تحولت شاحنات لنقل البضائع قادمة من العراق نحو سوريا إلى كتلة من نار بعدما أمطرتها مسيرات مجهولة المصدر بوابل من القذائف، وأحرقتها بشكل كلي بالقرب من مدينة البوكمال الحدودية. ووفق المعلومات الواردة فقد بلغ عدد الشاحنات المحترقة 6 مركبات مغلقة، وبحسب مصادر ميدانية تم نقل الجرحى عبر سيارات الإسعاف، ولم تفض إحصائية دقيقة عن عدد قتلى الاستهداف، كما لم تعلن أية جهة عن مسؤوليتها حتى الآن.
وتحدثت المصادر نفسها عن سماع دوي انفجارات متلاحقة في وقت متأخر، مساء أمس الأحد، في حين هرعت سيارات الإطفاء والإسعاف إلى مكان الحادثة. ومن المرجح أن تكون المسيرات تابعة للتحالف الدولي، بينما يقول متابعون إن الشاحنات تعود لفصائل عاملة مع الحرس الثوري الإيراني، حيث إن "المنطقة تخضع لنفوذها".
في المقابل، نفت مصادر مقربة من قياديين بالفصائل الإيرانية العاملة في سوريا لـ"اندبندنت عربية" وجود سلاح داخل الشاحنات، مشيرة إلى أنه "من غير الممكن في هذه المرحلة الحساسة وصول أسلحة إلى سوريا عبر الحدود العراقية، والأجواء كلها مراقبة".
أسلحة إيرانية
من جهته، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن "ست شاحنات تبريد تعرضت لاستهداف من طائرات مجهولة في ريف مدينة البوكمال الحدودية بعد عبورها من العراق"، من دون أن يتمكن من تحديد هوية الجهة التي استهدفتها.
وأضاف مدير المرصد رامي عبدالرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية أن "الشاحنات كانت تنقل أسلحة إيرانية"، وأن الضربات أدت إلى تدمير الشاحنات ومقتل وإصابة من بداخلها، من دون تحديد عدد الضحايا.
وأفاد بدخول قافلتين مماثلتين على الأقل خلال هذا الأسبوع من العراق، أفرغتا حمولتهما في مدينة الميادين، مرجحاً نقلها "أسلحة متطورة" إلى مجموعات موالية لطهران. وتتعرض المنطقة بين الحين والآخر لضربات مماثلة، تطاول تحديداً تحركات لمجموعات موالية لطهران.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع قائلاً، "حلقت طائرات مجهولة في أجواء الحدود السورية ـ العراقية تزامناً مع سماع دوي انفجارات في المنطقة، قبل يومين دخلت شحنات تبريد لـ(حزب الله) محملة بالأسلحة، وأفرغت حمولتها في الميادين بريف دير الزور".
ويستبعد الباحث في شؤون السياسة الخارجية محمد الهويدي في تصريح خاص رواية شحنات الأسلحة بسبب ما تشهده إيران من توترات، ولا سيما ما تعرضت له من قصف أخير في أصفهان، مضيفاً "هذا التصرف عبر إرسال شحنات أسلحة كمن يشعل المنطقة القابعة على صفيح ساخن". وأردف، "الأمر قريب من الواقع، لا يمكن بهذا التوقيت استخدام الحدود البرية كونها مراقبة من قبل التحالف الدولي، وتحديداً الأميركيين، الأوضاع متوترة على الحدود السورية والعراقية، وهذا التوتر يمكن ملاحظته على طول الحدود، ومن الحماقة في هذا التوقيت إرسال وتمرير سلاح لـ(حزب الله) أو لسوريا".
ويرى الهويدي، "على المدى البعيد توجد بدائل وطرق أخرى يمكن تمرير السلاح خلالها إلى سوريا والفصائل الإيرانية، ولكن النشاطات المتعلقة من هذا النوع متوقفة بشكل كبير".
وأضاف، "هناك ضغط كبير على إيران، والوقت غير مناسب، وهذا ما سيدفع إلى تهدئة إيرانية لأن المعلومات تشير إلى جدية أميركية أكثر من أي وقت لضرب أي قوات تابعة لإيران أو قوى مرتبطة معها، لذلك ستتوقف إمدادات السلاح بلا شك".
يأتي كل ذلك تزامناً مع قرار السماح لشاحنات البضائع بالعبور عبر الحدود العراقية والسورية بعد توقف دام طيلة فترة قيود كورونا، الأمر الذي وجده متابعون فرصة لأن يكون غطاءً لزيادة النشاط العسكري الإيراني، لا سيما نقل قواتها العاملة من الجنوب إلى الشرق، ومحاولة بسط سيادتها على مناطق حدودية مع العراق لأهداف تجارية واقتصادية وعسكرية، لكن من جهة ثانية يعتبر الهويدي أن ما حدث يأتي "ضمن تضييق الخناق على سوريا من كل الاتجاهات ووقف التجارة مع العراق، إضافة إلى ما يحمله من رسائل تحذيرية". ويرى في الوقت نفسه أن واشنطن لن تسمح بالتجارة مع أي دولة مجاورة، مضيفاً، "يمكن ملاحظة عرقلتها لتمرير خط الغاز العربي من سوريا، الضربة تحمل رسائل متعددة، وأهمها رسالة تحذير لإيران".