النفط يتراجع القطاع العام يتخم بالموظفين والعاطلون يتزايدون.. ما مصير قطاع العمل في العراق؟

آخر تحديث 2022-10-02 00:00:00 - المصدر: يس عراق

يس عراق: بغداد

يعاود الحديث عن تزايد حجم العاطلين عن العمل وتزايد اعداد الموظفين في العراق، الذي يعيش تهديدًا حقيقيًا وشيكًا يتمثل بانخفاض اسعار النفط الامر الذي سيصعب على الدولة توفير رواتب موظفيها فضلا عن تعيين اي اشخاص اضافيين.

ويصف تقرير صحفي لفرانس برس ان “الرواتب الشهرية المنصفة والاستقرار يجذب العديد من الخريجين العراقيين إلى الوظائف الحكومية لكنّ القطاع العام ينهك مالية الدولة في بلد يعاني من أزمة سياسية والقطاع الخاص فيه لا يلبّي طموحات الشباب”.

ويتحدث التقرير عن ان “الواسطة  فقط هي ما يضمن عملاً لطالبيه، وتلخّص حالة الشاب المشهد الاقتصادي العام في العراق، البلد ذي الـ42 مليون نسمة، وحيث الدولة هي الموظِّف الأوّل فيه”.

ويعتمد العراق الغني بالنفط الذي يشكّل 90% من ايراداته، إلى حد كبير على الوظيفة العامة. ويرى فيها الشباب ملاذاً وسط الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي تمرّ بها البلاد، علماً أن أربعةً من كلّ عشرة شباب ناشطين اقتصادياً، عاطلون عن العمل.

“ممارسات فاسدة”

ويقول التقرير انه رغم رغبة الشباب بها، للوظيفة العامة ثمنٌ يقلق رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، فخلال مؤتمر صحافي الصيف الماضي، قال الكاظمي إن “الحكومات الماضية لم توفر فرص عمل للمواطنين وكانت هناك فوضى في التعيينات في العراق”.

ورأى أن “هذه الزيادة الكبيرة في عدد موظفي الدولة العراقية بطريقة شعبوية عبثية أنهكت الاقتصاد العراقي، ومنذ 2004، أي بعد عام على إسقاط نظام صدام حسين وحتى 2019، بلغت “نسبة الزيادة بموظفي الدولة العراقية 400%” حيث ان القطاع العام “يشكّل ثلثي الموازنة العراقية”.

يجعل ذلك النسيج الاقتصادي هشا في بلد “يوظف فيه القطاع العام 3,3 ملايين شخص، أي نحو 37,9% من السكان الناشطين اقتصادياً، أحد أعلى النسب في العالم”، كما تشرح مها قطّاع، منسقة العراق في منظمة العمل الدولية، وتضيف “هذا ضغط كبير على الحكومة”.

في القطاع العام كما في القطاع الخاص أيضاً، يتمّ التوظيف عادةً بالاتفاق والتنسيق بين أبناء العشيرة الواحدة أو الحزب السياسي الواحد، نظام محاصصة وواسطة أسهم في “ترسيخ استمرار الممارسات الفاسدة التي تدمّر الأسس الأخلاقية والمادية للبلد”، كما كتب وزير المالية السابق علي علاوي في رسالة استقالته من منصبه لمجلس الوزراء.

القطاع الخاص وضعفه

ويرى التقرير انه قد تكون هذه فرصة ملائمة للقطاع الخاص ليبدأ بجذب الشباب، لكن ترى مها قطّاع من منظمة العمل الدولية أنه ينبغي أولاً على الشركات “تحسين ظروف العمل”.

وتضيف “يجب دفع تأمين طبي، ولا بدّ لرواتبها أن تكون على نفس مستوى رواتب القطاع العام. وهذا أكثر تعقيداً، لأنّ في القطاع الخاص، ما يهمّ هو الربح”.

