هل يستبق الحلبوسي محاولة عزله بتقديم الاستقالة؟

آخر تحديث 2022-09-26 00:00:00 - المصدر: اندبندنت عربية

فاجأ رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي الأوساط السياسية العراقية بإعلان إدراج استقالته على رأس جدول أعمال جلسة البرلمان المقبلة، الأربعاء 28 سبتمبر (أيلول) الحالي، فيما أكد النائب الثاني لرئيس البرلمان،  شاخوان عبدالله (كردي) الأمر، مضيفاً أنه "ليس من المتوقع أن تتم الموافقة دون ذكر الأسباب، وفي حال قبول الطلب سأكلف برئاسة الجلسة لاختيار رئيس ونائب أول (شيعي) لرئاسة البرلمان بعد انتظام عقد جلسته المقبلة".

استقالة استباقية

وفسر مراقبون ذلك بالقول إن "الاستقالة اللافتة لا تفسَر إلا في إطار محاولة الحلبوسي استباق احتمال محاولة عزله عن رئاسة البرلمان بعد فقدان الأغلبية البرلمانية التي كان يتمتع بها إبان وجود جماعة نواب التيار الصدري الـ 73 نائباً الداعمين لتحالفه (الثلاثي) ومع الكرد بأغلبية مريحة عددها 165 نائباً، التي أمست في خبر كان بعد الاستقالة الصادمة للتحالف الثلاثي الذي جمع الحلبوسي (السيادة) ومسعود برزاني (الديمقراطي الكردستاني) والصدر (التيار الصدري)، لكنها بددت أحلامه للاستمرار في سطوته وزعامته على البرلمان، في وقت تغيرت الحال بعد تلك الاستقالة ليكون خصومه في تحالف الإطار التنسيقي بالموقف الراجح برلمانياً بعد صعودهم لمنصة الأغلبية بـ129 نائباً في تحالفهم المناوئ للثلاثي".

استقالة بلا مقدمات

فوجئ المراقبون بعدم إصدار محمد الحلبوسي بياناً توضيحياً يسوغ فيه أسباب استقالته المفاجئة ودوافعها، لكن" اندبندنت عربية"، علمت من مقربين أن "تلك الاستقالة لا تعدو إلا جس نبض الإطار وحلفائه معاً على مدى التمسك بزعامته للبرلمان وترؤسه من الفريق السني الذي لديه حصة رئاسة البرلمان حسب المحاصصة السياسية في البلاد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يؤكد ظافر العاني رئيس الكتلة السنية في البرلمان السابق، في تصريح خاص، "في الغالب هذه الاستقالة ستكون بمثابة تجديد ثقة لرئيس البرلمان، فليس من المتوقع قبولها، لأن الحلبوسي يترأس الكتلة الفائزة الأولى في الانتخابات الأخيرة بعد انسحاب الصدر، والمعروف أن الرئاسة توزع وفقاً لتنوع المكونات الفئوية وهي حصة العرب السنة، وليس هناك من يزاحمه على هذا المنصب داخل المكون، والجلسة المقبلة ستكون اختبارا ًلائتلاف قوة الدولة الذي انبثق أخيراً وتحالف السيادة جزء منه".

مواقف رافضة للاستقالة

وحال إعلان الاستقالة، أصدر "الحزب الديمقراطي الكردستاني" على لسان النائب ماجد شنكالي تصريحاً فسر الاستقالة على أنها "لا تعدو كونها محاولة لتجديد الثقة بالحلبوسي ممن لم يصوتوا له سابقاً، واعتبرها محاولة سياسية ذكية للتجديد له"، مؤكداً، "أن الحزب الديمقراطي الكردستاني سيمتنع عن التصويت على تلك الاستقالة".

وسبق الحلبوسي أن اتخذ قراراً أواخر يوليو (تموز) الماضي، بتعليق عقد جلسات البرلمان، داعياً القيادات السياسة إلى عقد لقاء وطني يضم جميع الكتل السياسية للحوار والخروج من حال الانسداد السياسي الحالي. وفي وقت تعرض البرلمان إلى اقتحام من متظاهري التيار الصدري في أغسطس (آب) الماضي، دعا الحلبوسي رئاسة الوزراء إلى حماية المؤسسات الدستورية ودعا المتظاهرين إلى التمسك بسلمية الاحتجاجات.

في الوقت نفسه، أُحرج الحلبوسي كرئيس منتخب للبرلمان بدعوة الصدر إلى ضرورة حل البرلمان بشكل لافت، لكن المحكمة الاتحادية العليا رفضت المقترح ورمت الكرة في ملعب البرلمان، ودعته إلى اتخاذ قرار في هذا الصدد، مما عقد على الحلبوسي الموازنة بين التوقيتات الدستورية لجلسات البرلمان وانتخاب رئيس للجمهورية ورئيس للحكومة، وبين مطالبات الصدر وخلافه مع "الإطار التنسيقي"، في ظل إصرار الأخير على الدعوة إلى تشكيل حكومة قبل أي انتخابات جديدة.

وتكشف مسيرة الحلبوسي البرلمانية عن قدراته الاستثنائية في المناورة والزعامة، على الرغم من كونه أصغر رئيس برلمان سناً في تاريخ العراق المعاصر (مواليد 1981)، وقدرته القيادية في إدارة المكون الذي يمثله والتوفيق بين المتناقضات السياسية، فقد تمكن من التحالف مع خصمه خميس الخنجر (تكتل عزم)، وأقنع أكبر فصيل شيعي (التيار الصدري) وأكبر كتلة كردية (الحزب الديمقراطي الكردستاني) بالتحالف معه، كل هذه المتغيرات لا تقرب الحل للأزمة السياسية التي تعيشها البلاد في ظل التناحر السياسي والطائفي وسطوة المحاصصة التي يفسرها العراقيون على أنها توزيع للغنائم.