قال قيادي في البشمركة إن القوات التركية ما زالت تحتفظ بمواقع استراتيجية (الأناضول)
بدأت القوات التركية الانسحاب من مواقع في مرتفعات (كلي رش) و(خليفان) ضمن منطقة برادوست، الواقعة شمال أربيل والمحاذية للحدود الدولية العراقية التركية، منذ يوم 19 يناير/كانون الثاني الحالي، بحسب ما قالت محطة تلفزيون (رووداو) العراقية، المقربة من حكومة إقليم كردستان شمالي البلاد، اليوم الاثنين.
وكانت هذه الوحدات العسكرية التركية قد استقرت في هذه المناطق منذ مارس/آذار عام 2017 لمكافحة مسلحي حزب العمال الكردستاني، الذي كان يتخذ منها منطلقا لتنفيذ اعتداءات متكررة داخل الأراضي التركية.
ونقلت المحطة عن مواطنين محليين في المنطقة إلى جانب مسؤول أمني في قوات البشمركة، تأكيده انسحاب وحدات عسكرية تركية من المنطقة ذاتها.
وقالت في تقرير لها إن الجيش التركي شن في مارس/آذار 2017 عملية برية اخترق فيها أراضي إقليم كردستان بعمق 30 كم في منطقة برادوست، وأسس لنفسه مواقع على الجبال الممتدة من (كلي رش إلى سرزيلوك - خليفان)، إلا أنه بدأ منذ 19 يناير/كانون الثاني الجاري الانسحاب من بعض المرتفعات.
وأكدت أن من بين تلك المواقع التي أخليت، جبل (ديل) المشرف على كامل منطقة برادوست في محافظة أربيل، حيث استقرت القوات التركية عليه منذ نحو ثلاث سنوات، وأنشأت قلعة، وبطارية مدفعية، قبل البدء في إخلاء بعض المواقع في (جبل ديل، سرزيلوك، سفوح ليلكان).
ونقلت المحطة عن أحد السكان المحليين تأكيده مغادرة الجنود الأتراك قمة جبل ديل، لكنه أشار إلى وجودهم بمناطق قريبة في بعض المرتفعات، متحدثا في الوقت ذاته عن عدم ملاحظته وجود مسلحي حزب العمال في المنطقة.
قيادي في البشمركة: الانسحاب جاء بسبب تقدم قواتنا مع حرس الحدود
وعلّق قائد قيادة المنطقة في قوات البشمركة، بهرام عريف ياسين، على الانسحاب بالقول، إن "السبب في انسحاب القوات التركية هو تقدم قوات البشمركة وحرس الحدود العراقيين، فقد استقرت هذه القوات في مناطق (بردة بفر، سبيندارة، مرتفعات ليلكان) وأنشأوا قلاعاً عسكرية، وفي السابق لم يكن أحد يستطيع الذهاب إلى تلك المواقع".
وأضاف أيضا، في تصريح للمحطة التلفزيونية ذاتها، بالقول: "هناك تنسيق، والمواقع التي تستقر فيها قوات البشمركة وحرس الحدود تنسحب منها القوات التركية، والهدف الوحيد هو حفظ أمن الجانبين".
وفي الخامس من ديسمبر/كانون الأول الماضي، قال الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة في العراق، اللواء يحيى رسول، إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، "وجّه بالمباشرة في الإمساك بالخط الصفري من حدود العراق مع إيران وتركيا، من خلال قوات حرس الحدود".
ولفت إلى أن الانتشار يهدف إلى "إنهاء الخروقات والهجمات والصراعات المتبادلة بين القوات المسلحة للبلدين (تركيا وإيران) مع الأحزاب الكردية المناهضة، لتباشر وعلى الفور قيادة قوات حرس الحدود بهذه المهام الموكلة إليها"، كما أشار إلى أن السوداني أمر بـ"تعزيز إمكانيات تلك القيادة بالأسلحة والمعدات والأشخاص، بما يضمن أن تمسك الحدود بشكل جيد".
