إيران تتمدد في العراق فماذا تفعل أميركا؟

آخر تحديث 2022-12-12 00:00:00 - المصدر: اندبندنت عربية

على رغم هيمنة أحزاب موالية لإيران على البرلمان العراقي ووجود حكومة اختارتها هذه الأغلبية، تواصل طهران تعزيز قبضتها على بغداد. وفيما يشكل ذلك، بحسب متابعين، مساحة توتر مع الولايات المتحدة، دعا رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ومسؤولون إيرانيون خلال زيارته إلى طهران أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) إلى زيادة التعاون بين البلدين في جميع المجالات.

ورحب السوداني بتزويد إيران العراق بثلث احتياجاته من الغاز والكهرباء، قائلاً إن هذا الإمداد سيستمر إلى أن تتمكن بلاده من إنتاج الغاز الذي تحتاج إليه لتشغيل محطات الكهرباء.

"الحشد الشعبي" و"الإطار التنسيقي"

ويتجلى النفوذ الإيراني خصوصاً في الروابط الوثيقة التي تجمع طهران مع "الحشد الشعبي" تحالف فصائل شيعية مسلحة ضمت إلى القوات الرسمية بعد الحرب ضد تنظيم "داعش" وبات لها دور سياسي أساسي.

ويملك تحالف الإطار التنسيقي الذي يمثل تلك القوى، 138 نائباً في البرلمان العراقي من أصل 329، ليكون بذلك القوة الأكبر فيه. ويضم التحالف العديد من الفصائل الموالية لإيران، وكذلك كتلة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.

ضرورة إيرانية

يتوقع إحسان الشمري، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، أن "يكون الدور الإيراني أكبر بكثير مما كان عليه خلال الحكومات السابقة على اعتبار أن هناك ضرورة إيرانية ملحة باستمرار العراق كدولة تابعة" لها.

يضيف الشمري أن بغداد، التي شكلت المستورد الأول للبضائع الإيرانية بين مارس (آذار) 2021 ومارس 2022، هي بمثابة "رئة اقتصادية" لإيران.

ويعتقد أن حاجة إيران للعراق تزداد "وسط اشتداد العقوبات الغربية" عليها، "خصوصاً أن المباحثات مع الغرب لا تؤشر إلى أن يكون هناك اتفاق لمصلحة إيران" في الملف النووي.

موقف صعب

بعد الغزو الأميركي الذي أطاح بنظام صدام حسين في 2003، نما النفوذ الإيراني في العراق بشكل تدريجي، لا سيما بفضل الروابط مع القيادات الشيعية التي تدير الآن الحياة السياسية العراقية.

وتجد هذه الطبقة السياسية نفسها في موقف صعب عندما تقصف طهران إقليم كردستان، مستهدفةً المعارضة الكردية الإيرانية التي تتهمها بأنها المحرك للتظاهرات التي اندلعت إثر وفاة مهسا أميني.

ويرى الشمري أن إيران "تبحث عن مساحة هشة لتصدير أزمتها الداخلية لأنها لا تجرؤ" على فعل ذلك ضد دولة أخرى.

تركيا والاقتصاد العراقي

يعتبر الباحث فابريس بالانش من "جامعة لوميير ليون 2" الفرنسية أن "العراق بلد تتنازع على النفوذ فيه الولايات المتحدة وإيران، وتأتي تركيا في المرتبة الثالثة وتمارس نفوذاً اقتصادياً مهماً ونفوذاً عسكرياً في الشمال".

يضيف "مع وجود شخصية موالية لإيران على رأس الدولة، ستكون إيران قادرة على الاستفادة بشكل أفضل من الاقتصاد العراقي"، مذكراً بأن السوداني أمضى "الجزء الأكبر من مهنته السياسية في ظل نوري المالكي" المقرب من طهران.

شركة "المهندس"

أواخر نوفمبر، وافقت الحكومة العراقية على إنشاء شركة عامة برأس مال يقارب 68 مليون دولاراً، ترتبط بهيئة "الحشد الشعبي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأطلق على الشركة اسم "المهندس" تكريماً لأبي مهدي المهندس، نائب رئيس "الحشد الشعبي" الذي قتل في يناير (كانون الثاني) 2020 مع اللواء الإيراني قاسم سليماني على طريق مطار بغداد بضربة طائرة مسيرة أميركية.

وفي بلد غني بالنفط مزقته عقود من الصراع، ستكون مهمة الشركة "إعادة تأهيل المحافظات، من بنى تحتية وسكن ومستشفيات ومصانع ومزارع وكثير من الأمور التي يحتاج إليها البلد بإشراف مباشر من هيئة الحشد الشعبي"، كما أكد مسؤول إعلامي في "الحشد الشعبي".

"خطأ" و"ظلم"

اعتبر وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين خلال مشاركته في حوار المنامة في نوفمبر أنه من "الخطأ" و"الظلم" اعتبار "حكومته مرتبطة بالحكومة الإيرانية".

وأشار حسين إلى أن "هناك أحزاباً عدة ممثلة في الحكومة وأحزاباً في البرلمان تدعم هذه الحكومة"، مذكراً بمشاركة الأحزاب الكردية والسنية والشيعية. وأضاف أن هذه الحكومة تعكس "توازناً واضحاً" على المستويين "الداخلي والخارجي".

حيز سياسي

مع ذلك، يبدو أن الأحزاب الموالية لإيران باتت تتمتع بحيز سياسي أوسع من أي وقت مضى بعد صيف مضطرب تخللته تظاهرات واعتصامات لخصمهم الذي لا يمكن التنبؤ بأفعاله، رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر.

ولا يزال الأخير بعيداً من الأضواء منذ الاشتباكات الدامية التي وقعت في 29 أغسطس (آب) بين أنصاره والجيش و"الحشد الشعبي"، بعد نزاع انطلقت شرارته مع رفض الصدر تعيين السوداني رئيساً للوزراء.

ويرى فابريس بالانش أن ما حصل "كان درساً" للصدر، مضيفاً أن "المعارضة شبه غائبة".

ماذا تفعل واشنطن؟

في مقابل النفوذ الإيراني ما زالت قوات أميركية متمركزة في العراق كجزء من التحالف الدولي.

ويرى بالانش أن "النفوذ الأميركي في العراق لا يزال قائماً من خلال تهديد احتمال فرض عقوبات مالية"، في إشارة إلى الرقابة على التحويلات المالية والنظام المصرفي العراقي بهدف التأكد من عدم استخدامه من قبل إيران للالتفاف على العقوبات.

ويضيف أن "الولايات المتحدة تبقى في العراق لأنها لا تريد أن تترك البلد لإيران، ولأنها تريد حصر المواجهة داخل العراق".