ارتفع سعر الدولار إلى نحو 1690 ديناراً عراقياً (Getty)
تشهد السوق العراقية، منذ صباح اليوم الثلاثاء، حالة من الإرباك نتيجة الارتفاع القياسي الجديد لسعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي، حيث سجَّلت أسعار البيع في بورصة بغداد 1690 دينارا عراقيا للدولار الواحد، والشراء 1670 دينارا مقابل الدولار الواحد.
وتسبب هذا الارتفاع المتواصل في سعر صرف الدولار بارتفاع معدلات التضخم في السوق المحلية، والذي رافقه انخفاض شديد في القدرة الشرائية، التي صاحبتها حالة من الركود داخل السوق.
وتوقع مختصون أن قيمة الدينار العراقي ستواصل الهبوط بالتزامن مع كل ارتفاع في قيمة الدولار وسعر صرفه المتداول في السوق المحلية، لأسباب متعددة، في مقدمتها النظام التجاري العراقي غير المنظم، والذي بموجبه يتم سحب العملة الصعبة من السوق الموازية بأسعار عالية، وهو ما ساعد على انخفاض الكمية المعروضة من العملة في السوق.
تداعيات ارتفاع الدولار
ويرى الباحث الاقتصادي علي العامري أن ارتفاع سعر صرف الدولار أثر بشكل مباشر على مستوى الأسعار وأدى لاضطرابات في الهيكل التنظيمي للسوق المحلية، والناتجة عن طبيعة التعاملات التجارية والقوة الشرائية.
وأضاف العامري، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن اضطراب الحركة التجارية ساهم في ارتفاع مستويات أسعار المواد، ما انعكس سلبياً على مؤشرات التضخم في الأسعار، وهو ما ولّد حالة من الركود الاقتصادي بسبب قلة المعروض من العملة الأجنبية وصعوبة الحصول عليها بسبب إجراءات البنك المركزي الأخيرة.
وأشار إلى أن "قلة المعروض من العملة الأجنبية مع الارتفاع المتزايد في الطلب عليها، وضع السوق في موقف لا تحسد عليه، ما أثر إلى حد كبير على القدرة الشرائية للمواطن العراقي".
وشدد العامري على أن أزمة الدولار خلفتها الصراعات وسوء الإدارة وعدم وجود رؤية سياسية ومالية يمكن أن تضع استراتيجية شاملة تعالج الأزمات الاقتصادية والمالية التي تتعرض لها السوق المحلية، متوقعاً أن سعر صرف الدولار لن ينخفض، إنما سيرتفع ليصل إلى عتبة الـ200 ألف دينار بشكل تدريجي.
وحذر من مغبة هذا الارتفاع، لأنه سيتسبب بالضرر الكبير لملايين العراقيين من أصحاب الدخل المحدود، وممن هم تحت مستوى خطر الفقر، إذا لم يتم إيقاف انهيار العملة المحلية في البلاد، مع ضرورة الحد من عمليات التهريب وخفض الإفراط في الاستيراد.
وطالب العامري الحكومة العراقية بضرورة اتخاذ قرارات واقعية وصارمة تجاه ملف تهريب العملة وخروج الدولار، فضلاً عن السعي لإحياء موارد الإيرادات غير النفطية لتحقيق بدائل اقتصادية يمكن لها أن تحقق النمو الاقتصادي الوطني.
استمرار الأزمة
وقال الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني إن المشكلة الأساسية التي يتم بموجبها هذا الارتفاع المتواصل في سعر الدولار تتعلق بالتحويلات النقدية وعدم وجود تنظيم في النظام التجاري العراقي.
وأضاف المشهداني، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أن هناك نسبة كبيرة من التجار والمتعاملين في القطاع التجاري يرفضون إجراء الحوالات الرسمية من خلال البنوك، ما يدفعهم إلى زيادة الطلب لشراء الدولار من السوق الموازية بأسعار عالية، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار أكثر خلال الأيام القادمة.
من جانبها، أوضحت النائبة في البرلمان العراقي ابتسام الهلالي أن الارتفاع الأخير لسعر صرف الدولار له أسباب خارجية وأخرى داخلية، انعكست بشكل كبير على القوت اليومي للمواطن العراقي.
وقالت الهلالي، في تصريحات لوسائل إعلام عراقية، إن هذا الارتفاع في سعر الصرف يقف خلفه المضاربون وبعض التجار في الأسواق الثانوية للصرف، وأن هناك تلاعباً واضحاً يقف خلفه متنفذون يسيطرون على السوق المحلية.
وأشارت إلى أن "أزمة الدولار هي جزء من الرسائل التي تبعثها الولايات المتحدة الأميركية لحكومة السوداني، بهدف الضغط على الحكومة للحد من خروج العملة الصعبة من العراق بالشكل غير القانوني".