القوات التركية ما زالت تحتفظ بنقاط استراتيجية ومؤثرة
في المقابل، قال مسؤول في اللواء 80 بقوات البشمركة لـ"العربي الجديد"، إن القوات التركية سبق وأن أخلت مناطق أخرى قرب مدينة العمادية شرق دهوك، مضيفا أن "السبب يعود إلى إكمال الجيش التركي مهمته في ضرب مواقع وتحصينات لحزب العمال الكردستاني بالدرجة الأولى، وهذا قد يكون بمثابة رسالة حسن نية للعراقيين بشأن سبب العمليات التركية في أراضي إقليم كردستان، بأنها دفاعية أو وقائية".
وأكد أن القوات التركية ما زالت تحتفظ بنقاط استراتيجية ومؤثرة داخل الأراضي العراقية الحدودية في إقليم كردستان، تمنحها الأفضلية في ضرب مواقع وتحركات حزب العمال، وكذلك تشكل حاجز صد يمنع تسلل مسلحي الحزب إلى داخل تركيا، من بينها قمة جبل متين التي ما زالت بيد الجيش التركي.
انسحاب بسبب سوء الأحوال الجوية؟
لكن الناشط السياسي الكردي محمد خوشناو قال لـ"العربي الجديد"، إن عامل الطقس والثلوج والضباب الذي يلف المنطقة في بعض الأيام، قد يكون سببا آخر في تفضيل الجيش التركي ترك بعض المواقع غير المهمة عسكريا، تجنبا لأي هجمات أو كمائن لمسلحي حزب العمال الكردستاني.
وأضاف أن المعلومات الحالية المتوفرة غير دقيقة، لأن المناطق التي يجري الحديث عنها منزوعة السكان بشكل شبه كامل، لكن من المؤكد أن الانسحاب محدود من بعض المناطق غير المهمة أو غير الاستراتيجية للجيش التركي.
وتتوقع هيئة الأرصاد الجوية في إقليم كردستان موجة واسعة من الثلوج تغطي مرتفعات شمال أربيل وشرقي دهوك خلال الأيام المقبلة.
وتستهدف العمليات التركية المتواصلة منذ منتصف عام 2021، مقار وتحركات عناصر حزب العمال الكردستاني في عدة مناطق شمالي العراق ضمن إقليم كردستان، تقع أغلبها بمحاذاة الحدود مع تركيا، أبرزها سلسلة جبال قنديل، الواقعة في المثلث العراقي التركي الإيراني، وسوران وسيدكان وزاخو والزاب، وحفتانين وبرادوست، وكاني ماسي، شمال أربيل وشرقي دهوك.
وتمكنت تلك العمليات خلال الفترة الماضية من تحييد المئات من مسلحي الحزب وتدمير مقار ومخازن سلاح ضخمة تابعة له، وفقا لبيانات متكررة تصدرها وزارة الدفاع التركية. بينما يؤكد مسؤولون أتراك أن العمليات تنطلق من حق أنقرة في الدفاع عن أمنها، وتطالب بغداد بمنع تحوّل الأراضي العراقي إلى مصدر تهديد للجيران.
ومطلع الشهر الحالي، بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال اتصال هاتفي، عددا من الملفات المشتركة بين البلدين، وفقا لبيان رسمي عراقي قال إن الملفات ركزت بالمجمل على "التعاون الاقتصادي، وجهود ضبط الحدود المشتركة، والتنسيق لملاحقة المجاميع الإرهابية في الحدود المشتركة بين البلدين".
في المقابل، نقلت وكالة أنباء الأناضول التركية، بيانا للرئاسة التركية، ذكر أن أردوغان أكد للسوداني ضرورة إنهاء وجود تنظيم العمال الكردستاني الإرهابي على الأراضي العراقية، لما فيه صالح الأمن القومي للعراق، مشيرًا إلى أن "أنقرة تولي أهمية إلى أمن واستقرار العراق ووحدة أراضيه بقدر ما توليه من أهمية لتركيا".