معدلات غير مسبوقة للعنف الأسري تجاه النساء والأطفال (حسين فالح /فرانس برس)
كشفت لجنة المرأة والأسرة في البرلمان العراقي، يوم الثلاثاء، سعيها لتمرير قانون مناهضة العنف الأسري، وسط دعوات إلى تحمل البرلمان مسؤولية تمريره لما للعنف الأسري المستشري في البلد من مخاطر مجتمعية كبيرة.
يجري ذلك فيما تدق منظمات حقوقية عراقية ناقوس الخطر في تقاريرها، مؤكدة تسجيل معدلات غير مسبوقة للعنف الأسري في عموم البلاد، تجاه النساء والأطفال وكبار السن، زادت عن 15 ألف حالة عنف خلال العام 2021، الأمر الذي يدفع باتجاه محاولات تمرير القانون الذي صوت على مسودته مجلس الوزراء في صيف العام 2020، إلا أن البرلمان لم يتمكن من تمريره حتى الآن.
وخلال الأيام الأخيرة، أجرت لجنة المرأة والأسرة والطفولة في البرلمان عدة اجتماعات مع منظمات للمجتمع المدني، بحثت خلالها القانون وإمكانية صياغته بشكل مقبول، وعرضه على التصويت.
ووفقاً لعضو اللجنة، النائبة بدرية إبراهيم البرزنجي، فإن "الاجتماعات بحثت الخروج بصيغة مقبولة لمشروع قانون العنف الأسري"، مؤكدة في تصريح للصحافيين ببغداد، أمس الثلاثاء، أن "اللجنة تسعى إلى تمرير القانون الذي ما يزال مرحلاً من الدورات السابقة".
وأشارت إلى أن "اللجنة ما تزال في مرحلة تداول القانون ولم تجرِ تعديلات أو تغييرات عليه"، مؤكدة أن "الغاية من إقرار مشروع القانون هي الحفاظ على الأسرة العراقية، وليس تفكيكها".
تتمثل حالات العنف الأسري في العراق بالعنف اللفظي والجسدي، وزواج القاصرات بالإكراه وغير ذلك من الحالات التي تم تسجيل الكثير منها في المحاكم العراقية.
من جهتها، دعت الناشطة في مجال حقوق الإنسان، ابتهال المعموري، إلى ضرورة أن يتحمل البرلمان العراقي مسؤولية تمرير القانون خلال الفترة القصيرة المقبلة.
وقالت المعموري، لـ"العربي الجديد"، إن "حالات العنف الأسري تتصاعد بشكل مستمر في العراق، وإن استمرار الحال على ما هو عليه من دون الدفع باتجاه تمرير القانون بصيغة تمنع الانتهاكات الأسرية والتعنيف، ستكون له نتائج وخيمة على المجتمع العراقي".
وأكدت أن "العنف الأسري هو بالنتيجة عنف مجتمعي وآثاره خطيرة على المجتمع"، مشيرة إلى أن "الانعكاسات النفسية لدى المعنفين تدفع باتجاه ارتكاب الجرائم واللجوء إلى الممنوعات وغير ذلك من التصرفات الخطيرة، الأمر الذي يستدعي إخراج القانون من دائرة المزايدات السياسية والدفع باتجاه تمريره بأقرب وقت".
ونتيجة الضغط الذي مارسه الحقوقيون، أقرّ مجلس الوزراء العراقي في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2020 مشروع قانون "مناهضة العنف الأسري"، ومرّره إلى البرلمان.
لكن القانون لم يشرّع حتى الآن بسبب معارضته من قبل جهات سياسية في البرلمان، وخصوصاً تلك المنتمية إلى الأحزاب الدينية التي ترى أن فيه استنساخا غربيا لا يناسب المجتمع العراقي، بسبب احتواء القانون على بنود تتضمن تكفل الدولة بحماية الضحية المعنفة وتوفير مأوى للنساء منهم، وتمكينهن ماديا ووظيفيا وعلميا، ضمن برنامج إعانات متكامل.
وأبرز الجهات المعارضة لإقرار القانون، هي حزب الدعوة وحزب الفضيلة، اللذان يجدان في القانون تعارضاً مع مبادئ الإسلام في تربية الزوجة والأولاد.
وما زال العراق يعتمد على مواد تشريعية ضمن القانون 111 لسنة 1969، والتي تسمح للزوج والأب بـ "تأديب الأبناء أو الزوجة ضرباً ما دام لم يتجاوز حدود الشرع". وتورد المادة الـ 41 من قانون العقوبات أنّه "لا جريمة إذا وقع فعل الضرب استعمالاً لحق مقرر بمقتضى القانون". ويعتبر القانون ذلك استعمالاً لحق تأديب الزوج لزوجته، وتأديب الآباء والمعلمين للأولاد القُصَّر. وعادة ما تلجأ الشرطة إلى فرض تعهدات على المسبب للضرر إن كان والداً أو والدة أو زوجاً، وتكتفي بإجراء "مصالحة" بين الطرفين في بعض الأحيان، وإن كان الطرف المسبّب هو الأب، تُلزم الأطفال بالعودة إلى المنزل.