للمرة الثانية خلال أربعة أشهر يجري الأسطول الأميركي الخامس مناورات بحرية مشتركة مع البحرية العراقية والكويتية في الخليج العربي، بهدف تعزيز الأمن البحري الإقليمي، كما ذكر بيان أميركي.
وأجرت الدول الثلاث دورية مماثلة وسط الخليج في الـ 25 من أغسطس (آب) الماضي، ونفذت المناورات بعد أكثر من شهر ونصف الشهر من تسلم حكومة محمد شياع السوداني إدارة البلاد، والمعروف بأنها تابعة للإطار التنسيقي الذي يتكون من معظم الأحزاب والفصائل المسلحة الحليفة لإيران.
تدريبات المناورة
وذكر بيان للأسطول الخامس الأميركي أن "سفناً من البحرية الأميركية عملت مع سفن من البحرية العراقية وقوات خفر السواحل الكويتية، ونفذت تدريبات على المناورة والأمن البحري".
وقال قائد القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية والأسطول الخامس والقوات البحرية المشتركة الأدميرال براد كوبر، إن "الشراكات أساس الأمن والاستقرار البحري في الشرق الأوسط، وإن تعاوننا المستمر يشير إلى التزامنا الجماعي بحماية المياه الإقليمية".
التمرين المشترك للقوات البحرية العراقية (وزارة الدفاع العراقية)
رسالة إلى إيران
ويرى مدير مركز الجمهورية للدراسات الاستراتيجية معتز عبدالحميد أن المناورات المشتركة هي رسالة إلى إيران، فيما دعا إلى بناء قوة بحرية عراقية مجهزة بقطع بحرية حديثة.
وقال عبدالحميد إن "هذه المناورات رسالة إلى إيران رداً على استفزاز الزوارق الإيرانية للأسطول الأميركي في الخليج"، مبيناً أن "المناورات تمثل استعراض قوة أكثر من التدريب العسكري، وبمثابة إثبات لإيران بأن العراق ضمن المنظومة الأمنية لدول الخليج العربي، وبطبيعة الحال من أجل تدريب عناصره لحماية الممرات المائية هناك".
البحرية ضعيفة
وأضاف، "العراق لا يملك سلاحاً بحرياً في الوقت الحاضر، وزوارقنا قديمة ولم تستحدث زوارق حديثة، ولم يطلب العراق قطعاً بحرية عسكرية أو زيادة قدرات القوات البحرية"، مشيراً إلى أن القطع الموجودة هي قطع بحرية لم تدمر في حرب الخليج الثانية، وتستخدم من قبل خفر السواحل لمنع التهريب على الشواطئ والموانئ العراقية.
الإمكانات مفقودة
وأوضح أن العراق لا يملك بوارجاً أو زوارق حربية حتى يتمكن من إجراء مناورات كبيرة، وأن قدراته لا ترتقي إلى المستوى المتوسط من الإمكانات، لافتاً إلى أن العراق "كان يمتلك قاعدة كبيرة جداً وهي قاعدة البكر، وهذه القاعدة انضمت إلى الأراضي الكويتية بعد ترسيم الحدود، وبقيت بعض القواعد البسيطة في موانئ الفاو".
وتابع أن العراق كان يمتلك سابقاً وقبل عام 2003 استراتيجية لإنشاء قواعد عسكرية وقوة بحرية، وتم إنشاء معامل لتصليح الزوارق البحرية وإدامتها، كما تم إبرام عقد مع إيطاليا لتزويد العراق بزوارق وبوارج بحرية، والجانب الإيطالي تسلم المبلغ بالكامل ووزير الدفاع السابق زار إيطاليا وطالب الجانب الإيطالي بتنفيذ المشروع وتجهيز العراق بهذه الزوارق التي دفعت ثمنها السلطة السابقة، مبيناً أنه كانت هناك خطط لدى العراق لاقتناء غواصات.
قواعد بحرية
وشدد عبدالحميد على ضرورة أن تكون للعراق قواعد بحرية مشابهة للقواعد البحرية في الخليج، مبيناً أن العراق يعتزم إنشاء ميناء الفاو ولديه موانئ لتصدير النفط، وهو ما يتطلب حماية ممراته البحرية على الخليج العربي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتتضمن الخطة المستقبلية لزيادة صادرات النفط العراقي محاور عدة، أهمها بحسب وزارة النفط العراقية زيادة منافذ التصدير وإنشاء 24 خزاناً بطاقة 58 ألف متر مكعب للخزان الواحد، وتنفيذ مشروع الأنبوب البحري من مستودع الفاو المطل على الساحل العراقي إلى موانئ الصادرات النفطية.
ودعا عبدالحميد إلى الاستفادة من الخبرات البحرية الأميركية التي تمتلك أسطولاً كبيراً في الخليج العربي.
التعاون الاستراتيجي
فيما يرى مدير مركز العراق للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل أن هذه المناورات تدخل في إطار توثيق التعاون الاستراتيجي العسكري للبلدان الثلاثة، مبيناً أن تلك المناورات سترفع قدرات القوات البحرية العراقية.
وقال فيصل إن "هذه المناورات رسالة مهمة بأن العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية ووزارتي الدفاع في العراق والكويت استراتيجية وثيقة، في إطار ضمان المصالح المتبادلة وضمان الأمن الإقليمي في الخليج العربي والشرق الأوسط"، مبيناً أن "هذه المناورات تعني أن اتفاق التحالف الاستراتيجي والشراكة الاقتصادية والسياسية والعلمية والثقافية بين العراق وواشنطن لا تزال فاعلة وتلعب دوراً أساسياً في تمتين العلاقات المتعددة على المستويات كافة".
رسالة لحلفاء إيران
وتابع أن المناورات هي رسالة مهمة لحلفاء إيران في العملية السياسية ولإيران، مفادها أن الولايات المتحدة الأميركية لا تزال على تعهداتها بحماية المصالح الاقتصادية ومواجهة التحديات المختلفة التي تواجه العراق، مشيراً إلى أنها أيضاً تمثل رسالة إلى إيران بأن واشنطن لن تتخلى عن العراق كحليف استراتيجي وبلد يشكل مجالاً محورياً جيوسياسياً للأمن الإقليمي في الشرق الأوسط والخليج العربي والمصالح الحيوية الاستراتيجية لواشنطن.
تطوير البحرية العراقية
وأكد أن المناورات تشكل عاملاً مهماً لرفع كفاءة القوة البحرية العراقية بالتعاون مع البحرية الأميركية التي تعتبر الأولى في العالم وفي مختلف فضاءات البحار، وتمتلك قدرات تسليحية عالية المستوى، لافتاً إلى أن التعامل مع القوة البحرية العراقية المتواضعة بإمكاناتها سيرفع كفاءة ضباط البحرية العراقية والجنود والطواقم المختلفة في التنسيق.
وأضاف أن العمل المشترك مع الأسطول الخامس والأسطول الخاص في دولة الكويت المتقدم والمتطور، سيرفع قدرة البحرية العراقية للتنسيق وضرب أهداف محددة، معتبراً أن هذه الخطوة تؤكد عمق العلاقات الاستراتيجية بين العراق والكويت والولايات المتحدة في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط.