تكتسب الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى الأردن والتقى خلالها الملك عبد الله الثاني أهمية خاصة للطرفين، فهي أولى جولاته الخارجية منذ تسلمه منصبه نهاية الشهر الماضي، كما أنها محاولة أردنية للبناء على ما سبق من تنسيق سياسي واقتصادي مع سلفه مصطفى الكاظمي.
يقول مراقبون إن زيارة السوداني للأردن هي بمثابة رسالة تطمين لعمان، فالقلق الأردني جاء بعد الأنباء التي تحدثت عن نية السوداني مراجعة الاتفاقيات الخارجية التي وقعتها حكومة الكاظمي وهو ما يعني نسف نحو عامين ونصف العام من العمل المشترك بين الأردن والعراق.
وكان لافتاً وعلى غير العادة مشاركة ولي العهد الأردني الأمير الحسين باستقبال رئيس الوزراء العراقي وحضوره المباحثات إلى جانب والده، وهو ما يعني ضمنياً دخوله في معترك الملفات السياسية الخارجية وتولي جانباً من المهمات التي اعتاد الملك عبد الله الثاني على تولي زمامها بنفسه، ففي الشهر الماضي ألقى الأمير الحسين كلمة الأردن في القمة العربية التي انعقدت في الجزائر نيابة عن والده.
استكمال التكامل الثلاثي
وفق ما رشح من معلومات، أكد الملك عبد الله الثاني خلال محادثاته مع رئيس الوزراء العراقي على أهمية مواصلة التعاون الأردني العراقي الثلاثي مع مصر، باعتباره نموذجاً للتكامل في المنطقة، وهو ما سمي اعلامياً بمشروع" الشام الجديد".
ورغم أن السوداني يمثل "الإطار التنسيقي" الذي يضمّ القوى الشيعية المقربة من إيران، الا أن ذلك لم يمنع الأردن من التواصل معه لاستكمال الشراكة والتكامل الاقتصادي الذي بدأه الكاظمي الذي كان مستقلاً ويعتبراً شريكاً قوياً للبلاد.
وكان الأردن قد أبدى قلقاً واهتماماً كبيرين بمحاولة الاغتيال الفاشلة التي طالت رئيس الحكومة العراقية السابق العام الماضي، باعتباره شريكاً سياسياً مهماً، وكونه عراب الاتفاق الذي أفضى إلى تحالف إقليمي وثيق تحت مسمى "الشام الجديد"، فالاتفاقيات التجارية الأخيرة مع بغداد شكلت طوق نجاة للاقتصاد الأردني، تحديداً في ما يخص تصدير الكهرباء والحصول على النفط بأسعار تفضيلية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تجارة بينية واتفاقيات مهمة
يقول مراقبون أردنيون إن عمان حريصة على التوسع بالتجارة البينية مع بغداد المجاورة، خاصة في ظل تداعيات الحرب في أوكرانيا، والتهديد الذي يحدق بالأمن الغذائي.
ويخشى الأردن أن يعيق تباين مواقف القوى السياسية في العراق حيال الأردن والانقسامات بينها، المشاريع الاقتصادية الهامة التي جرى توقيعها. مثل الربط الكهربائي وأنبوب النفط من البصرة إلى العقبة ومشروع أنابيب الغاز وكذلك المشاريع الاقتصادية على الحدود بن البلدين.
ويأمل الأردنيون تفعيل المنطقة الصناعية المشتركة على مساحة ألفي دونم التي أعلن إنشاؤها بين البلدين من خلال زيادة التبادل التجاري والاستفادة من إعفاءات ومزايا اتفاقيات التجارة الحرة بين الجانبين، ويعول الأردنيون على السوق العراقي حيث تبلغ قيمة الاستثمارات العراقية في بلادهم نحو 33 مليار دولار.
الملف الأمني حاضر
إلى جانب الملفات الاقتصادية، كان الملف الأمني حاضراً في المباحثات العراقية الأردنية من حيث تأمين الحدود المشتركة، وهو ما يفسر حضور محافظ الأنبار ضمن الوفد المرافق للسوداني، حيث تشكل الأنبار خاصرة للحدود مع الأردن، وشكلت تهديداً كبيراً خلال سيطرة تنظيم "داعش" على مساحات واسعة قبل سنوات.
من المفترض أن يبحث رئيس الوزراء العراقي مع الجانب الأردني، مطالب أمنية كاسترداد المطلوبين وملف الأموال العراقية المهربة، إذ تتحدث بغداد عن وجود رؤوس أموال عراقية غير شرعية في عمان.
ورفض الأردن طوال سنوات مضت الاستجابة لمطالب عراقية سابقة بتسليم رغد صدام حسين ابنة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، والتي تقيم في الأردن منذ عام 2003.