2020 على اتخاذ الإجراءات اللازمة التي تثبت التزام العراق بالتوصيات الـ40 الصادرة عن الفاتف، والتي تكللت خلال مطلع 2022 بخروج العراق من قائمة الاتحاد الأوروبي للدول عالية المخاطر".
التزام عراقي
من جانبه أيّد الباحث الاقتصادي بسام رعد ما جاء في بيان مجلس مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وقال إنه بفعل هذه السياسات والإجراءات أصبح العراق خارج القائمة الرمادية لغسل الأموال التابعة لمجموعة العمل المالي الدولي (FATF).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال رعد لـ"اندبندنت عربية" إن الجهات الرقابية والبنك المركزي العراقي ومكتب مكافحة وغسل الأموال وتمويل الإرهاب وضعت سياسات وإجراءات فعالة تمكنت من خلالها من تخفيف مخاطر غسل الأموال بشكل فعال، وكذلك استيفاء جميع الالتزامات تجاه توصيات مجموعة العمل المالي (FATF)، ما أسهم بأن تكون بغداد ضمن القائمة البيضاء للدول في تطبيق المعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وخروج البلد من قائمة الاتحاد الأوروبي للدول عالية المخاطر".
وأضاف أن "عمليات غسل الأموال لها مردود مدمر على الاقتصاد والمجتمع، فهي لا تهدف إلى أحداث تنمية اقتصادية أو اجتماعية حقيقية، وإنما جل ما تستهدفه هو إضفاء المشروعية على الأموال المستمدة من الأنشطة الإجرامية لمنع مصادرتها".
تهديدات ومخاطر
بدوره، قال أستاذ الاقتصاد الدولي نوار إن "جريمة غسل الأموال لها تهديدات ومخاطر على الأمن الاقتصادي الوطني والعالمي من حيث توسع نطاق الجريمة والفساد الإداري والمالي والسياسي وتدهور قيمة العملة الوطنية وتوسع نشاط القطاع الاقتصادي الخفي وعزوف الاستثمارات الأجنبية وعدم القدرة على جذبها وإفلاس البنوك وانهيارها وسوء توزيع الدخل وغياب العدالة في التوزيع الضريبي وتفاقم معدلات البطالة وضعف في النمو الاقتصادي والدخل الوطني".
وأكد السعدي لـ"اندبندنت عربية" أن تأثير جريمة غسل الأموال في معدل الدخل القومي يتمثل في أن "الأموال الهاربة إلى المصارف الأجنبية بالخارج استقطاعات من الدخل القومي للدولة التي تحققت فيها هذه الأموال، ذلك أن خروج الأموال غير المشروعة إلى خارج البلاد التي كونها أصحابها على أرضها يحرم هذه الدولة من العوائد الإيجابية التي يمكن الحصول عليها لو تم تشغيل هذه الأموال داخل الدولة".
وأوضح أن "عملية غسل الأموال تعد من أبرز الجرائم وأخطرها وأكبر التحديات الحقيقية أمام المؤسسات المالية والمصرفية والهيئات الحكومية العراقية والدولية، كما تعد نشاطاً إجرامياً تلاقت فيه نزعات الساسة المتسلطين وحائزي أموال الدولة وأصحاب القرار وهي جريمة حققت وتحقق عوائد مالية غير مشروعة وبسبب شرعية مناصب ومواقع بعض الإداريين تصبغت بالمشروعية على العائدات الجرمية أو الأموال القذرة ليتاح استخدامها بيسر وسهولة".
ولفت إلى أن العراق يحتاج إلى استكمال الإجراءات والتوصل إلى تحديد كل من نقاط الضعف والتهديدات على مختلف المستويات التشريعية والتشغيلية، وليس هذا فحسب، وإنما يجب أن تتم صياغة خطة عمل تصحيحية وترتيباً للأولويات بما يتوافق مع نتائج التقييم وتحديث الاستراتيجية الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في ضوء تلك النتائج".