يستعد العراقيون للاحتفال بأعياد الميلاد ورأس السنة التي تعد مناسبة لتوحيدهم على الرغم من العوائق والقيود الاقتصادية، إذ لم تعكر الأزمات التي تشهدها البلاد من طقوس الاحتفالات وعمت أشجار الميلاد و"بابا نويل" الأسواق المركزية والمحال التجارية.
يأتي ذلك بالتزامن مع كشف القوات الأمنية عن إكمال الاستعدادات الخاصة بخطة تأمين العاصمة في هذه الفترة. وكانت السلطات العراقية قررت أخيراً اعتبار الـ25 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي عطلة رسمية في البلاد، لمناسبة عيد الميلاد، كما قررت الحكومة أن يكون يوم الـ26 من الشهر نفسه عطلة رسمية لأبناء المكون المسيحي في العراق.
خطط أمنية
وذكر المتحدث باسم قيادة العمليات تحسين الخفاجي في تصريح صحافي، أن "خطة تم إعدادها بخاصة من قبل قيادة العمليات المشتركة لأعياد رأس السنة الميلادية". وقال الخفاجي إن "هذه الخطة تكون استباقية قبيل وأثناء وبعد الأعياد". وأشار إلى أن "ما سنعمل عليه هو استمرار تفعيل الجهد الاستخباري والأمني وتنفيذ واجبات ملاحقة ومطاردة عصابات تنظيم داعش الإرهابية". وتابع الخفاجي أن هناك "خطة متابعة وملاحقة وتحديد المعلومات الاستخباراتية والأمنية التي تهم حفظ الأمن، وتستمر الخطة حتى انتهاء الأعياد".
في المقابل، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية خالد المحنا، في تصريح صحافي، إن "وزارة الداخلية اتخذت إجراءات عدة، ومنها التقليدية في كل سنة، لتأمين الأجواء وتوفير الحمايات للمواطنين". أضاف أن "مفارز شرطة النجدة ومنها الشرطة المجتمعية ستقوم بتكثيف دورياتها في ما يتعلق بالتحرش والأماكن التي تحصل فيها أعمال منافية للأخلاق والآداب العامة"، ولفت إلى أن "فرق الشرطة المجتمعية أكملت خططها الخاصة بمتابعة احتفالات الأعياد". وختم بأن "الفرق أعدت برامج توعوية خاصة تنشر خلال الاحتفالات، فضلاً عن متابعة عناصر الشرطة المجتمعية العمل الميداني، أما الخطط الأمنية فهي تقع على عاتق قيادة عمليات بغداد".
شعب محب للحياة
بدوره، قال الباحث السياسي صالح لفتة "مما لا شك فيه أن الأوضاع الاقتصادية لها أثر كبير في زمن الأعياد، لكن العراقيين شعب محب للحياة ولن تكسرهم الأزمات وتوقفهم المعضلات، فالعراق منذ عقود يشهد أزمات متلاحقة أمنية وسياسية واقتصادية وحروباً المواطن هو المتضرر الأكبر منها، وعلى رغم ذلك فلن تمنعه هذه الأزمات من الاحتفال بالأعياد والتنزه في الحدائق العامة وإجراء الزيارات وتلقي التهاني والخروج إلى الأسواق للتبضع".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع لفتة "يتفاءل العراقي بالعام المقبل مثل نهاية كل سنة، وزاد من التفاؤل تشكيل حكومة جديدة يأمل معظم العراقيين أن تسهم بحل مشكلات البلاد وبالتحديد الأزمة الاقتصادية التي ليست بجديدة، وهناك عوامل كثيرة أسهمت بتعميقها ولا سيما الفساد والأموال الطائلة التي ذهبت نهباً في جيوب الفاسدين والتدمير المتعمد للاقتصاد بواسطة المنظمات الإرهابية أو الجهل والتخبط والمزاجية في وضع خطط للنهوض بالاقتصاد العراقي". وقال إن انخفاض سعر الدينار العراقي أمام الدولار الأميركي ترك أثره الكبير في فئات عديدة من العراقيين خصوصاً أصحاب الدخل المحدود مثل الموظفين والفقراء الذين يعتمدون على الإعانات الحكومية، إذ إن العراق يستورد معظم احتياجاته من مواد غذائية وسلع استهلاكية من الخارج أي بالدولار.
أضاف الباحث السياسي "في ما مضى، كانت هناك مبررات لتدهور الأوضاع الاقتصادية تتحجج بها الحكومات السابقة. ويرى معظم العراقيين أن تلك المعوقات قد زالت، لذلك بات لزاماً أن يكون ملف الاقتصاد في مقدم أولويات الحكومة العراقية".
العامل الاقتصادي
وفي سياق متصل، قال الباحث الاقتصادي بسام رعد "يعتبر العامل الاقتصادي من أهم العوامل المؤثرة في حياة الأسرة وهو مؤشر إلى مستوى معيشتها، فمستوى الدخل ومصادره وإمكان الحصول على السلع عوامل أساسية في إحداث التغيرات الاجتماعية في الأسرة، بالتالي في المجتمع".
وتأتي احتفالات أعياد العام الجديد في ظل ظروف اقتصادية صعبة تمر بها البلاد، حيث انخفضت القدرة الشرائية للمواطن كنتيجة عن تخفيض قيمة الدينار العراقي بنحو 23 في المئة إضافة إلى عدم استقرار سعر صرف الدينار في السوق الموازية، كما ارتفعت مؤشرات التضخم وأسعار السلع والخدمات نتيجة الظروف العالمية الحالية. وتأثرت الأسر بشكل كبير على الصعيد الاقتصادي وتراجع مستوى الدخل وانقطعت سبل المعيشة وارتفعت معدلات البطالة والفقر كما تراجعت المستويات الصحية والتعليمية للأسرة العراقية، بحسب رعد الذي أقر بأن المواطنين لم يتهيأوا للعيد، هذا العام، كما جرت العادة في الأعوام الماضية، حيث إن الظروف الاقتصادية أدت إلى تعديل أولويات الأسر، وأجبرت عائلات الطبقة الوسطى والفقيرة على الاستعداد بالحد الأدنى للعيد ومتطلباته.
وتشهد العاصمة بغداد والمحافظات الأخرى احتفالات في الشوارع والساحات العامة والمطاعم يتخللها إطلاق الألعاب النارية احتفالاً بالأعياد وقدوم عام جديد.
الترفيه
والأزمات الاقتصادية لا تعكر مزاج العراقيين في الاستعداد والاحتفال بالسنة الجديدة. ويقول الباحث السياسي والاقتصادي نبيل جبار العلي إنه على الرغم من تسليط الأضواء دائماً على نسب الفقر والبطالة المرتفعة في العراق، فإن فئات عديدة من الشعب العراقي ما زالت تتمتع بدخول متوسطة ومرتفعة، فالدولة توظف ما يقارب من أربعة ملايين عراقي بما يعادل 37 في المئة من القوى العاملة النشطة، وتمنح مرتبات لأربعة ملايين متقاعد "فما زال لهذه المرتبات الأثر الكبير في تحريك العجلة الاقتصادية وتغذية مداخيل فئات عدة في المجتمع العراقي". وقال "لذلك، ما زال بإمكان كثيرين الإنفاق مستثمرين المناسبات المختلفة لإقامة الاحتفالات أو التوجه للسفر في الداخل والخارج واستثمار تلك المناسبات السنوية ومنها مناسبة أعياد رأس السنة للترفيه والاستمتاع".