وفي وقت سابق تناول خبراء الاقتصاد والمختصون المؤشرات التي تتحدث عن وجود ملايين العاطلين ومئات الالاف من المختصين بمجالات مختلفة من مهندسين وصيادلة وغيرها من التخصصات، بالرغم من وجود الاموال والمساحات غير المستخدمة الجاهزة لانشاء مشاريع ورفع الناتج المحلي الاجمالي، وهي معادلة توضح بشكل كبير مدى فشل القطاع الاقتصادي في العراق.

يقول الباحث منار العبيدي في تدوينة اطلعت عليها “يس عراق”، إن “نقيب المهندسين في تصريح منسوب اليه يقول ان عدد المهندسين في العراق بلغ اكثر من ٤٠٠ الف مهندس ٣٥٠ الف منهم عاطل عن العمل وان هنالك بحدود ٢٠٠ الف مهندس فائض عن حاجة المجتمع ، وقبلها بايام كان هنالك تصريح من نقيب الصيادلة حول عدد الصيادلة الكبير”.

واضاف: “بالمقابل يملك العراق اكثر من ٥٠ مليار دولار فائض نقدي واكثر من ٦٠٪ من اراضيه غير مستخدمة والاف الاطنان من موارده غير مستغلة “، مبينا ان “ثروة بشرية شابة +اراضي واسعة+ وفرة مالية + موارد طبيعية= بطالة كبيرة+نسبة فقر، وهي معادلة من الصعب فهمها الا اذا وضع عامل “التخريب المتعمد”  في احد اطراف المعادلة وعندها فقط يمكن ان تكون المعادلة صحيحة “.

واشار الى ان “هذا التخريب المتعمد اقوى واكبر من كل العوامل المهمة التي تتمنى الكثير من الدول امتلاكها، هذا التخريب المتعمد لن يتغير الا اذا تبنى المجتمع فكرة البرامج قبل الاعتقادات وفكرة التنمية قبل التعصب “.

واوضح انه “عندما يبحث المجتمع عن الاهداف والبرامج قبل اي شيء اخر عندها فقط سيقل تأثير عامل التخريب المتعمد من المعادلة التي ارهقت تفكير العراقيين ، التخريب المتعمد يتغذى على التشنج والعصبية والتعصب والجهل والخوف من التغيير والاعتقاد بالرموز وضياع البرامج وغياب الخطط والجهل وسيعمل من يتمنى ابقاء المعادلة على حالها على استمرار وتغذية هذه العوامل لابقاء المجتمع مجتمعا جاهلا كسولا استهلاكي وغير قادر على الاستدامة”.

بطالة الخريجين في العراق !!

من جانبه كتب الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي أن “بطالة الخريجين اصبحت كبيرة جدا فهي تطال كل الاختصاصات تقريبا الطبية والهندسية والادارية والزراعية والعلوم الاخرى والسبب في ذلك لا يكمن في ضعف مهارات الخريجين فقط وانما يرتبط بشكل اساسي بعدم وجود عملية اقتصادية حقيقية منتجة للسلع والخدمات وموفرة لفرص العمل”.

واشار الى ان “النمو الاقتصادي في العراق يرتبط بقطاع النفط وهو قطاع كثيف رأس المال وخفيف العمالة اذ انه لايستوعب في العراق سوى ٢٪ من اجمالي قوة العمل في حين انه يسهم باكثر من نصف الناتج المحلي الاجمالي والحل لا يكمن في غلق الجامعات والمعاهد ونشر الامية بين الناس وانما بتنمية الاقتصاد وتنويعه من خلال الاستثمار باشكاله الثلاث الحكومي والخاص الوطني والاستثمار الاجنبي ومن دون ذلك سيواجه العراق ايام عصيبة خاصة وان بطالة الشباب تصل الى ٣٦٪ وان قوة العمل التي تبلغ حاليا اكثر من ١٠ ملايين فرد ستصل الى ١٦ مليون فرد عام ٢٠٣٠”.

شارك هذا الموضوع: