أميركا وإسرائيل "يدا بيد" لضرب إيران ووكلائها

آخر تحديث 2023-02-01 00:00:00 - المصدر: اندبندنت عربية

اعتبر الإسرائيليون أن الضمانات التي حصل عليها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بالدعم الأمني وتعزيزه وما تمخض عن نتائج لقاءاته المتعلقة بالملف الإيراني الإنجاز الأكبر الذي تحققه تل أبيب من هذه الزيارة.

فقبل أن يغادر بلينكن متوجهاً إلى رام الله وفور الانتهاء من لقائه زعيم المعارضة يائير لبيد، اليوم الثلاثاء، كشف مسؤولون أمنيون وعسكريون ومصادر سياسية إسرائيلية عن التنسيق التام بين الجانبين حول الضربات الثلاث التي وجهت ضد أهداف إيرانية في أقل من 48 ساعة قبيل وصول وزير الخارجية الأميركي وبعد أيام قليلة من زيارة رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ويليام بيرنز إلى تل أبيب.

وبحسب مسؤول سياسي فإن "إسرائيل ما كانت لتدخل نفسها في إحراج أمام ضيفها الأميركي لو لا ذلك التنسيق بين الطرفين الذي تم طرحه أمام بيرنز قبل وصول بلينكن".

ثلاث هجمات جوية شملت هدفاً داخل إيران، بحسب تقرير إسرائيلي، هو موقع لإنتاج وسائل قتال دقيقة ومتطورة في أصفهان، ثم هجمتان صاروخيتان على سيارات شحن في الجانب السوري من الحدود السورية - العراقية قالت تل أبيب إنها قوافل كانت تنقل أسلحة من إيران.

العمليات الإسرائيلية هذه في مقابل ما تعهد به بلينكن لجهة تعزيز الدعم الأميركي لتل أبيب أثارت ارتياحاً في المؤسستين الأمنية والسياسية اللتين تتفقان على ضرورة منع وصول إيران إلى دولة نووية، لكن لم يخف الإسرائيليون في الوقت ذاته قلقهم من انتقام طهران حيال هذه الهجمات، مما استدعى عقد اجتماعات بين جميع الجهات ذات الشأن للبحث في سبل مواجهة رد محتمل.

سيناريوهات الرد

الجيش الإسرائيلي وفي أعقاب لقاءات لتقييم الوضع وسبل التعامل مع الرد الإيراني المحتمل شارك فيها مسؤولو أجهزة الأمن، أعلن رفع حال التأهب بصفوف جميع وحداته العسكرية براً وبحراً وجواً وسط مخاوف من شن هجوم صاروخي أو عبر طائرات مسيّرة تحمل متفجرات من اليمن أو سوريا ضد أهداف إسرائيلية.

أجهزة الأمن اعتبرت أن الرد الإيراني الأسهل سيكون عند الحدود الشمالية، سواء من جهة لبنان أو سوريا، إلى جانب استخدام الطائرات المسيّرة، مما دعا الجيش إلى تعزيز قواته على طول الحدود الشمالية وتكثيف نشاطه الاستخباري في المنطقة الحدودية.

كما وضعت أجهزة الأمن سيناريوهات الرد باستهداف سياح إسرائيليين أو رجال أعمال في الخارج أو سفارات وممثليات تابعة لوزارة الخارجية الإسرائيلية.

لكن عسكريين وأمنيين سابقين استبعدوا جميع السيناريوهات التي وضعتها أجهزة الأمن ويستعد الجيش الإسرائيلي للتصدي لها، إذ أوضح الرئيس السابق لقسم العمليات في الجيش يسرائيل زيف أن إيران لن تخطو خطوة من شأنها توريط لبنان في صدامات مع إسرائيل.

وقال زيف إن توقعات الرد عبر الحدود الشمالية أقل احتمالاً من أي سيناريو آخر، مضيفاً "سيكون من الأسهل على طهران تنفيذ عمليات ضد شخصيات إسرائيلية أو سياح في الخارج، أو أهداف يصل إليها الإسرائيليون في دول عدة وهناك نشطاء لإيران داخلها".

وحذر من عدم التعامل بجدية مع تهديدات طهران ودعا السياح إلى توخي الحذر والاحتياط خلال السفر والامتناع عن التوجه إلى دول قد لا تكون آمنة للإسرائيليين، مؤكداً "لا نستطيع تأمين الإسرائيليين في أي مكان في العالم وعندما يهدد الإيرانيون فإنهم يميلون إلى تنفيذ تهديدهم".

عقيدة الأخطبوط

التقارير التي نشرتها أجهزة الأمن الإسرائيلية ولم تخف فيها القلق من سيناريوهات الرد الإيراني المحتملة على العمليات الثلاث الأخيرة، أعادت النظر إلى أجندة تل أبيب السياسية تجاه طهران التي شهدت تعديلات في حكومة لبيد – بينيت السابقة وبموجبها تم تبني سياسة "الموساد" وأجهزة الاستخبارات بعدم اقتصار مواجهة الخطر الإيراني على مشاريعها النووية فقط، بل مواجهة تموضعها في سوريا أيضاً ومنع تعزيز قدرات وكلائها في المنطقة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هناك من يرى أن الهجمات الثلاث تعكس سياسة نتنياهو التي يتبنى بموجبها ما سبق أن أطلق عليه "عقيدة الأخطبوط" التي صادق عليها الرئيس السابق نفتالي بينيت واستمر في العمل بها يائير لبيد والآن نتنياهو.

ووفق هذه العقيدة تضع إسرائيل بنك أهداف لها لا يقتصر على داخل إيران، بل يطاول المناطق الأخرى حيث لها وجود وتسعى إلى تقوية نفوذها وانتشارها فيها، خصوصاً سوريا.

عندما عرض بينيت تلك العقيدة قال حينها إن "الحديث يدور حول الانتقال من حرب على الحدود إلى هجوم داخل إيران، ليس فقط في السياق النووي، بل أيضاً لمواجهة وكلائها بالمنطقة".

صحيفة "يديعوت أحرونوت" أوردت في تقرير لها أن "الاستراتيجية التي يتبعها نتنياهو في مواجهة طهران ولا تقتصر على العمليات داخل إيران فقط، تعكس تغييراً فكرياً يتبنى الفكر القتالي لـ’الموساد‘ ضد إيران أكثر من فكر الجيش الإسرائيلي، بحيث إن هناك نقطة خلاف بين الأجهزة منذ أعوام طويلة".

وقالت الصحيفة "على مدى السنين يتصدر الجيش المعركة التي تستهدف توجيه ضربة شديدة إلى محاولات إيران بناء جبهة ثانية ضد إسرائيل في سوريا وضربة جوهرية لمشروع الصواريخ التابعة لـ’حزب الله‘. وبرأي الجيش فإنه من أجل مواصلة الجهد يجب الحفاظ على حدود حذرة، بحيث لا تؤدي الأمور إلى حرب شاملة".

توثيق التعاون مع أميركا

من أجل أن تحقق إسرائيل أهدافها تجاه طهران، تسعى بحذر إلى الحفاظ على علاقاتها مع الولايات المتحدة، فاليوم أكثر من أي وقت مضى وكما انعكس من تسريبات اللقاءات مع بلينكن، تدعم واشنطن العمليات ضد إيران، ليس فقط في سياق دعم إسرائيل، كما حاول نتنياهو والمقربون منه إبرازه، إنما أيضاً في أعقاب توثيق العلاقة العسكرية بين إيران وروسيا.

وتطرق تقرير حديث إلى هذا الجانب، مشيراً إلى أن توثيق العلاقة العسكرية بين طهران وموسكو وخط نقل المسيّرات الانتحارية المفتوح الذي نشأ بين الجانبين، يدفعان الأميركيين إلى الاهتمام أكثر فـأكثر بالنشاط الذي تنفذه تل أبيب في الشرق الأوسط ضد إيران.

وقال التقرير إن الأميركيين يلمحون أكثر إلى أنهم سيعملون على ضرب محور نقل السلاح من إيران إلى روسيا، ولما كان هذا السلاح ينقل في خط مباشر بين البلدين فإن الطريق المركزي للتشويش عليه هو ضربه على الأراضي الإيرانية.

وأضاف "من هنا ففي هذه المواضيع توثقت أوجه التعاون العسكري بين تل أبيب وواشنطن، حتى لو كان الحديث يدور حول هجوم إسرائيلي فمن غير المستبعد وجود تعاون بين الطرفين مع توقعات أن يتعزز مستقبلاً أيضاً، بحيث تنفذ هجمات أخرى يتصدرها الأميركيون وليس إسرائيل".