تواصل تركيا انتهاك السيادة العراقية بحجة وجود معارضة لها في حدود الجانب العراقي على رغم الاستنكار المحلي والإقليمي والدولي للقصف التركي الذي أدى إلى وقوع قتلى ومصابين غالبيتهم العظمى من المدنيين، بينما يرى مراقبون أن ضعف الدولة العراقية السبب الرئيس في تمادي الأتراك.
وفي وقت سابق نفت وزارة الخارجية العراقية وجود أي اتفاق مع تركيا أو أساس قانوني يتيح لها التوغل في العراق. وقال المتحدث باسم الوزارة أحمد الصحاف في تصريح صحافي إن "وزير الخارجية حضر استضافة بمجلس النواب في شأن القصفين التركي والإيراني وتم طرح مجموعة من الأسئلة على الحاضرين تتمحور حول إجراءات الوزارة رداً على الانتهاكات المستمرة من جيران العراق".
وذكر أن "وزير الخارجية عرض ملف وجود حزب العمال الكردستاني منذ عام 1984، وأكد أن ما يشاع عن وجود اتفاقية تسمح لتركيا بالتوغل شمال العراق غير صحيح وهناك فقط محضر اجتماع بين بغداد وأنقرة قبل عام 2003 يسمح للأخيرة بالتوغل لعمق 5 كم فقط ولأيام محدودة بالتنسيق مع الحكومة العراقية".
وتابع أن "الجانب التركي ينفذ انتهاكات مستمرة غير مبنية على أي أساس قانوني أو اتفاق بين البلدين وهم يتذرعون بالمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة للدفاع عن النفس وهي لا يمكن تطبيقها دون وجود موافقة عراقية رسمية". وأكد أن "العراق بحث جميع هذه الخروقات مع تركيا وقيادة الوزارة طرحت باجتماع في البرلمان مقاربات تسمح للعراق بالتحرك دبلوماسياً، وفي عام 2009 أصدر مجلس النواب العراقي قراراً ألغى بموجبه أي صيغة تتيح للجانب التركي الدخول لأراضينا".
وأشار إلى أن "الاجتماع ناقش كذلك هل أن من المصلحة أن يرد العراق عبر القوة الخشنة ممثلة بالسلاح الأمني والعسكري وكيف يمكن الرد كذلك سياسياً واقتصادياً، والأمر حالياً بحاجة إلى موقف سياسي".
محدودة التحرك
إلى ذلك، شدد الباحث السياسي علي البيدر، على أن الاتفاقية الموقعة مع تركيا هي اتفاقية محدودة التحرك، وكذلك توقيتها انتهى، موضحاً أن النظام الحالي في البلاد غير ملزم جميع اتفاقات النظام السابق، خصوصاً تلك المتعلقة بالسيادة.
وذكر البيدر أن "أنقرة استثمرت واقع البلاد السيئ والفوضى التي تعيشها لذلك تحركت، ويفترض بالعراق استخدام الجانب الاقتصادي كأسلوب ردع للجانب التركي عبر منع استيراد أي بضاعة لحين ضبط سلوكها في شأن تحركاتها العسكرية أو أن يفعل الاتفاقية مع الجانب الأميركي التي تضمن للعراق الحماية من أي اعتداء خارجي، حيث تمثل تحركات تركيا على الأرض العراقي عدواناً واضحاً وصريحاً ضد سيادة العراق".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف البيدر، "يتوجب على العراق منع أي سلوك عسكري لحزب العمال الكردستاني من أجل إنهاء مبررات تركيا في التدخل بالشأن المحلي العراقي عسكرياً، لكن العراق لا يستطيع فعل ذلك على ما يبدو كون هذا الحزب مدعوماً إقليمياً".
ويرى الباحث السياسي أن ضعف القرار المحلي في البلاد وتشتته عزز التدخلات الخارجية التركية والإيرانية، قائلاً، "لا نمتلك رجال دولة حقيقيين يعتبرون السيادة العراقية خطاً أحمر وما يحصل من مواقف إزاء التدخلات الخارجية تأتي نتيجة تعارضها مع مصالح ونفوذ أحزاب السلطة لا أكثر".
وتابع، "الشعب العراقي وحده يدفع ثمن انتهاك السيادة نتيجة تضرره المباشر من تلك التدخلات وتوقف مصالحه الخاصة".
تنفيذ أجندة
إلى ذلك، يعتقد الباحث العراقي صالح لفتة، بأن "الجانب التركي يتذرع بحجج مختلفة، وسواء صدقها الرأي العام العالمي أو لم يصدقها فهو ينفذ أجندته، وتلك الذرائع بوجود اتفاقيات ومعاهدات لذر الرماد في العيون والظهور بمظهر المحترم للقرارات الدولية والقانون الدولي وسيادة الدول، ولن تنفع تلك الاتفاقات حتى في حال وجودها من إثنائه عن التعدي على شمال العراق".
وتساءل لفتة، "أي معاهدة تلك التي تسمح له بقصف المدنيين الأبرياء بحجة مكافحة عناصر حزب العمال الكردستاني؟ وهل منعته اتفاقية أضنة مع الجانب السوري من استخدام الأراضي التركية لدخول العناصر الإرهابية إلى الأراضي السورية ودعم ما يعرف بالثورة السورية؟".
ونوه بأن تركيا تعاني أزمة اقتصادية كبيرة وانخفاضاً لعملتها مقابل الدولار، ومقبلة على انتخابات رئاسية مهمة تشير فيها استطلاعات الرأي إلى تراجع شعبية الرئيس أردوغان وارتفاع حظوظ منافسيه، لذلك تحاول مغازلة الجماهير التركية، خصوصاً القوميين للوقوف مع أردوغان في الانتخابات القادمة وإظهار تركيا أنها تتعرض لأخطار كبيرة يحاول الرئيس الحالي مكافحتها والقضاء عليها.
وبحسب لفتة، "لا تخفي تركيا أحقيتها في بعض الأراضي العراقية التي ترى أنها استقطعت منها في فترة من الفترات وتحاول استرجاعها بشتى الطرق وما يجري من هجمات في سياق ذلك".