العراق: أزمة معيشية وخسائر بالمليارات في دهوك بسبب العمال الكردستاني

آخر تحديث 2022-11-22 00:00:00 - المصدر: العربي الجديد

تدهور العديد من القطاعات الاقتصادية في إقليم كردستان بسبب الاضطرابات (Getty)

لم يعد وجود عناصر حزب العمال الكردستاني في مناطق إقليم كردستان (شمال العراق) يؤثر على الأوضاع الأمنية فحسب، بل زاد تأثيره على الأوضاع الاقتصادية وحياة المواطنين والمزارعين، بخاصة في محافظة دهوك، التي تعد المعقل الرئيسي لعناصر الحزب.
وينتشر مسلحو حزب العمال الكردستاني في مناطق العمادية وكاني ماسي وزاخو وسيدكان وسوران وحفتانين وقنديل ومتين، وأجزاء أخرى من ناحية الزاب في محافظة دهوك، منذ سنوات ليست بالقليلة.

ويعد وجود عناصر حزب العمال في دهوك، عاملاً رئيسياً لمنع التقدم الاقتصادي وتراجع الإنتاج الزراعي، في المحافظة الواقعة على الحدود مع تركيا والتي تعتبر سلة إقليم كردستان الغذائية.
وتشتهر محافظة دهوك بزراعة أنواع مختلفة، أبرزها التين والعنب، والأرز، وأنواع أخرى من الفواكه والخضار، وحتى سنوات قريبة كانت تحتل المراكز الأولى في الزراعة على مستوى إقليم كردستان والعراق.

لكنّ في ظل انتشار عناصر حزب العمال الكردستاني في مناطق وقرى دهوك، تراجع الإنتاج الزراعي لمستويات متدنية، بعد الهجرة الجماعية لسكان مئات القرى من مناطق مختلفة في المحافظة، بعد تحويل تلك المناطق لثكنات عسكرية.

الخسائر بالأرقام
يقول مدير بلدة كاني ماسي في محافظة دهوك، سربست صبري، إنّ أكثر من 20 ألف دونم زراعي احترقت في قرى الناحية والمناطق الحدودية مع تركيا.

وأوضح في حديثه لـ "العربي الجديد" أنّ "الحرائق طاولت أراضي قرى كيسته، إيكمالي، هيسي، ميركا، جيا، خرابي، آسهي، هروري". وأضاف أنّ "الحرائق هي جراء حصاد عمليات حزب العمال خلال عامين فقط، والخسائر المادية تقدر بحوالي 8 مليارات دينار (الدولار = نحو 1460 ديناراً)، وإخلاء أكثر من 200 قرية في عموم محافظة دهوك".
وتسبب وجود عناصر حزب العمال الكردستاني في وضع المزيد من القرى في دائرة الخطر مع إلحاق أضرار يومية بممتلكات السكان المحليين، وبمزارعهم، وحقولهم الزراعية، وماشيتهم.

ولا يزال حزب العمال يستولي على مئات القرى الحدودية الصغيرة والمتوسطة في الإقليم، وحوّل كثيراً منها إلى معاقل ومنطلقات لشن هجماته المسلحة على منشآت حكومية في كردستان، ومهاجمة المدن التركية أيضاً.
ويقول سكان ومسؤولون إنّ المعارك الأخيرة التي تشهدها محافظة دهوك، أدت إلى إخلاء 17 قرية جديدة في بلدة دركار التابعة لمدينة زاخو، منها 11 قرىة تقطنها أغلبية مسيحية.

ويؤكد مسؤول في حكومة إقليم كردستان أنّ تواجد حزب العمال الكردستاني في المناطق الحدودية بالإقليم، ألحق أضراراً كبيرة بسكان محافظة دهوك.

ويضيف المسؤول الحكومي، الذي رفض نشر اسمه، في حديثه لـ "العربي الجديد" أنّ "تواجد حزب العمال الكردستاني في محافظة دهوك، أدى لخسائر في القطاعات الصناعية والزراعية والسياحية، إذ تقدر خسائر المحافظة فقط في عام 2022، بحوالي 30 مليار دينار".

وأشار إلى أنّ "أكثر من 400 قرية زراعية في عموم محافظة دهوك منذ سنوات هجرها سكانها في مناطق مختلفة المحافظة، كانت تعد المورد الرئيسي، للحنطة والشعير، والفواكه والخضار، والأرز، لمختلف مدن العراق".

وتابع المسؤول أن "عشرات المصانع في زاخو والعمادية توقف إنتاجها، بسبب العمليات العسكرية، وتواجد عناصر حزب العمال في تلك المناطق، وتقدر خسائر القطاع الصناعي بأكثر من ثلاثة مليارات دينار سنوياً".
وحسب وسائل إعلام كردية، فإن تواجد عناصر حزب العمال في دهوك أدى إلى توقف مشروعي مد طريق رئيسي جديد وخط للكهرباء ناحية قرية شيلادزي التابعة لقضاء العمادية (70 كلم شمال محافظة دهوك).

كما أنّه وبحسب تلك الوسائل، فإن 40 قرية زراعية في ناحية شيلادزي هجر سكانها خلال الفترة الممتدة من شهر آب/ أغطس وحتى تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي، بسبب القتال الدائر بين عناصر حزب العمال والجيش التركي.

فرض الإتاوات
يؤكد شهود عيان من دهوك، من بينهم خليل المزوري، من إحدى قرى قضاء العمادية (المحافظة مقسمة إلى أقضية) أنّ عناصر حزب العمال الكردستاني تسببوا بخسائر زراعية كبيرة.

ويلفت في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "محصول دهوك سنوياً من الحنطة (القمح) يتجاوز نصف مليون طن، ومثله من الشعير، كما أنّ أكثر من 50 ألف طن من محاصيل التين والتفاح، وهذه أغلبها تراجعت بنسب مخيفة".

ويشير إلى أنّ "عناصر حزب العمال يفرضون الإتاوات والضرائب على المزارعين، ويطالبون بأموال كبيرة، مقابل السماح لهم بممارسة مهنة الزراعة، في قرى مختلفة من دهوك".

ويوضح أنه "بالإضافة للمخاطر الأمنية، فإن مبالغ الإتاوات العالية التي يفرضها عناصر حزب العمال، أدت لهجرة الفلاحين من قراهم، والتوجه لمراكز المدن، ما أدى لتراجع معدلات الزراعة، وحلت دهوك بالمرتبة الثالثة في محافظات إقليم كردستان".

وأعلنت مديرية سياحة محافظة دهوك في إقليم كردستان العراق تراجع أعداد السياح في المحافظة، عازية السبب إلى وجود مسلحي العمال الكردستاني وما يتسببون به من معارك وقصف من قبل الجانب التركي، وسط مطالبات بإخراج عناصر الحزب من البلاد لمنع الأضرار التي يتسببون بها.

وتنفذ تركيا عمليات عسكرية متتابعة في شمال العراق، يشارك فيها سلاح الجو ووحدات برية خاصة، تشمل قرى ومناطق عراقية حدودية ضمن إقليم كردستان، وخاصة في دهوك المرتبطة حدوديا مع تركيا، تستهدف مواقع ومخابئ لمسلحي حزب العمال.

وتعرض منتجع برخ في بلدة زاخو بمحافظة دهوك، منتصف يوليو/ تموز الماضي، إلى قصف أدى إلى سقوط نحو 40 قتيلاً وجريحاً، الأمر الذي انعكس سلباً على السياحة بالمحافظة.

يؤكد شهود عيان من دهوك، من بينهم خليل المزوري، من إحدى قرى قضاء العمادية أنّ عناصر حزب العمال الكردستاني تسببوا بخسائر زراعية كبيرة

وقال المدير العام لسياحة دهوك خيري علي، في مؤتمر صحافي في وقت سابق إنّ "نسبة السائحين في دهوك تراجعت أخيراً لأكثر من 8 بالمائة عما كانت عليه سابقاً"، لافتاً إلى أنّ "وجود العمال الكردستاني والعمليات العسكرية التي تنفذها تركيا ضده، عوامل تسببت بتراجع السياحة بالمحافظة".

وكان قائمقام قضاء العمادية في محافظة دهوك وارشين سلمان قد أكد تضرر قطاعي الزراعة والسياحة بشكل كبير وتهجير عدّة قرى من القضاء بسبب تواجد حزب العمال الكردستاني المناوئ لتركيا.

كما أوضح أنّ 62‎% من مساحة قضاء العمادية مهجورة بسبب عناصر حزب العمال الكردستاني، فيما وجه دعوته لحكومة الإقليم بالعمل على إخراج عناصر حزب العمال من أراضي كردستان كون تواجده غير قانوني.